‘دي ميستورا: الروس يريدون مخرجًا يجنبهم الوقوع في أفغانستان جديدة’

30 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2016
5 minutes

أكد دي ميستورا أن فحوى محادثاته السابقة مع الرّوس كشفت له أنهم يبحثون عن مخرج يجنبهم الوقوعَ في أفغانستان جديدة، مرجّحًا أن الحملة الروسية الشرسة على حلب تأتي بهدف تسريع الوصول إلى حل سياسي، ولكن بعد تغيير المعادلات العسكرية على اﻷرض، ومحذّرًا من أن عدم الوصول لذلك الحل سيوقع روسيا في مستنقع سيستنزفها لسنوات طويلة. 

واعتبر دي ميستورا في حوار له مع صحيفة السفير اللبنانية المقرّبة من حزب الله ونظام اﻷسد أن معارك حلب قرّبت ما أسماه “لحظة الحقيقة” في سوريا، سواء انتصر نظام اﻷسد وحلفاؤه مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض، أم تمّ التوصل لتسوية “اللحظة الأخيرة الممكنة” بين موسكو وواشنطن لعزل جبهة فتح الشام.

وحذّر دي ميستورا روسيا من أنها ستكون أمام أفغانستان جديدة، عالية الكلفة على كل الصعد: وراثة بلد ممزق، مع حرب استنزاف طويلة، مع مخاطر تنبعث في الداخل الروسي، وسط عزلة اقتصادية.

وأرجع دي ميستورا تفاؤله بإعادة جنيف بأنه يعوّل على حقيقة أن الجميع يدرك، حتى نظام اﻷسد أن النصر العسكري ليس كافيًا في حلب، وأن هناك حاجة أيضًا لإعادة إطلاق سياسة للحوار؛ لأنه لن يكون هناك حل عسكري مستدام من دون حلّ سياسي.

وعبّر عن تصوّره للحل المتمثّل برضوخ جميع الأطراف لتقاسُم حقيقي للسلطة، يتم فرضه بضغوط روسية وأمريكية، أما مسألة الفعالية المنتظرة للضغوط فتأتي من مصدرين أولهما خطة كيري – لافروف السابقة وثانيهما اعتبار أن “تشارك السلطة” سيكون ضرورة حتمية لهزيمة تنظيم الدولة، في حال قرّر دونالد ترامب تنفيذ أولويته السورية بالشراكة مع روسيا كما أعلن سابقًا.

وأجمل دي ميستورا فحوى محادثاته مع المسؤولين الروس، بقوله إنهم “يبحثون عن استراتيجية للخروج” متسائلًا: “هل سيكون عرض عمل جيد أن تعلق في سوريا لعشرين سنة مقبلة، مع استنزاف ربما في المناطق الريفية، إلى جانب توقُّف الأعمال مع السعودية والكويت وقطر والإمارات؛ لأنه سيكون الوجه الآخر للعملة، ومع كثير من الناس داخل روسيا هم حقيقة من المسلمين السنّة، ثم الانتظار أن يكونوا منخرطين في إعادة الإعمار وبأيّ أموال؟”.

كما اعتبر أن حديث روسيا عن المصلحة في إيجاد تسوية صحيح جدًّا، موضحًا أنه يصدق شخصيًّا أنه ليس لديهم أي مصلحة في وراثة سوريا مُمزَّقة، وأن “النصر” في حلب، إذا تمّ، يجب التأقلم معه؛ لأنه “حينها سيكون علينا أن نعبر الجسر لنرى ما بعده”.

وعبّر عن أمله في أن تقول روسيا للأسد: “لقد حان الوقت للتفاوض، فهو لم يفعل ذلك إلى الآن، وهنا لحظة الاختبار، فحينما كانوا يأتون إلى جنيف يقولون ببساطة: لا شيء يمكن لمسه، مستعدون لحكومة وحدة وطنية، ماذا تعني حكومة وحدة وطنية؟ هل تعني تعيين وزير للزراعة أو وزير للآثار، أم يكون هناك حقًّا تشارك للسلطة مبني على حكومة شاملة؟ هنا الاختبار”.

وقال المبعوث الدولي: إن تصوره هو صيغة “لا غنى عنها” لأي شراكة بين دونالد ترامب وموسكو لهزيمة تنظيم الدولة، مشددًا على أن ذلك له ترجمةٌ واحدة: العودة لمرجعية “إيجاد صيغة جديدة شاملة للحكم في سوريا” وفق القرار الدولي 2254.

ورجّح أن ما يجري هو “تسريع للحصول على نتيجة عسكرية يمكن بطريقة ما تغليفها في إطار سياسي” الأمر إذًا يدور في فلك تحسين الموقع التفاوضي للانتقال بثقة إلى طاولة المفاوضات، أو بترجمة أخرى من كلماته، إنهاء صلاحية فرضية “لا مفاوضات إلا على رحيل الأسد”.

أما الحديث عن تقسيم سوريا، كحلّ أخير، فيرى المبعوث الدولي أن ذلك لن يحصل لأن “لا أحد يريده، وسوريا يجب أن تكون دولة واحدة” إلا أن “هذا لا يعني أنه لا يمكن أن تكون هناك لامركزية إدارية، وأنه في نهاية الصراع لا يكون هنالك اعتراف بأن الحقائق على الأرض غيّرت طريقة الإدارة المحلية”.

وكان وزير الخارجية الروسي انتقد دي ميستورا منذ عدة أيام صراحةً، واتهمه هو واﻷمم المتحدة بتقويض الحل السياسي في سوريا، داعيًا للبحث عن حلّ خارج إطار المنظمة اﻷممية.