شاب من الغوطة يصنع من القذائف والقنابل قطعاً فنية

30 نوفمبر، 2016

 

“قذيفة دبابة، قنابل عنقودية، وصندوق ذخيرة” قد لا تكون أدوات للقتل بالضرورة، ذلك أن الأمر مرتبط بالإنسان الذي يستخدمها ويوظفها، فكيف إذا وصل به الأمر إلى تحويلها لمادة فنية؟ هذا ما فعله ابن ريف دمشق، ليطلق على مشغولاته اسم “الرسم على الموت”. 

تحف فنية مبهرة صنعها فنان عَرف كيف يحول أسباب الموت الى فن، لتتوج أعماله الصحف والمعارض العالمية.

“جاءت فكرة الرسم على الموت، منذ اقتنائي لأول قذيفة هاون”، عبارة بدأ بها ابن دوما الفنان “أكرم أبو الفوز” حديثه لـ صدى الشام “، وتابع:” كانت الفكرة تجميع بعض مخلفات الحرب لأصنع لهم ركناً في إحدى زوايا منزلي، لتبقى شاهداً على ما مررنا به في الثورة، وجاءتني فكرة الرسم عليها لأضيف ما ينقصها من جمالية وأبعد صبغة الموت عنها ومن هنا بدأ هذا العمل”.

 

 رحلة صعبة في عالم الفن

كل فنان يحمل في طيات أعماله رسالة للناس ليوصل أفكاره عبر صورة أو لوحة أو منحوتة، وما أراد إيصاله “أبو الفوز” راقٍ رُقيّ أعماله، وعن ذلك يقول “رسالتي من هذا العمل أن لكل إنسان في بيئته قراءته المختلفة ولكن بشكل عام هناك مدلول تم الإجماع عليه وهو السلام والعراقة”، ويضيف “أردت من خلال أعمالي أن أقول أننا لسنا إرهابيين ولدينا ثقافة جذورها ممتدة منذ بداية الخلق”.

لم تكن رحلة أبو الفوز في عالم الرسم سهلة، ولم يكن تأمين المواد اللازمة بالأمر اليسير، فالعوائق التي تقف في طريقه جعلته مضطراً أحياناً للتوقف عن عمله هذا، إذا يشير أبو الفوز الى أنه “افتقد المواد بسبب ارتفاع الأسعار وعدم القدرة على شرائها، أو بسبب حصار الغوطة الشرقية الذي جاوز الأربع سنوات، ما أدى لفقدان أغلب هذه المواد، ما اضطره أحياناً إلى شرائها من البلدان المجاورة لسوريا، الأمر الذي يحتاج لوقت طويل ومبالغ مضاعفة”، وأردف “لدي نقص في المواد بشكل كبير حتى أنني أحياناً أستبدل مواد وألوان بأخرى أقل جودة لإتمام أعمالي، كالاستعاضة عن الألوان المخصصة لهذا الفن بالدهان”.

ويضيف ابن غوطة دمشق الذي صهر الموت في الفن:”إن أكثر الألوان والمواد المستخدمة في أعمالي هي شبيهة بالمواد السيليكونية التي تتحول الى مطاطية صلبة بمجرد تعرضها للهواء، إضافة للألوان الزيتية والزجاجية”.

 

 

الوصول للعالمية بالأدوات التي نُقتل بها يومياً

لم يحظَ الشاب المبدع بالدعم المطلوب لإقامة معرض لأعماله في مدينته المحاصرة والمنهكة من القصف، ويؤكد أبو الفوز أن “كل ما قام به من أعمال موجودة لديه في منزله، ولم يقم ببيع أي قطعة، موضحاً أنه كانت له معارض عديدة خارج حدود سوريا، ولكن عن طريق الصور فقط.

وتابع أبو الفوز “لم يكن هدفي في بداية العمل الوصول للعالمية عبر هذا الفن وهذه الأدوات التي نُقتل بها بشكل شبه يومي، ولكن الواقع فرض عليّ الوصول لهذه المرحلة والعمل الدؤوب لإيصال أعمالي لمعارض في أوروبا، لإيصال رسالتي التي أوجهها عبر هذا الفن، لاسيما أني أعتبرها من أسمى رسائل الثورة السورية”.

وذكر أبو الفوز المَعارض التي شارك بها سواءً مع فنانين سوريين، أو بشكل منفرد، وقال لصدى الشام “من أهم المعارض التي شاركت بها -من خلال صور أعمالي- معرض بمناسبة الذكرى الرابعة للثورة السورية أقيم في واشنطن، ومعرضان في السويد، كما شاركت بمعرض في ألمانيا، إضافة لمشاركتي بمعرض في فرنسا، وأقيم معرض لأعمالي في دولة عربية هي قطر، كما قمت بمشروع تقويم مطبوع لعام ٢٠١٦، عدا عن المشاركات في بعض المعارض الثورية في بعض المدن الأوربية والأمريكية”

ومن خلال مشاهدة أعمال أبو الفوز الفنية يمكن ملاحظة العديد منها التي تعود لمناسبة معينة، وحول ذلك يوضح “لم ألتزم في أعمالي بمناسبات محددة، ولكن هناك بعض الأعمال التي كانت حصرية، مثل الذكرى الخامسة للثورة واليوم العالمي للطفل وعيد الأم وتحرير مدينة إدلب وغيرها من المناسبات، كما قمت بصناعة خوذة لرجال الدفاع المدني تكريماً لهم على أعمالهم التي قاموا بها خلال الثورة”.

وأنهى أبو الفوز حديثه الذي غلب عليه المرح برسالة للعالم أجمع، قال فيها “كل الناس في مدينتي من مؤسسات وأفراد وفصائل عسكرية يتوقون للسلام ويأملون بنهاية هذا العدوان على شعبنا المكلوم”.

 

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]