كيف يمكن لترامب أن ينقذ سورية من دون اجتياح


مروان زكريا

00

دخان متصاعد في حلب في سورية، بعد حملة قصف جوية للطيران الروسي، وطيران الحكومة السورية.

في يوم واحد من هذا الأسبوع، حذر المرشح لمنصب سفير الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة الرئيسَ المنتخب، دونالد ترامب، من مغبة التدخل الأميركي العسكري في سورية، بينما أطلقت السفيرة الحالية تهديدات خاوية في ما يخص مستقبل “العدالة” للدماء المهدورة.

على ترامب أن يهمل كلا النهجين. وبدلًا من ذلك، عليه البدء بالعمل على خطط لتخفيف معاناة المدينيين السوريين، وللمساهمة في تشكيل مستقبل البلاد ما بعد الحرب. إذ تؤثر الحرب في سورية على الكثير من المصالح الأميركية، ولا يجب إهمال الأمر، والبقاء خارجه.

هذا ما اقترحه، بشكل أساس، النائب تولسي جابارد (عن دي- هاواي)، وهو من خبراء حرب العراق ويعدّ على نطاق واسع مرشحًا لمنصب الأمم المتحدة، في لقاء مع ترامب يوم الإثنين.

وقال جابارد، وهو الداعم السابق لبيرني ساندرز، بعد الجلسة في ترامب تاور: “اتفقت معه في مخاوفي العميقة من تصعيد الحرب في سورية عن طريق تطبيق ما يدعى منطقة حظر/ أو منطقة آمنة، وما لها من آثار كارثية على الشعب السوري، وعلى بلادنا، والعالم”.

وفي مكان آخر من نيويورك، قرأت سامانثا باور، السفيرة الحالية في الأمم المتحدة، إبان جلسة في مجلس الأمن، أسماء الضباط السوريين الكبار المسؤولين عن جرائم حرب موثقة. وتوعّدت بجلبهم إلى العدالة، مضيفة أن: “ذاكرة العالم المتحضر طويلة”.

حسنًا، سواء كان “متحضرًا” أم لا، فلدى الناس في الشرق الأوسط ذاكرة أطول بكثير من السياسيين الغربيين من جيل التويتر. لن ينسى هؤلاء، بسهولة، أن أميركا، التي كانت يومًا القوة العظمى الأوحد في العالم، قد أهملت سورية حين كانت في أمس الحاجة إلى المساعدة.

وما زاد الطين بلة، كان مجيء الجماعات الكارهة لأميركا، حزب الله، وداعش، والقاعدة. التي خرجت مقوّاة، وموسعة، بتجنيداتها، وخبراتها في أرض المعارك، لتكون أنباء سيئة لمستقبل الحرب على الإرهاب. (كذلك: السماح لإيران بالسيطرة على سورية، كما فعلنا، يشجع حلفاء طهران من الإرهابيين؛ ويدفع بما كان يمكن أن يكون حلفاء، من السنة، إلى التطرف في معاداة الأميركان).

أين أخطأنا؟ في البداية، ولإعادة صياغة ما يقول به وودي آلن، 90 في المئة من نجاح السياسة الخارجية يظهر الآن. ولكن في سورية، لم ننجح.

وليس كافيًا، ولا حتى قريبًا من الكفاية، التعهد بـ”العدالة” المستقبلية لجنرالات أمروا بقصف السوريين في حلب. (حيث يقدّر عدد القاطنين في المناطق المحاصرة بنحو مليون شخص، مع نقص في الطعام، والمرافق الطبية، والمأوى).

ويصح القول، إن التدخل الآن صعب، لأنه منذ العالم 2013 –حين أفرغ الرئيس أوباما تهديده الذي يحذر من تخطي “الخطّ الأحمر” السوري- امتلأ الشاغر في سورية بآخرين. بشكل رئيس، روسيا وإيران. وإذا رغبت الولايات المتحدة الآن في التحرك من الصفوف الجانبية، بأي طريقة ظاهرة، فيتوجب على المخططين العسكريين الأميركان البحث عن مكان لهم في الحرب على العصابات الإرهابية، وداعميها الإقليميين.

ومع ذلك، يتوجب البدء من مكان آخر. فماذا عن تخفيف معاناة المدنيين، بدلًا من وضع جيوش في طرف أو آخر من الحرب؟ سيكون ذلك أكثر من عمل خيري، لأنه سيصب في المصلحة الأميركية.

وفي يوم الإثنين، جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعوته إلى تطبيق منطقة آمنة في الشمال السوري. ومع غطاء جوي أميركي (وكذلك، عساكر على الأرض، على شكل قوات أميركية خاصة) يمكن لتلك المنطقة أن تكون بمنزلة ملاذ للمدنيين السوريين المحاصرين.

قد تقود كذلك إلى إعادة تنظيم أكثر استراتيجية، وبرؤية أكثر أميركية، في سورية المقسمة إلى قطاعات سنية، علوية، وكردية.

نعم، هو أمر معقد. فتركيا مهتمة بمحاربة حلفائنا الأكراد، أكثر من اهتمامها في محاربة داعش أو حزب الله. ولكن لا يمكننا الاعتماد على تركيا (أو على حلفائنا العرب) في فعل الشيء السليم في منطقتهم، إلا إن كنا موجودين هناك بالفعل.

ومن الصحيح أيضًا أن روسيا تسيطر الآن على جزء كبير من المجال الجوي في سورية. وإذا تدخلت الطائرات الأميركية، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تصادم أميركي-روسي فعلي. ولكن أثبتت إسرائيل أنه يمكن تجنب دائرة الخطر؛ فقد ظلت تقصف مواقع لحزب الله الحليف لروسيا، في سورية، منذ قام رئيس الوزراء بينيامين نيتنياهو بتفاهمات مع الرئيس فلاديمير بوتين على كيفية تنفيذ تلك الضربات، دون التعرض لسلاح الجو الروسي. وما من سبب يمنع ترامب من التفاوض على تفاهمات مشابهة.

ولكن لا يمكن لأي من هذا أن يحدث، إن نحن اعتقدنا أن إلقاء المحاضرات على الآخرين حول أهوال الحرب هي “أفعال”. أو القيام بالإعلان المسبّق بأننا سوف نترك الحرب ضد داعش في سورية لروسيا وإيران للتعامل معها.

في الحملة الانتخابية، كانت حملة ترامب تتشبه بأغنية الرولينغ ستونز “لا يمكن لك أن تحصل دومًا على ما تريد” (في الأصل: “You Can’t Always Get What You Want,”) المأخوذة من ألبوم  “Let It Bleed.” “دعها تنزف”. لكن لا يجب أن يكون “تركها تنزف” هي سياستنا في سورية، لأنه في النهاية، من المرجح أن نساق إلى الحرب في كل الأحوال، وفي وقت ستكون الكلفة قد زادت كثيرًا فيه.

إذًا، نعم، ليس التدخل في سورية هو ما نريد، ولكن إن حاولنا، فلربما نجد ما يمكّننا من الحصول على ما نريد.

اسم المادة الأصليHow Trump can save Syria — without an invasion
الكاتببيني آفني Benny Avni-
مكان وتاريخ النشرNew York Post

23-11-2016

رابط المقالةhttp://nypost.com/2016/11/22/how-trump-can-save-syria-without-an-invasion//
المترجممروان زكريا



المصدر