4 أسباب يستغلها الأسد وروسيا في هجومهما على أحياء حلب الشرقية

30 نوفمبر، 2016

مراد القوتلي – خاص السورية نت

يستغل نظام بشار الأسد أسباب عدة تساعده في الهجوم الشرس الذي تشنه قواته بمساندة ميليشيات أجنبية وبدعم من سلاح الجو الروسي على الأحياء المحاصرة في شرق حلب، محققاً مكاسب سياسية وعسكرية تأتي بعد مرحلة تعرض فيها لانتكاسات تمثلت بخسارته لمزيد من المناطق الجغرافية وارتفاع في أعداد قتلى قواته.

تنصيب الرئيس

ويبدو أن الأسد وروسيا يستغلان تماماً فترة انشغال الولايات المتحدة الأمريكية بتنصيب الجمهوري المنتخب دونالد ترامب رئيساً خلفاً لأوباما الذي سيغادر البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني القادم، بدليل غياب إدارة واشنطن حالياً عما يجري في حلب، والاكتفاء بتصريحات صحفية تحمل فيها روسيا مسؤولية تدهور الأوضاع بالمدينة المنكوبة.

وفي هذا السياق، نقلت وكالة رويترز، أمس الثلاثاء، عن قيادي يقاتل مع قوات نظام الأسد قوله: إن “الجيش السوري وحلفاءه يهدفون لانتزاع السيطرة على شرق حلب بالكامل من أيدي المعارضة المسلحة قبل تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب السلطة في يناير/ كانون الثاني ملتزمين بجدول زمني تؤيده روسيا للعملية بعد تحقيق مكاسب كبيرة في الأيام الماضية”.

 

وعلى الرغم من أن واشنطن لم تفلح في إيقاف الصواريخ الروسية وقذائف الأسد عن المدنيين، إلا أنها طوال الفترة السابقة كانت تمارس نفوذها عبر لقاءات ثنائية بين وزير خارجيتها جون كيري، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، لتخفيف حدة الهجمات، وسبق أن توصل الطرفان لاتفاقات لوقف إطلاق النار وانتهت جميعها بالفشل.

وتعتقد روسيا والأسد أن تحقيق المكاسب في حلب قبل تولي ترامب لرئاسة أمريكا، في صالحهما، من باب فرض أمر واقع جديد على الإدارة الأمريكية المقبلة، لا يُترك خياراً لها سوى التعامل مع الوضع السوري بناء على الواقع الجديد.

وأكدت روسيا وجهة النظر هذه بتصريح نائب وزير خارجيتها، ميخائيل بوغدانوف، الذي قال، اليوم الأربعاء، إنه “يأمل في حل الوضع بحلب بسوريا نهاية هذا العام”، أي قبل تنصيب ترامب رسمياً لرئاسة الولايات المتحدة.

تقارب جديد

على الساحة الإقليمية، يستفيد الأسد وروسيا أيضاً من تحولات شهدتها علاقات دول فاعلة بالملف السوري خلال الأشهر القليلة الماضية، فالتقارب بين أنقرة وموسكو أحدث تغيراً في ردود الأفعال والمواقف على ما يجري بحلب بشكل خاص.

وينصب تركيز أنقرة في الوقت الحالي على المعارك المتواصلة قرب مدينة الباب شمال سوريا، وتريد تركيا عبر عملية “درع الفرات” التي يخوضها مقاتلون من المعارضة السورية بدعم من الجيش التركي طرد تنظيم “الدولة الإسلامية” منها.

وكان لهذه المعركة دور جزئي في تخلخل الجبهات بحلب الشرقية، بحسب ما قال مسؤول من لواء “المنتصر بالله” التركماني لوكالة رويترز، مشيراً أن “نحو 60 في المئة من المقاتلين التركمان انسحبوا من حلب في أغسطس آب للمشاركة في عملية درع الفرات وأخلوا مواقعهم على الخطوط الأمامية في مواجهة القوات السورية”.

وأضاف: “طبعا هذا الانسحاب كان له تأثير. فلو أن هذه المجموعات بقيت لربما استطاعت حلب المقاومة أكثر” لكنه أبدى في ذات الوقت شكوكاً أن ذلك كان من شأنه أن يغير مسار المعركة.

ويعتقد محللون أنه ما من خيارات كثيرة لتركيا للتحرك من أجل إنقاذ حلب حالياً، بسبب التفاهمات المتطورة بينها وبين روسيا، خصوصاً بعد أزمة إسقاط الجيش التركي لطائرة روسية اخترقت المجال الجوي التركي نهاية العام الماضي وتسببت بخلاف كبير أثر سلباً على البلدين.

ولا بد من الإشارة هنا إلى الدور الروسي الكبير في المعركة الجارية الآن بأحياء حلب المحاصرة شرق المدينة، عبر تقديمها دعم لوجستي وعسكري بطائراتها ومستشاريها، وعليه فإن أي تصعيد تركي في هذه المنطقة سيصطدم بروسيا دون أدنى شك وهو ما لا يريده الطرفان.

عجز أممي

ويغري نظام الأسد وروسيا فشل ذريع من المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة في إنقاذ المحاصرين بالأحياء الشرقية لحلب، وعدم قدرة الدول الكبرى ضمن مجموعة “أصدقاء الشعب السوري” على تحرك جدي لوقف المجازر بالمدينة.

وبررت الأمم المتحدة خلال الأيام الماضية فشلها في إنقاذ قرابة 300 ألف محاصر برفض النظام إدخال المساعدات لهم، وعلق محللون على تبرير المنظمة الدولية بالقول إنه “من الطبيعي أن يرفض الأسد إدخال المساعدات لمن يقصفهم يومياً، لكن السؤال ما البديل الذي ينبغي على الأمم المتحدة فعله؟”.

كذلك بدا المبعوث الأممي لسوريا “ستافا دي ميستورا” “مشلولاً” بتحركاته حول ما يجري في حلب، واكتف أمس الثلاثاء بالقول إنه “لا يستطيع تحديد مدة صمود شرق حلب”.

تدهور الوضع الإنساني

وأمام هذا الواقع، تمكن النظام بفضل سياسة “الجوع أو الركوع”، وسياسة “الأرض المحروقة” من تحقيق تقدم ميداني على الأرض، إذ يقول مقاتلون من المعارضة ومدنيون محاصرون إنهم يتعرضون يومياً لقصف بما لا يقل عن ألف قذيفة وصاروخ.

واستهدف النظام وروسيا بشكل متعمد المرافق الطبية في أحياء حلب الشرقية، وأخرجا العديد من المستشفيات عن الخدمة، ولم يعد هنالك أماكن لمداواة الجرحى، وقال طبيب نجا من قصف إحدى المستشفيات بحلب لـ”السورية نت” في وقت سابق: “أحياء حلب المحاصرة فقدت جميع الأماكن التي تجرى فيها العمليات الجراحية، وسط وصول المزيد من الجرحى ممن يحتاجون العمليات ولاحول لنا ولاقوة تجاههم، فالكوادر الطبية في حالة يرثى لها بسبب عجزها عن تقديم العلاج وإجراء العمليات للمصابين”.

وأشار إلى أنّ نظام الأسد سيلجأ في الفترة القادمة إلى تكثيف القصف على فرق الدفاع المدنيّ ومستودعات الطعام وكذلك الأفران التي تعاني شحاً في مادة الطحين، بعد إيقافه كافة المشافي الرئيسية عن الخدمة، وهو ما حدث بالفعل.

ويشار إلى أن أحياء حلب الشرقية، تتعرض منذ أسبوعين، لقصف عنيف من طائرات النظام وأخرى روسية، فيما تقدمت قوات النظام والميليشيات الإيرانية على الأرض، وسيطرت على ثلث المناطق الخاضعة للمعارضة في المدينة.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]