السلطان والبائع رئيس تركيا الإسلامي يحتضن دونالد ترامب


أنس عيسى

لكنّ حماس رجب طيب إردوغان قد لا يدوم طويلًا.

 0

في شهر حزيران/ يونيو، وبعد أشهر عديدة من دعوة دونالد ترامب، والذي كان عندها مرشّحًا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري، لحظر هجرة المسلمين، اعترض قائد تركيا المسلم على ذلك، وطالب الرئيس رجب طيب إردوغان بإزالة اسم السيد ترامب من على أبراج ترامب في اسطنبول، حيث قال: “على الأشخاص الذين وضعوا تلك العلامة التجاريّة على أبنيتهم أن يزيلوها فورًا.”

ولكن يبدو أن السيد إردوغان قد غيّر رأيه، سواء بالنسبة للأبراج أو بالنسبة للرجل الذي يظهر اسمه عليها، فعلى الرغم من أنّ الاستطلاعات تظهر أنّ غالبيّة الأتراك كانوا يفضلون رؤية هيلاري كلينتون رئيسة لأميركا الجديدة، فقد تمّت تحيّة انتخاب السيد ترامب في أنقرة بمزيج من الشماتة والأمل، وفي هذا الخصوص قال ياسين أقتاي، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم: “لقد كنّا نعاني جرّاء السياسات (الأميركيّة) تجاه الشرق الأوسط وتركيا في ظل حكم الديمقراطيّين وأوباما.” أمّا الرئيس التركي فقد كان أكثر تأكيدًا بقوله: “سيعلن ذلك عن بدء صفحة جديدة”، واصفًا المظاهرات ضدّ انتخاب السيد ترامب في أميركا وأوروبا بـ”عدم احترام الديمقراطيّة”.

لكن قد يكون الإطراء قد طال السيد ترامب، في مكانٍ ما، حيث أنّه قد أخبر السيد إردوغان، مرارًا وتكرارًا، بأنّ ابنته، إيفانكا، معجبة به. كما أنّ تركيا تمنحه منفعة الشك، حيث ضغطت الحكومة التركيّة على أميركا لتسليم فتح الله غولن ـ الداعية الديني المقيم في بنسلفانيا والذي تتهمه تركيا بالتخطيط للمحاولة الانقلابية في شهر تموز/يوليو، والتي حصدت أرواح 270 شخصًا ـ ويؤمن المسؤولون الأتراك الآن بأنّ السيد ترامب سيكون أكثر استجابة لهكذا توصيات مما كانت السيدة كلينتون ستكون عليه (لقد قبلت حملتها الانتخابيّة منحًا قدّمها أتباع غولن). وكما يبدو أنّ السيد إردوغان يعتقد أنّ الرئيس المنتخب، الزميل في الشعبويّة والذي أبدى إعجابه بمستبدين كفلاديمير بوتين، سينظر بطريقة مختلفةٍ إلى سجنه المعارضين والمناوئين لقاعدته الإسلاميّة. كذلك فإنّ السيد إردوغان لا يتباطأ، ففي وقت مبكر من هذا الشهر قام حزب العدالة والتنمية بطرح مشروع قانون يُعفي مغتصبي القاصرين من العقوبة في حال الزواج من ضحاياهم، قبل أن يلغيه بسبب موجة الاحتجاج الشعبي. ولو مرّ ذلك القانون، لكان قد سمح لـ 3000 مدان بجرائم اعتداء جنسيّ بالتجوّل بحريّة، ولكان ذلك قد أخلى بعض الزنزانات في داخل سجون تركيا المزدحمة  للبعض من بين الـ 37.000 شخص، ومن بينهم الجنود وموظفو الحكومة والأكاديميّون والصحفيّون وعشرات أعضاء البرلمان من الأكراد الذين تمّ اعتقالهم لأسباب سياسيّة منذ محاولة انقلاب 15 تمّوز/يوليو. كما تمّت إقالة أو تعليق عمل ما يزيد على 120.000 شخص آخر، من بينهم تقريبًا 16.000 خلال الأسبوع الماضي وحده؛ وذلك لصلاتهم المزعومة بالسيد غولن أو بحزب العمال الكردستاني الخارج عن القانون (بي.كي.كي).

من المتوقّع أن يكون احتجاج السيد ترامب حول حقوق الإنسان أقلّ من سابقيه من الرؤساء الأميركيّين، لكن لا أحد يمتلك اليقين حول ذلك، لكنّ ذلك، فيما لو حصل، سيكون ملائمًا جدًّا لتركيا، حيث يحترم السيد إردوغان المصالح الغربيّة ولكن ليس المبادئ الغربيّة، كما أنّه كان قد اقترح، الأسبوع الماضي، أنّه على تركيا الانضمام لمنظمة شانغهاي للتعاون، وهي تكتّل أوراسي (من أوروبا وآسيا) سياسي واقتصادي وعسكري يضمّ أوزبكستان وروسيا والصين، كبديلٍ عن الانضمام للاتحاد الأوروبي.

قد لا يكون إردوغان مخادعًا في ذلك، حيث تعتبر العلاقات مع الاتحاد الأوروبي في وضع  أسوأ من أيّ وقت مضى منذ أن قُبلت تركيا كمرشحة لنيل عضويّته منذ ما يقارب العقدين من الزمن، كما دعا السيد إردوغان إلى إجراء استفتاء حول إنهاء طلب الانضمام في عام 2017، وكان قد دعا إلى إعادة العمل بعقوبة الإعدام، والتي لا تتوافق مع العضويّة، وأخيرًا اتّهم، بشكل يدعو للسخرية، الغرب ككل بتأييد الدولة الإسلاميّة. وكان وزير خارجيّته قد تباهى، مؤخّرًا، بعدم الرد على المكالمات الهاتفيّة من نظيره الألماني.

لقد بدأ صبر الاتحاد الأوروبي بالنفاد، فقد صوّت البرلمان الأوروبي، في الأسبوع الماضي، على توصية بتعليق محادثات انضمام تركيا، ويعتبر ذلك التصويت غير ملزمًا، ومن غير المرجّح أن يفضي إلى شيء. وفي هذا الإطار، تخشى ألمانيا من أنّ تجاهل تركيا قد يؤدّي إلى إبطال اتّفاقها لمنع التهريب البشري عبر بحر إيجه، ما قد يسمح لمئات الآلاف من المهجرين بالإبحار مجدّدًا إلى اليونان. ولكن يبدو أنّ صعود الأحزاب الشعبويّة سلّم القوة في أوروبا، إضافةً إلى تحريك إردوغان الرأي العام ضدّ الغرب قد يجعلان تجنّب حدوث مواجهة حاسمة أمرًا صعبًا.

إذا كانت تركيا تأمل في مبادلة علاقاتها التي تسوء مع الاتحاد الأوروبي بصداقة جديدة مع السيد ترامب، فسيخيب أملها؛ فقد يكون الرئيس الجديد متعاطفًا مع المخاوف التركيّة بشأن السيد غولن، لكنّه، مرّة أخرى، قد لا يكون كذلك. وبأيّ حال، يمكث مصير رجل الدين ذاك بين أيدي المحاكم الأميركيّة. وفي هذه الأثناء، يريد فريق السيد ترامب إدراج الإخوان المسلمين كجماعة إرهابيّة، والتراجع عن الاتفاق النووي مع إيران، والاستمرار بتسليح الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني ضدّ الدولة الإسلاميّة، لكنّ السيد إردوغان يعارض، وبشدّة، كلّ تلك الإجراءات.

علاوة على ما سبق، لا يعتبر المسؤولون المعيّنون، حتّى الآن، في الإدارة الأميركيّة الجديدة معجبين بالسيّد إردوغان، حيث كتب مايكل فلين، والذي اختاره السيد ترامب مستشاراً للأمن القومي، افتتاحيّة هذا الشهر يمتدح فيها تركيا كـ “منبع للاستقرار”، لكن مقطع الفيديو الذي أظهره يهتف للجنرالات المتمردين ضد حكومة السيد إردوغان، ليلة المحاولة الانقلابية، قد أثار اضطراب المسؤولين الأتراك. وفي تغريدة له على موقع تويتر، في التاريخ نفسه، قام مايك بومبيو، وهو خيار السيد ترامب لمنصب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.إي)، بوصف تركيا بـ “الديكتاتوريّة الإسلاميّة”. يبدو أن خيبة الأمل بدأت تتسلل إلى نفوس البعض في أنقرة، حيث قال السيد أقتاي: “يبدو هذا وكأنّه خطاب صليبي.” لقد بدأت العلاقة بين السيد إردوغان والسيد ترامب بشكلٍ جيّد، ولكن قد لا يدوم ذلك.

اسم المقالة الأصليTurkey’s Islamist president is embracing Donald Trump
الكاتبمجلة الايكونومست The Economist
مكان النشر وتاريخهمجلة الايكونومست The Economist

30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016

رابط المقالة/news/europe/21710966-recep-tayyip-erdogans-enthusiasm-may-not-last-long-turkeys-islamist-president-embracing
المترجم أنس عيسى



المصدر