بعد ارتفاعها الجنوني في حلب “المحاصرة” .. صرّاف يعلن استعداده لتحويل مبالغ مالية بالمجان


في الوقت الذي انشغل فيه كثيرون بالحديث عن عجزهم إزاء الواقع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه نحو 300 ألف مدني في حلب، والناجم عن الحصار المستمر منذ أكثر من ثلاثة أشهر، كان هنالك من يبحث عن وسيلة للتخفيف من وطأة المعاناة في الأحياء المحررة.

 

إحدى هذه الوسائل اهتدى إليها صرّاف مالي  يدعى “أحمد رشيد” فقد أعلن عن استعداده لتحويل المبالغ المالية بالمجان، للفقراء والمحتاجين داخل الأحياء المحاصرة، أملاً في أن يسهم ذلك بمساعدة هؤلاء على مواجهة ارتفاع الأسعار المتصاعد في أسواق المدينة.
يشرح رشيد الأسباب التي دفعته إلى ذلك ويقول: “يتعرض من تبقى من سكان المدينة على قيد الحياة لخطر الموت جوعاً، فلا سلع ولا مبالغ نقدية تدخل المدينة، وهذا أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، كما أدى أيضاً إلى ارتفاع في أجور التحويل المالي”.

يضيف رشيد المقيم في مدينة الأتارب غربي حلب: “بدأت مكاتب الصرافة داخل المدينة ترفع من أجور التحويل، وذلك بسبب محدودية الكتلة النقدية في المدينة، واليوم وصلت أجور التحويل إلى 25% من إجمالي المبلغ المالي المحوّل”.

ويستطرد رشيد في حديثه لـ”صدى الشام” بالقول “نقوم اليوم بتحويل المبالغ المالية البسيطة التي تتراوح قيمتها ما بين 100 و200 دولار بالمجان، ولكن بشرط أن تكون العائلة التي سيتم التحويل لها فقيرة الحال”، وأوضح “نعتمد على علاقتنا بعدد من الأشخاص في الداخل، لتحديد حاجة العائلة من عدمها”.
وشهدت أجور التحويل المالي في حلب ارتفاعاً وصف بـ” الجنوني”، فبعد أن كانت أجور التحويل المالي من وإلى حلب لا تتعدى نسبة 1% من إجمالي المبلغ، قبل أن يصبح الحصار أمراً واقعاً، شهدت أسعارها زيادة بقيمة 5% خلال الشهر الأول الذي أعقب الحصار، لكن ما لبث أن ارتفع إلى 10% في شهر تشرين الأول الماضي، واستمر في الارتفاع حتى وصل في الوقت الحالي إلى 25%.

ويشير الصرّاف عبد الرحمن في مدينة غازي عينتاب إلى مسؤولية المكاتب المالية في الداخل عن ارتفاع الأجور، محملاً إياها “المسؤولية الكاملة” عما يجري.

و يبيّن في حديثه لـ”صدى الشام” أن المكاتب المالية خارج الأحياء المحاصرة “لا تستطيع فعل شيء، كما أنها لا تملك الخيارات”، خصوصاً وأن أعداد المكاتب المالية في الداخل محدودة.
وعن طريقة التحويل يوضح بالقول: “نقوم بتسليم مكاتب الداخل المبالغ المُحولة لجهة قابضة خارج حلب يقومون بتحديدها، وبعد ذلك يتولون تسلميها إلى الطرف المرسل له، لكن بعد أن يقتطعوا منها النسبة المحددة”.
لكن وعلى النقيض وصفَ المفتش المالي المنشق عن النظام “منذر الحسن” ارتفاع أجور التحويل إلى داخل أحياء حلب بـ”الطبيعي”، معتبراً أن الحكم على هذه التعاملات في ظل الأوضاع الاستثنائية ” يبقى صعباً للغاية”، وأوضح في تصريحات لـ”صدى الشام” أنه : “لا يمكن أن نُطبق العرف الاقتصادي السائد في اقتصاد الحروب”.

 

وفي ما يبدو أنه مؤشر على بداية سخط شعبي إزاء عمل المكاتب المالية في الداخل انتقد نشطاء من داخل الأحياء رفع الأجور التحويل مطالبين “مجلس قيادة حلب” المشكل حديثاً من عدة فصائل بوجوب التدخل السريع، للحد من “جشع” تجار الأموال.

وفي هذا الإطار قال الشيخ سهيل عيد “إن هذا الارتفاع يخرج من باب الربح المشروع، ويدخل في باب “الغبن”، وهو أشبه ما يكون بالتعامل الربوي المحرم شرعاً”، وأوضح لـ”صدى الشام” أنه : “يجب تقنين وتحديد نسبة أجور التحويل، لأن الفقراء هم الأكثر تضرراً، أما التجار فهو آخر همهم”، على حد تعبيره.

أمام هذا الواقع الذي يضيف عبئاً آخر على سكان الأحياء المحاصرة بحلب تبدو مبادرة تحويل المبالغ المالية بالمجان للفقراء داخلها خطوة نوعية لا بد أن تليها خطوات أشمل دون أن ننسى أن المشكلة لم تكن لتكبر ككرة الثلج لولا رفع أجور التحويل إلى مستويات غير معقولة.

 



صدى الشام