شرعنة “الحشد” الوجه الآخر لـ (داعش)

2 ديسمبر، 2016

بهنان يامين

“من تحت الدلف لتحت المزراب”، بهذه الكلمات البسيطة لخّص أحد الشباب العراقيين، نتيجة وثمن “تحرير” الموصل وتلعفر وجميع المحافظات والمدن والقرى التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

تسرّع البرلمان العراقي، المُسيطر عليه من الاحزاب الدينية الشيعية في العراق، في اقرار قانون “الحشد الشعبي”، الذي يدمج شكليًا قوات “الحشد” بالجيش العراقي، ولكن وفق المعطيات، فإن هذه المليشيات لن تحل ذاتها؛ لتندمج فعليًا في القوات المسلحة، بل ستبقى جيشًا رديفًا ببعد طائفي لا وطنيّ.

تركيبة “الحشد الشعبي” تركيبة طائفية، وما الشعارات التي يرفعونها إلا شعارات تشابه شعارات “حزب الله” اللبناني، وهي ترفع راية الحسين، وزينب وأبو الفضل العباس… إلخ تلك الجوقة من أسماء أهل البيت، وهي شعارات بعيدة كليًا عن البُعد الوطني العراقي.

ولقد صرح المالكي، وهو الذي سلم الموصل لـ (داعش)، فور إقرار هذا القانون، بأنه مكافأة لمقاتلي “الحشد”، ولكنه أخفى الحقيقة الطائفية المُرة، بأن هذا الاقرار هو بمنزلة تثبيت و قوننة للوضع الطائفي في الحرب ضد (داعش)، حيث الغلبة هي للمليشيات الشيعية المتطرفة، ولا ننسى تصريحات قيس الخزعلي، قائد “عصائب أهل الحق”، بأن حرب تحرير الموصل هي انتقام لدم الحسين بن علي، من أحفاد أحفاد يزيد بن معاوية. هكذا، وبكل بساطة، اختصر هذا المتطرف، الذي هو نسخة شيعية لقيادات (داعش)، سبب خوضه معركة تحرير الموصل، بأنه انتقام يعود إلى 1400 عامًا.

من المؤسف أن يتحول الخزعلي، وأمثاله من قادة “الحشد”، إلى جسم شرعي، يضرب كل امكانيات الشراكة في العراق، فـ “اتحاد القوى العراقية”، و”القائمة الوطنية”، عدّا تشريع قانون “الحشد الشعبي” بمنزلة “الطعنة لمبدأ الشراكة، وتنصُل من الاتفاقيات السياسية؛ ما يستدعي إعادة النظر في تقييم الشركاء السياسيين”.

ليس هذا فحسب، فقوات “الحشد الشعبي” ستصبح، وبشكل قانوني، ميليشيا رسمية، أشبه ما تكون بالحرس الثوري الإيراني، وامتدادًاً له.

يخفي هذا القانون موادّ لا تزال بحاجة إلى تشريعات، ومن سيشرّعها هو رئيس الحكومة العراقية، الذي هو أيضًا متشبع طائفيًا، ويخضع للقيادات الطائفية الشيعية العراقية، هو والمالكي والجعفري والحكيم والصدر، من يتحكم بمراكز القرار في “الدولة” العراقية، بمؤسساتها المُستحدثة استحداثًا طائفيًا، ومن هنا، فإنهم سيصيغون القوانين الناظمة لـ “الحشد”، صوغًا غير وطني، أي صوغًا طائفيًا. ولقد سارع مقتدى الصدر، فور صدور القرار، إلى تعويم هذا القرار، عن طريق تقديم خطط تُنظم هذا القانون.

الممارسات والمجازر التي ارتكبها “الحشد”، والذي في الحقيقة ليس بالشعبي، بل هو الحشد الشيعي، هي فظائع تنطبق عليها جرائم الحرب، يُحاسَب عليها مُرتكبوها، سواءً على المستوى المحلي او الدولي، ولكن قانون “الحشد الشعبي”، على الرغم من نفي التصريحات الرسمية لها، يعطيها حصانة عن محاكم الجنايات العراقية والدولية، ومن هناـ فهم إن طُلبوا للمحاكمة فإنهم لن يُسلّموا، أسوة بالمتهمين باغتيال رفيق الحريري في لبنان، حيث رفض حسن نصر الله تسليم المتهمين الأربعة.

الأخطر من ذلك، هو تحول “الحشد الشعبي” في العراق، إلى ذراع إيران في المنطقة، حيث تشير التقارير والدراسات، إلى أن هناك تفكير بإرسال قوات من “الحشد الشيعي”، للقتال إلى جانب النظام في سورية، بوصفه رديف لميليشيا “حركة النجباء” العراقية، وميليشيا “حزب الله” اللبناني، وميليشيا الأفغان الشيعة، والباكستانيين الشيعة، و”الحرس الثوري الإيراني”، وقوات الاحتلال الروسية.

لو تدارسنا هيكلية “الحشد الشعبي” و (داعش)، لما وجدنا أي فارق، سواء في الأيديولوجيا الدينية، على الرغم من شيعية الأولى و”سُنيّة” الثانية، أو في البُعد الوطني. التنظيمان يستند الواحد على الآخر. الحشد هو الوجه الآخر لـ “داعش”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]