صبرًا آل ياسر

2 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
3 minutes

باسل العودات

حوّل النظام السوري حلب إلى جحيم، فلم تعد مقابر المدينة تتسع لما تقترف يداه، وتحوّل معها إلى آلة قتل عمياء، لا يفهم إلا باستخدام السلاح، وفلت المَلق، خطابه العسكري إجرامي، والسياسي حربي، وخطابه الدبلوماسي سوقي، ومنطقه منطق وحش بري مسعور.

صار الأطفال والنساء خصوم النظام السوري، الفقراء والمساكين منهم على الخصوص، وصارت هواية “حامي الوطن” قتلهم وتيتيمهم وترميلهم، وإضاعة أحلامهم وحاضرهم ومستقبلهم، وتركهم لقدرهم، المظلم والظالم. وهو لا يفهم أن قتل الضعيف ليست رجولة، وإهانته وإذلاله وتشريده ليست بطولة.

حتى روسيا، التي دعمت النظام دعمًا أعمى، وغطّت جرائمه، ومارست موبقات لا تُحصى في سورية، سارعت للتبرؤ مما اقترف في حلب، وقالت “تلك الطائرات ليست لنا”، وحاولت الهروب من التهمة المُذلّة، ليس لضمير صحا، بل ربما لأن حجم الجرائم أخجلها، وفاق ما أرادت أو سمحت بارتكابه.

إنه الجحيم بكل أشكاله، ذلك الذي يعيشه السوريون، وهي الأيام العجاف، تلك التي يمرون بها، وقد يبدو لوهلة أنهم عاجزون، وأمام طائرات مُحمّلة بالبارود والموت والحقد مشلولون، وفي وجه مدافع من كل “ماركة” ونوع وعيار مستسلمون، لكن هناك ما يدفع للاعتقاد بعكس ذلك.

بعد أربعة أشهر، تدخل الثورة السورية سنتها السابعة، أي ما يُعادل نصف جيل، شهد خلالها السوريون البطش المُطلق، وواجهوا أعتى القتلة، وعايشوا أظلم الأوقات، لكنهم لم يستسلموا مرّة، فلا تستقيم لديهم العودة إلى الوراء.

حاجة السوريين للكرامة والحرية، تدفعهم للاستمرار والصمود، وتوقهم لإنهاء الدولة الأمنية القمعية المتسلطة، يشدّ من عزيمتهم، والسعي للقضاء على التمييز والطائفية، أساس صمودهم، والتخلص من الفساد بكل أشكاله يدفعهم للمتابعة.

إنها ثورة، وليست نزهة، حرب طاحنة يخوضها السوريون ضد جلاديهم، أدرك أصحابها منذ البداية أنها ستكون مُكلفة، ثقيلة ودامية، مليئة بالأحمال والتغييرات، وستصادف مصائبَ ومآسيَ، ومنذ البداية -أيضًا- أكّدوا أنهم بحجمها وحجم تضحياتها، ولن يتوقفوا حتى النهاية، إما هم أو النظام، وبما أن الشعب لا ينتهي، فالنتيجة الحتمية مُقبلة، فصبرًا آل “حلب”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]