فوز «ترامب» يحول أمريكا لنازية جديدة تدمر نفسها ذاتيا كما تنبأ «تشومسكي»

2 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016

9 minutes

النازيون الجدد يحتفلون وينشطون في أمريكا بوصول ترامب للرئاسة

قبل نحو 6 سنوات، وبالتحديد في أبريل 2010، تنبأ الفيلسوف نعوم تشومسكي برؤية مظلمة لمستقبل تنهار فيه أمريكا بسهولة، عقب وصول شخصية مثل «دونالد ترامب»، إلى سدة الحكم، محذرا من أنه في حال حصول ذلك فإن أمريكا ستدمر ذاتها ذاتيا، وستشكل خطورة على العالم أكثر من تلك التي مثلتها ألمانيا، أيام حقبة النازية.

واليوم مع فوز ترامب بدأت إرهاصات ظهور نازية يمينية جديدة، ليست فقط ضد المسلمين، ولكن ضد اعراق أخري لاتينية وافريقية، وظهر ناشطون نازيون جُدد ينتمون إلى “الحركة الوطنية الاشتراكية الأمريكية”، بملابس SS، مع شعارات الرايخ الثالث خلفهم.

 تنبؤ «تشومسكي» كان تحذير من وصول “شخصية كاريزمية” إلى سدة الحكم في أمريكا مدفوعا بوعود براقة لعلاج أمراض المجتمع، وصفها بأنها “مثل المحتال الذي يدمر نفسه ذاتيا”، وأوجه التشابه بين هذه الرؤية وحالة ترامب متعددة وواضحة.

«تشومسكي» تساءل في هذه الرؤية: «ماذا يمكن أن يحدث إذا جاء شخص وقال لهم: لقد حصلت على الجواب، لدينا عدو؟ هو المهاجرين غير الشرعيين والسود، وأن البيض أقلية مضطهدة؟

 وأجاب: “سيقال لهم يجب أن ندافع عن أنفسنا وشرف الأمة، وسيتم التعالي بالقوة العسكرية، وإذا حدث ذلك فإن أمريكا ستكون أكثر خطورة من ألمانيا أيام النازية، ولا أعتقد أن كل هذا بعيدا جدا عن الحدوث”.

النازيون الجُدد يحتفلون

هناك بالطبع فارق بين “الرؤية النازية” التي تحدث عنها تشومسكي، وبين ظهور النازيين أنفسهم، وهو ما حدث في حفل أقيم السبت الماضي في مبني رسمي على بُعد بضعة عدة شوارع عن البيت الأبيض، حيث حضر بعض الناشطين اليمينيين من مجموعة اليمين البديل المناسب “‏Alt Right‏” للاحتفال بانتصار الرئيس المنتخَب، دونالد ترامب.

وبين الذين ألقَوا خطابات كان ريتشارد سبينسر ‏Richard Spencer‏، رئيس معهد الأمن القومي في الولايات المتحدة، وهو قومية بيضاء بارزة داخل «حركة البديل المناسب»، كلمة في أنصار ترامب، تحدث خلالها عن فوز مرشحهم، وبرامجه وأهداف الحركة في السنوات القادمة، بشكل حماسي حتى بلغ به الأمر إلى حد اختتام كلمته بتحية «ترامب» بالتحية النازية المعروفة، وبهتاف «هايل ترامب» (أي يحيا ترامب)؛ لينفض الاجتماع على شعار وتحية ترامب على الطريقة النازية.

ومع أنّ ترامب نفسه لا ينتمي إلى مجموعة “اليمين البديل المناسب”، التي تضمّ عددًا من مميّزات النازيين الجدد، لكنّ تصريحاته العديدة حول منع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، والحدّ من الهجرة الإسلامية إلى أرجاء الولايات المتحدة، ونظرته المضادّة للعولمة، تنسجم مع النظرة الأيديولوجية للمجموعة القومية المتطرفة للنازية القديمة.

ولا تختلف عنصرية ترامب وتحمسه للبيض والسكان الاصليين في امريكا على حساب السود والافارقة واللاتين، عن الرؤية النازية المناصرة للجنس الاري الابيض، حتى أن رئيس معهد الأمن القومي الذي حضر حفل النازيين، ادّعى أنّ انتصار ترامب أدّى بالأمريكيين إلى الالتحاق “بهويتهم الحقيقية”.

 وادعي سبنسر أيضا أن الأمريكيين البيض هم “أبناء الشمس”، الذين “وُضِعوا على الهامش”، وطالب منهم أن يبدأوا بالنظر إلى نشاطهم كنشاط مؤسسي، لا نشاط محظور.

وبعد ضغط شديد مورس على ترامب من الإعلام الأمريكي للردّ على هذا الاحتفال الاستثنائي، نشر مكتب حملة الرئيس المنتخَب إعلانًا يفيد بأنه “يدين جميع أنواع العنصريّة”، دون أن يدين النازيون صراحة المؤيدين له.

النشاط النازي في حملة ترامب

والملفت أن هذا النشاط النازي كان موجودا في حملة ترامب الانتخابية وبعدها، بطبيعة الحال، فخلال الحملة الانتخابية ظهر “سبنسر”، مرة أخري، ضمن نقاش جرى في قناة CNN في مؤتمر دعم لترامب: “من الجدير أن نسأل أنفسنا هل هؤلاء الأشخاص (اليهود) هم بشر حقّا أم آلات عديمة الروح”.

وخلال الانتخابات رصدت صحف يهودية ما قالت انه هتافات من جانب ناشطون نازيون جدد أمريكيون أمام ناخبة يهودية داعمة لهيلاري كلينتون قال لها فيها: غادري بلادي يا يهودية، اذهبي إلى إسرائيل، حيث تنتمين، أو إلى الأفران، هذا اختياركِ”.

أيضا نفّذ ناشطون معروفون بدعمهم الحماسي لترامب هجمات ضدّ يهود ومسلمون ولاتين، شملت نشاطات مخطّطًا لها مُسبقًا، مثل تطوير ملحق إضافي بمتصفح الإنترنت يحدّد هوية اليهود ويلاحقهم، وإعداد قوائم بيهود في مواقع التواصل الاجتماعي بهدف بثّ رسائل كراهية مُعدّة مسبقًا لهم، والتحريض غير المضبوط على الصحفيين والمشاهير اليهود.

وهذا جانب واحد مما تم رصده بخلاف مواقف عنصرية ضد مسلمات ومسلمين وأفارقه ودعوات لهم لترك البلاد.

خوف الجاليات اليهودية

ويقول تقرير نشره موقع “المصدر” الاسرائيلي، أنه “فيما رحّبت الحكومة اليمينية في إسرائيل بالرئيس الأمريكي المنتخَب، دونالد ترامب، بشكل احتفالي، ووُصف رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأنه أحد أكبر الرابحين في العالم من تبادُل السلطة في الولايات المتحدة، فإنّ اليوم التالي لانتخاب ترامب لم يكُن صباحًا رائعًا بالنسبة لمعظم اليهود الأمريكيين”.

وكان 71% من اليهود الأمريكيين قد اقترعوا لهيلاري كلينتون، أكثر بقليل من الرئيس أوباما الذي حظي بـ 69% من دعمهم عام 2012.

ويشير لأن خطابات ترامب بثّت الخوف وسببّت الذعر لكثير من اليهود الامريكان والأقليات والمهاجرين، من تأجيج نيران التحيّز العرقي، العنصريّة.

مظاهر نازية

وتتخذ الحركة النازية الجديدة في الولايات المتحدة، من مدينة مينيابوليس مقرًّا لها، وتقول “رابطة مكافحة التشهير” اليهودية، إنّ “الحركة الوطنية الاشتراكية الأمريكية”‎‎‏ ‏NSM‏ المعروفة بثياب أعضائها النازية وبعرضها علنًا شعارات نازية كالصليب المعقوف، نجحت في زيادة أعضاءها حتى تجاوزت المجموعات الأخرى في اليمين الأمريكي، سواء من حيث أعضاؤها أو نشاطها.

ولا يُعرَف اليوم كم عضوًا تضمّ الحركة النازية الجديدة في الولايات المتحدة (تُشير التقديرات إلى 500 -1000 عُضو)، لكنّ لديها حضورًا في 32 فرعًا في عدّة ولايات أمريكية.

وفي مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا مطعم ألماني يُدعى Gasthof zur Gemütlichkeit ‎‏ (نزل الدفء والسعادة)، لا يقدّم الطعام الألماني فحسب، بل يُقيم أحيانًا حفلات نازية مع ملابس الـ SS، الصلبان المعقوفة، وتحيات “هايل هتلرط.

وفي يناير 2014، وصل بلاغ إلى موقع المدوّنات ‏City Pages‏ من مصدر مجهول حول حفلة نازية أُقيمت في حفل عيد الميلاد، مع صُوَر التُقطت في تلك المناسبة ظهر فيها احتفال رسميّ بسِمات نازية واضحة.

وتستخدم الحركة شبكة الإنترنت، بما في ذلك الراديو وخدمات “الأخبار” المخصّصة للعنصريين البيض، ويعقد ناشطو الحركة مؤتمرات علنية في مُدن مختلفة في الولايات المتحدة، ويقودون حملة غير مسبوقة لزيادة حجم الدعم لهم، لا سيّما لدى العنصريين الحليقي الرؤوس.

وتذكّر الهيئات الإعلامية الأمريكية، التي تتتبّع ظاهرة زيادة قوّة النازيين الجدد، الجميعَ بالمجزرة التي نفذها شاب أمريكي في 5 أغسطس 2014 في مدينة ميلواكي.

 فقد دخل مجهول إلى معبد سيخي في ضواحي المدينة، وأطلق النار، وقتل ستة مصلّين، وجرح عشرات آخرين قبل إطلاق قوّات الشرطة التي أتت إلى المكان النار عليه.

ولاحقا كشفت الشرطة النقاب عن هوية منفّذ المجزرة، وتبيّن أنه شاب محلي انتمى إلى فرقة روك، أعضاؤها حليقو الرؤوس، كانت لديهم “أعمال فنية” وعنصرية، ويغنون وخلفهم أعلام مزيّنة بصُلبان معقوفة.