دمشق تغرق في (أول الغيث) ومنازل مشرديها باتت عائمة


image

حذيفة العبد: المصدر

بعد أن ضنّت السماء بمائها في شتاء هذا العام حتى بداية “الكوانين”، هطلت أمطار الخير غزيرة مع مطلع كانون الأوّل لتغسل هموم الفلاحين بعد طول انتظار، ولتكشف في الوقت نفسه فساداً وسوء تخطيطٍ لأقلّ الكوارث في عاصمة النظام وواجهته التي يباهي بها.

العاصمة دمشق ومختلف أنحاء البلاد شهدت خلال اليومين الماضيين هطولات مطرية غزيرة تسببت نتيجة سوء التصريف بجريان المياه غزيرة في شوارعها، جارفةً أقمشةً وكراتين اتخذها مئات المشرّدين مسكناً لهم على قارعة طرقها.

ويشير مراسل “المصدر” في دمشق إلى أن صيف هذا العام شهد ازدياداً ملحوظاً في ظاهرة المشرّدين وباتت ظاهرةً مألوفةً على سكان المدينة بعد أن كانت من أكثر المنكرات فيها، وبات أمراً طبيعياً مشاهدة طفلٍ يفترش بعض الورق المقوى ويتغطى بأكياس “الخيش”، في الحدائق وعلى الأرصفة، يقتات على بقايا الطعام وما يجود عليهم بعض المارة.

ومع السيول التي جرفت “منازلهم” -إن صحّت التسمية- كما يقول مراسلنا، بات الأطفال المشردون محرومون ولو من رصيفٍ يمضون عليه ليلهم البارد فافترش بعضهم مداخل المباني وفي أفضل الأحوال سمح لهم بعض القائمين على المساجد بإمضاء ليلهم داخلها.

“الجهات المختصة” و”الجمعيات الخيرية” بات هؤلاء المشردين آخر همومهم، ولا توجد أي بوادر أو خطوات جديّة لإنقاذهم من بردٍ ينخر عظام أطفالهم، فالجمعيات التابعة للنظام يهمها من المعونات كسب رضا مواليه وتوزيع حصصها الغذائية على من “يشبّح أكثر” من الأحياء، أما المشردّون فليس لهم إلا من “يتحنن عليهم” من عابري السبيل بخمسٍ وعشرين ليرة أو خمسين.

ينقل مراسل “المصدر” عن بعض جيرانه من الدمشقيين قولهم إنهم باتوا عاجزين أمام هذه المشاهد المتكررة، فلم تعد حالة نادرة كان بعض الخيرين يتبرعون لهم بمأوىً يحفظ بعض الكرامة، إلا أن كثرة المشردين حولت القضية إلى مرضٍ استشرى وعجز الدمشقيون عن مداواة تشرد الغرباء.

النظام: هؤلاء مرضى نفسيين

روايةٌ تنفي ظاهرة التشرّد المتفشية في العاصمة، معتبرةً أنها “حالات فردية يعاني اصحابها بالمجمل من اضطرابات نفسية حادة”، بحسب ما نقله موقع “تلفزيون الخبر” الموالي للنظام عن مسؤولٍ في حكومته، مدعياً أن “الدولة” قدّمت الخدمات المناسبة من استقبالهم ضمن مراكز الايواء وتقديم الحصص الاغاثية للحد قدر الامكان من هذه الحالات.

ورواية تكذّبها

المصدر ذاته نقل عن “فراس” وهو أحد الناشطين في العمل التنموي في دمشق قال معبرا عن برد الشتاء وأثره على حياة المشردين: “لقد نال البرد العام المنصرم من أربع اطفال في موجة الصقيع التي ضربت دمشق في شهر كانون الأول، أعمارهم لا تتجاوز الثلاث سنوات”. وهنا أوّل ما يتبادر إلى الأذهان “هل أطفال الثلاثة أعوام يعانون من اضطرابات نفسية حادة أيها المسؤول الحكومي؟”

وتابع الناشط “كان سقف الخدمات التي استطعنا كفرق تطوعية ان نوفرها لهم هو الملابس الشتوية والحصص الغذائية وبعض الحرامات، لكن هذا لا يكفي ولا يمنع عن المشردين المطر، ولا يقيهم من البرد، فهذه الظاهرة تحتاج الى تظافر جهود الجميع بشكل منظم ومتكامل، فلا يمكن لجهة واحدة أن تعالج هذه المشكلة”.





المصدر