المقاومة الشعبية

4 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016

4 minutes

صابر جيدوري

بات واضحًا أن نظام الاستبداد في سورية لم يعد يعنيه -في الواقع- ما يحدث من صور جرائم الحرب في عموم الجغرافيا السورية، فهي ليست –في أيديولوجيته المتحجرة- إلا خطوة من الخطوات اللازمة والملائمة لإعادة الشعب السوري إلى حظيرته وزنازينه الرطبة.

لقد عانى الشعب السوري منذ ستة أعوام انتهاكات خطِرة لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من تعدّد جرائم النظام الديكتاتوري، إلا أن ما ارتكبه من جرائم -في الآونة الأخيرة- في أحياء حلب الشرقية تبقى الأكثر وحشية وبشاعة، بعد أن استهدفت مدافعه ودباباته وطائراته الحياة بجميع جوانبها، فقتلت الأطفال الرضع والأطفال الذين يلعبون، والنساء الحوامل والعاملات، والشباب والشيوخ وهم في مساكنهم، فانهارت عليهم المباني لتردمهم تحت أنقاضها، وفوق كل ذلك، يُمنع عمال الإغاثة والصليب والهلال الأحمر من إخراج الجثث من تحت الركام!!

والغريب في الأمر، أن هذه الكوارث الإنسانية التي ملأ ضجيجها العالم بأسره، لم تُحرّك دولًا ولا منظمات حقوق الإنسان، ولا هيئات دولية تدعي أنها تعمل من أجل السلام، بل أكثر من ذلك، ما زالت هناك دول مجرمة تدافع عن هذا النظام الفاشستي الذي ارتكب عديدًا من جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب السوري الأعزل، ومارس سياسة التمييز الطائفي والقومي ضد أبناء الشعب، وبخاصة عندما أقدم على ارتكاب جريمة قصف المدن والقرى السورية قصفًا عشوائيًا، في ظل الصمت الدولي الذي يبقى علامة استفهام كبيرة.

مع ملاحظة أن ما يستحق التسجيل -هنا- هو أن الجرائم المرتكبة كشفت لجميع السوريين، وغير السوريين، زيف الشعارات التي كان يُروج لها نظام الاستبداد، كالوحدة الوطنية، والمقاومة والممانعة، والصمود والتصدي، كما كشفت -في المقابل- عن مدى صمود وشجاعة الشعب السوري في التصدي لنظام شمولي فاشستي، أعلن هويته بوضوحٍ في بابا عمر والخالدية وكرم الزيتون والرستن واللطامنة وتفتناز ودرايا والمعضمية، وأخيرًا في الأحياء الشرقية لمدينة حلب.

لا شك في أن المجازر التي ارتكبها تنظيم الأسد الإرهابي في عموم الجغرافيا السورية، تُعدّ حدثًا تاريخيًا ورمزًا لوحشية الحاكم المستبد، وفي المقابل انتصارًا للشعب السوري الصابر المحتسب، كما أننا، ومن خلال التدقيق في الجرائم المرتكبة، نستطيع أن نخرج بدروس كثيرة أهمها: أن الصمت الذي رافق هذه الجرائم يُعدّ جريمة أخلاقية وقانونية يتحملها الجميع، من إعلام ومنظمات إنسانية ومجتمع دولي وعناصر تنظيم الأسد الإرهابي، الأمر الذي يجعل جميع الأطراف اليوم أمام مسؤولية إنسانية للوقوف مع الشعب السوري الذي يتعرض لجرائم وحشية على يد نظام ديكتاتوري، فالتاريخ سيكون شاهدًا على كل ما يحدث.

مع تأكيد أن ما يتعرض له الشعب السوري من عدوان طائفي حاقد، وما يُستخدم ضد أبناء سورية من وسائل التعذيب والاعتقالات الجماعية والقتل وارتكاب المجازر وقتل الأطفال وهدم البيوت هو الإرهاب بعينه. هذا الإرهاب الذي يُعدّ جريمة في عرف الدول كلها، وفق ميثاق الأمم المتحدة، ومنافيًا لكل القيم الإنسانية، فضلًا عن مخالفته لكل الشرائع السماوية، ولهذا؛ فإن أعمال المقاومة السورية ضد السلطة المجرمة التي أدانها العالم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية هي مقاومة مشروعة، وهي لا تختلف عن مقاومة ديغول وتشرشل للإرهاب النازي في أوروبا، أو مقاومة السود في جنوب أفريقيا لنظام بريتوريا العنصري، لتحقيق الحرية والعدالة وتقرير المصير، ومن أجل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية وتقرير المصير، لا بدّ من مقاومة سورية شعبية بعد أن جاوز الظالمون المدى.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]