القطاع الطبي في الغوطة الشرقية صعوبات بالجُملة


مهند شحادة

يُعاني القطاع الطبي في الغوطة الشرقية، كغيره من المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في سورية، من صعوبات جمّة، بفعل أوضاع معروفة للجميع، نتجت أساسًا عن سياسة القصف والحصار المتبعة من النظام وحلفائه ضد معظم المناطق التي نادت بإسقاطه، وعلى الرغم من كل ما يعانيه هذا القطاع من نقصٍ على صعيد الكادر، من الاختصاصات المختلفة، إلى جانب النقص على مستوى المواد والأدوات، تحاول مجموعة من المؤسسات المدنية والإنسانية ذات الصلة سد الثغرات قدر الإمكان، وجعل هذا الملف يقف على قدميه في الحد الأدنى، بحيث يستطيع الحياة في ظل واقعٍ يشير -بوضوح- إلى أن الحجر من الصعوبة ان يعيش ضمن معطيات كهذه، فكيف البشر؟.

منظمة “السراج للتنمية والرعاية الطبية”، إحدى الجهات التي تحاول رفد القطاع الطبي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، بما يُمكّن من مستلزمات، تجعله قادرًا -على الأقل- تقديم الخدمات الأساسية للسكان في تلك المناطق.

وقال أحمد الحر، مدير مكتب “السراج” في الغوطة الشرقية، لـ (جيرون): إن المنظمة: “تهدف إلى تعزيز صمود الأهالي في مناطقهم، وهي مستمرة في أعمالها الإنسانية منذ منتصف 2011، حتى الآن، وبانتشار متزايد ضمن الجغرافيا السورية”.

صعوبات العمل

وأضاف الحر: “أبرز الصعوبات التي يعانيها القطاع الطبي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، عمومًا، والغوطة خصوصًا، هي الاستهداف المباشر للمنشآت الطبية من قوات النظام وحلفائه؛ ما يؤدي إلى خروج تلك المنشآت عن الخدمة في ظل عدم القدرة على تأسيس بدائل لها، إضافة إلى تعرض الكوادر الطبية لمخاطر جسيمة نتيجة ذلك، وافتقار المناطق للكوادر الطبية المتخصصة؛ ما يحمّل الكوادر المتبقية عناء العمل في غير اختصاصاتهم، إلى جانب عدم التنسيق الجيد بين المنظمات، بما يضمن ترشيد المصروفات ووضعها في مكانها الملائم، وكذلك انقطاع الدعم من المنظمات الدولية لفترات طويلة أحيانًا؛ ما يسبّب تراجع وانخفاض الخدمات الطبية”.

وعن الحلول الممكنة لمثل هذه العقبات أوضح الحر أن ما يمكن العمل عليه حاليًا هو”الضغط بجميع السبل على المجتمع الدولي؛ لإيقاف القصف الممنهج على الشعب السوري عامة، وعلى المنشآت الطبية خاصة، ورفد المناطق المحاصرة بكوادر طبية مساندة للكوادر الموجودة، إضافة إلى إيجاد معايير مشتركة للدعم بين المنظمات، بما يُحقق اكتفاءً لجميع المراكز والمنشآت الصحية، إلى جانب دعم المنشآت الصحية لوجستيًا، ولا سيما على مستوى الأجهزة، بسبب استهلاكها من جراء أوضاع العمل والضغط الكبير”.

لا تقتصر الخدمات التي تقدمها “السراج” على ملف واحد، أو بقعة جغرافية وحيدة، بل تعمل المنظمة “على تأمين كل ما يحتاجه القطاع الصحي من دعم، سواءً على صعيد الكوادر الطبية، أم على مستوى الدعم اللوجستي بالأجهزة الطبية والمحروقات والصيانة، إضافة إلى الدعم الدوائي والمستهلكات الطبية، ودعم المتضررين من الحرب في أجور العمليات الجراحية”، وتتضمن مروحة الدعم “تأمين   وتجهيز الأقسام الإسعافية، والعمليات، والاستشفاء، ومنظومات الإسعاف، مرورًا بالعيادات والمخابر والصيدليات والأطراف الصناعية، وصولًا إلى الصناعات الطبية لأصناف دوائية ومواد للعمليات العظمية وأدوات جراحية”.

تسعى المنظمة، من خلال دعمها “مشروعات طبية متنوعة في الداخل السوري، ومخيمات اللجوء، للوصول إلى مرحلة التأمين الصحي للإنسان السوري”.

جماعات للضغط

وكانت “السراج” قد بدأت في نشاطها وأعمالها الإغاثية والطبية في دمشق وريفها، وحمص ودرعا والقنيطرة والحسكة، ومع ازدياد الحاجة “تركز عملنا في دمشق وريفها والقنيطرة والحسكة والشمال السوري، على قاعدة الإيمان بأن السوريون -جميعًا- سواسية، على اختلاف قومياتهم وانتماءاتهم السياسية والدينية” والآن تعمل المنظمة في غوطة دمشق الشرقية والقلمون، وما تبقى من جنوب دمشق، إضافة إلى الحسكة وريف حماة وإدلب وحلب ومخيم عرسال”.

لا يمكن حصر أو قياس ما يحتاجه القطاع الطبي، وما يعانيه من صعوبات ضمن اللحظة السورية الراهنة، المشتعلة، والمثقلة بصراعات مريرة خلّفت أضرارًا مأسوية على مستوى البنى التحتية والفوقية، إلى جانب الخسائر البشرية الفادحة، وأبرزها نقص كبير في الكوادر الطبية، وعلى وجه التحديد، الاختصاصية منها، وهو سبب رئيس في عجز هذا القطاع، ولكن القصف والحصار أيضًا له تأثيره السلبي المباشر في انخفاض الخدمات الطبية، نتيجة انعدام المواد الطبية اللازمة، وتعرض المنشآت والكوادر لخطر القصف والتهديد بتوقفها عن تقديم الخدمات كنتيجة لذلك.

أمام هذه الكارثة لم يجد الحر سوى دعوة المنظمات العاملة في الحقل الإنساني؛ لتشكيل “جماعات ضغط على المجتمع الدولي؛ لدفعه إلى تحّمل مسؤولياته تجاه المأساة السورية المتواصلة منذ أكثر من خمس سنوات”.

إذ لا يمكن الفصل بين الأمرين، فتدعيم قطاع الصحة “يجب أن يستمر، وذلك بسبب الأوضاع الإنسانية والمعيشية التي انحدر إليها المواطن السوري نتيجة الحرب والحصار”، وكذلك لا بد من “الضغط على المجتمع الدولي والمنظمات الأممية لتحمّل مسؤولياتها تجاه معاناة الشعب السوري، وهذا أمر بالغ الأهمية، لأنه آن الأوان لإيقاف آلة القتل والإجرام الأسدية ومن يساندها، لا لشيء إلا لإنصاف الإنسانية لا أكثر”.




المصدر