د. عبدالله محمد الشيبة يكتب: وسائل التواصل الاجتماعي والمصداقية


د. عبدالله محمد الشيبة

لا يختلف اثنان أن الحقبة الحالية تسيطر عليها وسائل التواصل الاجتماعي والتي تٌعرف بأنها «تقنيات متطورة تستخدم برامج حاسوبية وتسمح بإعداد والمشاركة في المعلومات والأفكار والاهتمامات المهنية والعديد من أشكال التعبير عن الرأي من خلال شبكات ومجتمعات تتصل فيما بينها من خلال تلك التقنيات المتطورة». ومما لا شك فيه أن تلك الوسائل المتقدمة، والتي تسمح للأشخاص بالتواصل فيما بينهم بصرف النظر عن المسافة الجغرافية والتوقيت الزمني، أصبحت ضرورة من ضروريات الحياة وليست من الكماليات.

فمن خلال تلك الوسائل، يستطيع المرء التواصل مع الأقرباء والأصدقاء ومعرفة ما يدور حول العالم بل أصبح من السهل معرفة أخبار وآراء زعماء وعلماء ومشاهير العالم وغيرهم من خلال تتبع ما ينشرونه في وسائل التواصل الاجتماعي. وللجهات الرسمية أيضاً دور كبير في نشر القرارات والتصريحات وردود الفعل حول السياسات والبرامج الخاصة بكل جهة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والتي تٌبرز الدراسات المتخصصة آثارها الإيجابية والسلبية.

ومن ضمن الآثار الإيجابية تنمية مهارات الشخص في التواصل الحي مع الآخرين إضافة إلى أهمية تلك الوسائل في الترويج التجاري للمنتجات والسلع والخدمات والوظائف وتبادل الأفكار مع مختلف الأفراد على مستوى العالم. ومن الآثار السلبية ما نشرته بعض الدراسات والبحوث من وجود علاقة قوية بين الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي وبين «الإحباط» و«التحرش» و«الإساءة العنصرية والشخصية». ولكن أخطر سلبيات تلك المواقع في عالمنا العربي – من وجهة نظري – تتمثل في نقطتين رئيسيتين. الأولى هي استخدام بعض تلك الوسائل من قبل الجماعات الإرهابية لاستقطاب فئة كبيرة من الشباب وزرع الأفكار المتطرفة في عقولهم وتحريضهم على ذويهم وأولياء الأمر. والنقطة الثانية هي تناقل أخبار غير صحيحة وأحيانا تتعلق تلك الأنباء بأمور رسمية من اختصاصات المواقع الرسمية لجهات حكومية. ومن أمثلة ذلك ما يتناقله بعض الأشخاص يومياً من أحاديث نبوية شريفة موضوعة وفتاوى لم تصدر عن الجهات الشرعية المتخصصة، وذلك دون بذل أقل الجهد في فحص تلك «الأحاديث والأقاويل الباطلة» قبل إعادة نشرها. والمثال الثاني ما تناقلته بعض وسائل التواصل الاجتماعي بعيد وفاة قائد عام شرطة دبي الفريق خميس المزينة – رحمه الله – بصدور قرار بتعيين أحد القيادات الشرطية في المنصب الشاغر وقرأنا بعد ذلك تكذيباً للخبر، فقام شخص آخر بنشر خبر يفيد بتعيين ضابط آخر قائداً لشرطة دبي، فصدر تكذيب ثانٍ في غضون أربع وعشرين ساعة. والمثال الثالث هو ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي من «تحذير» بوجود أشخاص يرتدون ثياب الطاقم الفني لهيئة كهرباء ومياه دبي يدخلون المنازل بحجة فحص أجهزة الكهرباء ثم يقومون بسرقة تلك المنازل وسرعان ما صدر تكذيب من تلك الهيئة لذلك الخبر. والمثال الأخير هو أيضاً ما تناقله بعض الأشخاص من قيام إحدى الخادمات بارتكاب جريمة إلقاء الأطفال الذين لقوا مصرعهم – رحمهم الله – في «بئر» منزل ذويهم في مدينة العين وسرعان ما صدر توضيح من أسرة الأطفال بأن الخادمة لا تتحمل أي مسؤولية جنائية عن تلك الحادثة المأساوية.
إذن نحن أمام وضع خطير يتمثل في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ليس لنقل الأفكار والآراء والرسائل الهادفة والأخبار الصحيحة الصادرة عن مصدرها الرسمي، وإنما لبث أخبار وتصريحات غير صحيحة مما يتسبب في إحداث بلبلة وزعزعة لأمن واستقرار مجتمعنا. وبالتالي أصبح من الضروري نشر الوعي بين أفراد المجتمع بأهمية عدم بث رسائل وأخبار رسمية أو ذات صبغة دينية إلا بعد التأكد من صحتها، وذلك بهدف تجنب نشر الإشاعات التي بلا شك تساهم في ترسيخ نظرة سلبية عن وسائل التواصل الاجتماعي، وتؤدي إلى إثارة المشاكل بكافة أنواعها في مجتمع يسوده الوحدة والأمن والأمان.

المصدر: الاتحاد

د. عبدالله محمد الشيبة يكتب: وسائل التواصل الاجتماعي والمصداقية على ميكروسيريا.
ميكروسيريا -


أخبار سوريا 
ميكرو سيريا