عين موسكو على كامل الكعكة السورية

5 ديسمبر، 2016

آلاء عوض

تُشير الزيارات المتلاحقة لمسؤولين روس “كبار” إلى دمشق، وفق ما يرى خبراء في الاقتصاد إلى مخطط روسي يُمكّن موسكو من الاستحواذ على ما تبقى من الاقتصاد السوري راهنًا، والهيمنة على مجمل عمليات إعادة الاعمار مستقبلًا، أو على الأقل المشاركة فيها.

في زيارته الأخيرة إلى دمشق (الشهر الماضي)، طرح نائب رئيس الوزراء الروسي، ديمتري روغوزين، على “الجانب السوري”، مُمثلًا ببشار الأسد، كيفية “تثبيت مصالح روسيا الاقتصادية ولمدة زمنية طويلة في سورية”، موضحًا -وفق “روسيا اليوم”- أن تثبيت تلك المصالح “ممكن عبر المشاركة في المشروعات الضخمة في إعادة تأهيل الاقتصاد السوري، والمشاركة في بناء شبكات الطاقة، والموانئ وغيره من مشروعات البنى التحتية الضخمة”.

ويرى الصحافي السوري، المُتخصّص في الشأن الاقتصادي، ناصر علي، أن الاتفاقيات تتعدى الجانب الاقتصادي إلى الهيمنة الكُليّة على البلد، إذ “سبق لإيران أن عقدت اتفاقًا مع النظام السوري، وهو عقد الائتمان الذي تضمّن ضخ أكثر من ثلاثة مليارات من الدولارات لدعم النظام عسكريًا، مقابل شراء وتملُّك طهران عقارات، وحصولها على عقود استثمار في سورية، خلال ما أُطلق عليه فترة (مرحلة إعادة الإعمار)، وكانت غايتها من هذه العقود سياسية بغطاء اقتصادي، وهي القضاء على ما تبقى من الاقتصاد السوري، أو إخضاعه للهيمنة الإيرانية”.

وأضاف علي لـ (جيرون): “الروس الآن يأخذون الحصّة المقابلة، وهي الساحل السوري وما يوجد فيه من خضار وفاكهة، على الرغم من أنها لا تُشكّل قسمًا كبيرًا من إنتاج الاقتصاد السوري، اذ لم تتجاوز قيمتها العام الماضي المليوني دولار، وهذا يعني أن الاتفاق على (الممر الأخضر الجمركي، الذي يتيح مزايا تفضيلية للصادرات الزراعية السورية الى روسيا) ليس وليد الزيارة الأخيرة للمسؤول الروسي، مثلما نشرت المواقع الاخبارية السورية والروسية، بل هو تفعيل وتذليل عقبات”.

ويُقدّر علي أن هدف الاتفاقيات “تخفيف الضغط عن النظام السوري اقتصاديًا، بعد ما مُنع من التصدير إلى أغلب دول العالم، وهو يُشكّل إضافة نفسيّة جديدة، وليست عمليّة لدعم الليرة السورية”.

روسيا غير معنية بتنفيذ هذا الاتفاقيات، وهي “مجرد دعم نفسي للنظام السوري واقتصاده المتهالك، فهي تستورد من تركيا الخضار والفاكهة، وكميات إنتاج النظام السوري من هذه المواد ليس كبيرًا، بما يكفي لسد الطلب المحلي داخل روسيا”.

اليوم، لا يوجد “اقتصاد سوري حقيقي يُغري الروس، وكل ما تبقّى منه مُلحق بالنظام ورجال أعماله المرتبطين به والشبيحة، والروس يدركون ذلك”.

من جهته قال تمام بارودي، نائب رئيس مجلس الإدارة في “المنتدى الاقتصادي السوري” لـ (جيرون): “تسعى روسيا للإفادة ممّا تبقى من الاقتصاد السوري، وبموجب هذه الاتفاقيات والعقود، ستستطيع أن تستورد أي شيء تريده من سورية، دون أن تُرهقها العقوبات الاقتصادية الأميركية والاوربية المفروضة عليها”.

لكن الممر الجمركي الأخضر “حيوي جدًا بالنسبة إلى روسيا”، على ما يؤكد بارودي، فهي بحاجة لهذه “الخضروات والحمضيات، وستستجرها من سورية، دون أي قيد إجرائي أو تحويل بنكي”.

وكان موقع “روسيا اليوم” نقل عن نائب رئيس الوزراء الروسي أن “الشحنات المستوردة من سورية سجّلت، خلال العام الجاري ارتفاعًا بنسبة 274 في المئة، مقارنة بالعام الماضي، مشيرًا إلى أن قيمة المنتجات السورية المُوردة ارتفع من 2 مليون دولار في 2015 إلى نحو 7 ملايين دولار خلال 2016”.

بلغ التوغل الروسي في مفاصل الاقتصاد السوري درجة احتكار إدارة وتشغيل مصفاة بانياس (التي تعد الأكبر في سورية). وذكرت وكالة “آكي” الإيطالية للأنباء أن نظام الأسد “أخلى بناءً إداريًا من جميع موظفيه وموجوداته، وسلّمه للروس، حيث يقيم فيه الآن ضباط وتقنيون روس، يشرفون -إضافة إلى مهماتهم- العسكرية على كل ما يتعلق بالمصفاة وتشغيلها وإيراداتها وخُطط عملها، وحتى القرارات الإدارية فيها، دون أن يحتكوا بالعمال والموظفين”.

على الأرجح أن روسيا ستساند النظام السوري اقتصاديًا للنهاية، وإن كانت هذه المساندة لن تُكسبها كثيرًا من الأرباح، ولكنها ستؤدي إلى المحافظة على حالة الحرب، التي ليس من مصلحة موسكو انتهاءها، خصوصًا أن الهدوء العسكري النسبي، في المناطق التي يُسيطر عليها النظام، يُحتّم متطلبات اقتصادية جديدة، تعجز سورية “الأسد” عن تلبيتها.

لم تتجاوز قيمة الصادرات السورية الـ 1.5 مليار دولار. وفق ما أعلنه وزير الاقتصاد، أديب ميالة، الذي أضاف أن قيمة الواردات بلغت في العام نفسه 4.2 مليار دولار.

تفيد بيانات ما يسمى “هيئة تنمية وترويج الصادرات” أن الصادرات السورية إلى السوق الروسية، سجّلت ارتفاعًا خلال الفترة الممتدة بين عامي 2011 و2015، تمثّل نسبة 1.75 في المئة من مجمل الصادرات السورية!

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]