فقرٌ وبطالةٌ وموتٌ بالجملة… قواسم مشتركة تضني السوريين معارضين وموالين

5 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016

5 minutes

عبد الرزاق الصبيح: المصدر

تفرّقهم الأعلام والرايات وتجمعهم المآسي والمحن، في قصة وطن كامل، تم اقتسامه بين أبناء البلد الواحد على مدى خمسة أعوام بين مؤيد للنظام ومعارض له، ومع أول كلمات كتبها أطفال درعا ضد النظام على جدران مدرستهم الابتدائيّة، منذ مطلع العام 2011، بدأت الحكاية، ولازالت آثارها تتردد حتى هذه اللّحظة، في كلّ أرجاء العالم.

تتشابه الحياة كثيراً في المناطق التي توالي نظام بشار الأسد وتلك التي تعارضه، ولا تبتعد حتى في أدقّ تفاصيلها، ومع علم أطراف الصّراع أو دون علمهم.

تغرق البلاد في المناطق الموالية للنظام والمعارضة له، في حالة من الفوضى وانعدام الأمان وغياب القانون، وتحوّلت مناطق كاملة إلى قطاعات بين فلان وعلّان، وأن تكون صاحب أموال وسيّارات في المناطق الموالية للنظام فأنت بالضّرورة إرهابي ومسلّح، بينما أنت في المناطق المعارضة للنظام شبّيح، وفي الحالتين يتم استباحة أموالك وربما دمك.

وتتشابه لهجة الخاطفين في المنطقتين، وابن الغني وأخوه وذووه عرضة للخطف مقابل المال، وفي الأولى يتم أخذ مبالغ فدية من المخطوف بملايين اللّيرات، وفي الثانية يأخذ الخاطفون مبالغ بالدّولار، ويتساوى سعر السّوري المخطوف في المنطقتين، بعد مراعاة سوق الصرف.

المحاكم كثيرة والمظالم أكثر في المنطقتين، ولكن عن أية قوانين يتحدّثون إذا كان القاضي هو الجلّاد في المناطق الموالية للنظام، ويأخذ القضاء اسم الإسلام فقط في محاكم المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام، ويتعلّق إصدار الحكم بنوع الفصيل الذي تنتمي إليه، أما إذا كنت من الضعفاء وممن لا يحملون السّلاح فما عليك إلّا التنفيذ.

“وردة”، فتاة من ريف اللاذقية، قالت في حديث لـ “المصدر” إن “القسم الأكبر من الشباب إما ماتوا في الحرب السّورية السّورية، أو هاجروا إلى أوربا، والقرى خاوية على عروشها إلّا من النساء والشيوخ”.

وأردفت: “لا تزيد ساعات وصول التيار الكهربائي إلى المنازل عن أربع ساعات في النهار والليل، وعند حلول الظلام لا نستطيع الخروج بسبب الخوف على السيارة والخوف من الخطف والفدية، والغلاء في أسعار معظم المواد الاستهلاكية، مع عدم وجود فرص عمل”.

وكانت قد نزحت آلاف العائلات من مدن حلب وحماة وإدلب ومناطق أخرى إلى مناطق ساحلية، وإلى مدن حماة ودمشق، وتقيم في مساكن جماعية، وترك القسم الأكبر منهم أعمالهم، وأصبحوا عاطلين عن العمل، وهكذا بدت المناطق المعارضة للنظام، وانتشر الفقر والبطالة، ويتقاسم النّازحون في المنطقتين هموم التشرد والنزوح ومآسيهما.

التّيار الكهربائي بات حلماً للمدنيين في جزئي سوريا، رغم أنه في أعلى درجات سلّم مطالبهم. ففي المناطق التي توالي النظام، التيار الكهربائي بالقطّارة والتقنين على قدم وساق، بينما في المناطق التي تعارض النظام، فالأمر يرجع لمزاج أصحاب الأمبيرات ويصبّ في مصلحتهم.

يشتري أصحاب السّيارات البنزين والمازوت بـ (علبة الكولا) الفارغة، والتي أصبحت وحدة القياس الوحيدة في المنطقتين، ويتم بيع البنزين والمازوت بنفس السعر في المنطقتين، كما تتقارب أسعار المواد الغذائية في المنطقتين، والاحتكار والاستغلال سيّد السّوق فيهما، ويلعب التّجار أنفسهم نفس الدور في المنطقتين.

في المنطقتين يتم سرقة المعونات التي تقدمها المنظّمات الإنسانيّة من قبل متنفّذين، ويتم استغلال حالات إنسانية بما فيها قتلى المعارك، ويتم تصوير مأساة السّوريين وعرضها للعالم فقط من أجل المزيد من الدّعم، وفي المنطقتين يتسابق الكثير من الإعلاميين في أخبار تم وضعها سلفاً قبل وقوعها، وأهم شيء في الأخبار، هو حياة القائد، ويشترك بينهما السّلفي.

وفي المناطق التي عارضت النظام تم تدمير البناء وكل شيء يحتاج إليه الإنسان في حياته، وحياة الإنسان حسب قربه أو بعده عن القنابل التي تلقيها طائرات العالم، وفي المناطق التي توالي النظام تم تدمير كل شيء يتّصف به الإنسان، وأصبحت حياة الإنسان رهينة بيد العنصر الذي يقف على الحاجز ومزاجه.

وبعد فوات الأوان سيكتشف السوريون أنّهم في المنطقتين ليسوا إلاّ أدوات تحركهم الأجندات الدوليّة وتلعب على أوتار حاجاتهم لتحقيق مآرب دول كبرى خاصة بها، وفي الأغلب تبقى هذه المناطق سوقاً لتجريب أسلحة دول كبرى، وما وجود المنظّمات الدوليّة إلا للتّغطية على هكذا أعمال، هي تريدها وتستخدمها عند الضرورة، ولكن يقول الكثير من السّوريين إن سوريا ستعود أفضل مما كانت ولكن متى وكيف؟… لا أحد يملك الإجابة.

[sociallocker] المصدر
[/sociallocker]