كيف تحول معمل قطاع عام تابع لحكومة النظام إلى وسيط سمسرة؟

5 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016

6 minutes

ذكرت صحيفة “الوطن” المحلية الموالية للنظام أنها حصلت على وثائق تخص العمل في معمل أحذية في مصياف، تدل على وجود أخطاء ومخالفات فادحة، مثل التزوير والهدر بمليارات الليرات، مشيرة إلى أنه تم رفع هذه القضية إلى حكومة النظام السابقة والجهات المعنية لكن ما من إجابات حتى تاريخه.

وأضافت الصحيفة أنه بموجب معروض ووثائق قدمها عضو مجلس الشعب الناطق باسم النظام جمال أبو سمره لوزارة الصناعة، فإن المدير العام السابق للشركة العامة لصناعة الأحذية بدمشق، “متهم”، بإبرام عقود بالتراضي بملايين الليرات السورية لتوريد الجلد الطبيعي مع تاجر واحد فقط علماً أن الجلود الموردة من التاجر المذكور مخالفة للمواصفات وهي من النخب الرابع والخامس ويتم قبولها منه من إدارة المعمل وبموافقة مدير عام الشركة العامة لصناعة الأحذية بدمشق على أنها من النخب الأول والثاني وبأسعار عالية جداً.

وتابعت الصحيفة: أن الجلد المورد من التاجر المذكور لا يعمل على خطوط الإنتاج بالشكل المطلوب ويتسبب بأعطال كثيرة في الآلات ما يزيد تكاليف الصيانة ويقلل من الإنتاج اليومي ويكبد المعمل خسائر كبيرة، وحجة الإدارة في ذلك هي الظروف الحالية.

وقالت الصحيفة أن كثيراً من التجار مستعدون لتوريد مواد الجلد الطبيعي بالمواصفات المطلوبة وبسعر أرخص، إضافة إلى حصول مدير الشركة على موافقات من الوزارة لشراء أحذية مدنية ومهنية نصف مصنعة على أن يكمل تصنيعها في المعمل، لكن ما يجري في الواقع بعلم جميع العاملين أن هذه الأحذية تأتي مصنعة ومغلفة بشكل كامل من السوق الخارجية ومشغولة لدى شركات القطاع الخاص وتدخل المستودع وتخرج مباشرة إلى القطاع العام على أنها من إنتاج المعمل، وحجة الإدارة في ذلك أن المعمل غير قادر على صناعة هذه الأحذية.

وبحسب الصحيفة فقد تساءل أبو سمرة: كيف لمعمل يمتلك أكثر من ثلاثين عاماً من الخبرة في صناعة الأحذية ويحقق نسبة مبيعات 144 بالمئة ونسبة تنفيذ 114 بالمئة استناداً للخطة الإنتاجية، ولا يستطيع صناعة حذاء مدني واحد علماً أن هذا المعمل كان ينتج في بدايته أفضل أنواع الأحذية المدنية التي كانت تضاهي الأحذية الأجنبية؟!

ويفيد عضو مجلس الشعب بأن عدم جدية مدير عام الشركة العامة لصناعة الأحذية وإدارة معمل أحذية مصياف في إحداث ورشة لصناعة الأحذية المدنية في معمل أحذية مصياف وقيامهم بوضع العراقيل أمام قيام هذه الورشة، ما يثير الكثير من التساؤلات غير البريئة.

والأهم أن إدارة المعمل تقوم بحرمان العمال من الحوافز والمكافآت مع تحميل العاملين في معمل أحذية مصياف مسؤولية سوء مواصفات المواد الأولية في الصناعة ومعاقبتهم بالحسم من رواتبهم؟!

كما أن الأرباح التي يحققها معمل أحذية مصياف هي أرباح مشكوك فيها، حيث تحول المعمل إلى مكتب سمسرة يقوم بشراء الأحذية من السوق الخارجية ويقوم بتحويلها مباشرة إلى شركات القطاع العام على أنها من إنتاج المعمل، وهذا كله بعلم المدير العام ومن معه، وهذا العمل شكل بيئة خصبة لضعاف النفوس ليقوموا بحرمان المعمل من مئات ملايين الليرات السورية وتحويلها إلى جيوبهم الخاصة.

وأضاف أبو سمرة: ما دام المعمل رابحاً حسب قول إدارة المعمل فلماذا يحرم العمال من الحوافز؟ ولماذا يدفع العامل 10 بالمئة من راتبه أجور نقل للمركبات المتعاقد معها من المعمل؟ علماً وحسب الوثائق الموجودة في المعمل فإن المعمل لا يحول له سوى نصف الأرباح الموثقة والباقي يوزع على المستفيدين.

ويبين عضو مجلس الشعب بما لديه من وثائق، أن أرباح المعمل المقدرة بـ45 مليون ل. س لعام 2014 حسب إدارة المعمل هي “سرقة من شركات القطاع العام وهي ليست نتيجة التصنيع على خطوط الإنتاج في المعمل” بل ناتجة عن شراء المعمل لأحذية مدنية عديمة الجودة، مصنعة تصنيعاً كاملاً في الخارج لدى ورشات صناعة الأحذية ومسلمة إلى القطاع العام على أنها من إنتاج المعمل وبهذا يتحول المعمل إلى مكتب للتجارة يشتري من الخارج ويبيع القطاع العام، وفي كلتا الحالتين يجب أن تكون الأرباح أضعاف هذا المبلغ.

وأشار إلى أن شراء الأحذية من الخارج يحرم المعمل من مئات ملايين الليرات السورية التي تذهب إلى جيوب البعض من ضعاف النفوس الذين تناسوا تطوير وتحديث المعمل وتجديد العمالة وتحفيز العاملين وبات همهم الوحيد هو كم نشتري من الخارج وكم نربح لذلك نجد الآلات معطلة وقديمة لأنه لا يوجد خطة من الإدارة لتجديدها وتحديثها والمبررات كثيرة والمصلحة هي البقاء على الوضع الراهن كما هو لنبقى نشتري من الخارج.

ووفقاً للصحيفة فقد بيّن عضو مجلس الشعب جمال أبو سمرة أن المثير للدهشة أن مدير المعمل السابق قد قام بعد إعفاؤه بتشكيل جمعية تعاونية لصناعة الأحذية، وله تعامل تجاري مع المعمل الذي كان يديره.

مشيراً إلى أن من يحمي هؤلاء موجودون في الوزارة، وخاصة أنه تم تسليم ملف الفساد كاملاً إلى الوزير الذي قام بإحالة الملف على المعمل ذاته. فكيف سيتم معالجة الموضوع؟.

الجدير بالذكر أن سوريا تُصنف بين الدول العشر الأكثر فساداً في العالم بحسب المؤشر التابع لمنظمة الشفافية الدولية. ولم يكن هذا التصنيف فقط خلال سنوات الحرب الخمس الماضية بل إن تقارير المنظمة تشير إلى تنامي الفساد في سوريا قبل بدء الثورة السورية منتصف مارس/آذار 2011، حيث يُعد انتشار الفساد من أهم الأسباب التي دفعت السوريين للخروج ضد نظام الأسد.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]