مآسي العبور إلى تركيا تهريبًا
5 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
فارس وتي
دفعت غارات النظام وروسيا أهالي ريف إدلب، للبحث عن أماكن في حركة نزوح داخلية، أو التوجه للحدود الشمالية في محاولة منهم للدخول إلى تركيا. وفي ظل إغلاق جميع المعابر الحدودية الرسمية معها، لا يجدون امامهم سوى المعابر غير الشرعية “تهريب”.
لجأ كثير من أهالي حلب إلى بلدات ريف إدلب، القريبة من المعابر غير الشرعية، ليعبروا الى تركيا، هربًا من قصف طائرات النظام والروس، ليقعوا في معاناة من نوع آخر.
وقال إحسان التادفي، وهو أب لخمسة أطفال، من ريف حلب الشمالي، لـ (جيرون): “أتينا من ريف حلب الشمالي منذ شهرين، فارين من همجية القصف على منطقتنا كل يوم، وخوفًا على زوجتي وأطفالي الخمسة، قررنا اللجوء إلى تركيا، ومنذ قرابة الشهر ونصف ونحن نحاول، بمعية المهربين، العبور الى الأراضي التركية لكان دون جدوى”.
وأضاف: “وعدنا المهربون كثيرًا بتأمين عبور آمن لنا مقابل 600 دولار على كل فرد منا، لكن للأسف لم تتحقق تلك الوعود”.
من جهتها قالت سوسن الخالدي، لـ (جيرون): “أتيت من ريف اللاذقية الى بلدة عزمارين في ريف إدلب الغربي، متأملة العبور الى تركيا، بطرق سهلة، وبحسب ما قال لي بعض سماسرة التهريب، فإن العبور سيكون آمنًا دون مصاعب”.
وأضافت السيدة الأربعينية عن تجربتها في العبور “ذات يوم اتصل بي أحد سماسرة التهريب، وقال لي كوني مستعدة للعبور اليوم في العاشرة ليلًا، وأخبرني أنني مضطرة للسير على الأقدام لمدة زمنية لا تتجاوز الربع ساعة”، حينها وافقت السيدة وذهبت ساعة الموعد، والتقت بالمهرب، وطلب منها مبلغ 550 دولارًا، لكن عند عبوري الى الحدود التركية، مشيت من الوقت ما يقارب ثلاث ساعات، وباءت محاولة العبور بالفشل، حيث ألقت الجندرما القبض علينا، وأخذتنا الى المخفر التركي، وبعد يوم أعادتنا الى الأراضي السورية”.
وقالت الخالدي إنها تعرضت “للسرقة والنصب والكذب من المهرب، الذي ضمن لي العبور ولم أعد أستطيع اللقاء به لأسترجع أموالي”.
كيف “أصبحت” مهربًا
الآلاف من السوريين اليوم يتبعون توجيهات المهربين، ودور السماسرة ينحصر في إقناع “الزبائن” بعبور آمن. تبرير أصحاب مهنة التهريب
وقال أبو محمد، مُهرّب من بلدة زرزو في ريف إدلب، لـ (جيرون): “في السنوات الأولى للثورة السورية، كنت أعمل في محل تجاري في مدينة دركوش في ريف إدلب، لكن القصف الوحشي طال المحل مرتين، وتعرضت لإصابة في قدمي اليمين، ولم أعد قادرًا على الوقوف والعمل، وفي ذات يوم عرض علي شخص أن أعمل معهُ في مهنة التهريب، وحينها كان عملي فقط أن أحضر الاشخاص، على أن أتقاضى 50 دولارًا على كل شخص أجلبهُ له، وعملت معه لفترة من الزمن تقارب السنة، ولا أخفي عليك ما حصل بعدها، فهذه المهنة مُربحة وبدون رأس مال، وتجلب كثيرًا من المال في ظل الأوضاع الراهنة، وأصبحت أعمل لوحدي بتهريب الأشخاص من معبر خربة الجوز في ريف إدلب”.
وتابع “أنا الآن صاحب مهنة، مُهرّب، وعندما أتفق مع الأشخاص وأخذ منهم مبلغ 300 دولارًا على سبيل المثال، فهذا لا يعني أن المبلغ يذهب لجيبي الخاص، فهنالك أشخاص في تركيا أدفع لهم نصف المبلغ مقابل أن يعبر الأشخاص إلى تركيا بسلام، دون صعوبات، وعندما يكون عدد الأشخاص الذين يريدون العبور الى تركيا كبيرًا، حينها أتكلم مع شريكي في تركيا ليؤمنّ لي طريقًا، بالاتفاق مع (الجندرما)، في هذه الحالة ندفع مبالغ أكبر ونتفق على موعد معين ليتم عبور الأشخاص إلى تركيا، وفي حال باءَ عبورهم بالفشل أعيد لهم المبلغ ،وعلى الرغم من كل هذا، بعضهم يتهمنا بالنصب والكذب، وأقول لهم لستم مجبرين أن تأتوا إلي، فهنالك مُهربون يقطنون في معبر باب الهوى الحدودي لكن بتكلفة مادية عالية، اذهبوا إليهم واضمنوا طريقكم لوحدكم”.
انتهاكات
يتعرض كثير من العابرين للإهانة على الحدود التركية، ويتعرضون للقتل أحيانًا، ويروي عمر وتي، من مدينة سلقين في ريف إدلب الغربي تجربته في التعرض للاعتقال عند عبوره الى تركيا، وقال “ألقى الحرس الحدودي القبض علي، وأقلّني بآلية عسكرية إلى إحدى نقاطهم القريبة من الحدود، وانهالوا علي بالضرب والشتائم، وأخرجوني بعد يومين من سجونهم، مهددًا بالسلاح في حال ألقوا القبض علي مرة أخرى”.
ويضيف أنه: “منذ نحو الشهرين تعرضت عائلة بأكملها في معبر خربة الجوز لطلقات نارية من حرس الحدود التركي، أسفرت عن وقوع أربعة قتلى. طفلان وامرأة. فبأي ذنٍب نُقتل!”.
لا يتردد حرس الحدود التركي في إطلاق النار على كل من يحاول العبور الى أراضيه من السوريين، وسجلت حالات القتل في ريف إدلب منذ عام 2015 وحتى الان، 32 قتيلًا، بحسب فريق الرصد والمتابعة لشبكة أخبار إدلب.
[sociallocker] [/sociallocker]