القمة الخليجية القادمة.. هل تصنع مستقبلاً آمنًا للشعوب الخليجية؟

تأتي القمة الخليجية في العاصمة البحرينية المنامة في 6 و7 ديسمبر القادم، وسط تهديدات وتحديات متنامية وتحولات كبيرة في خارطة التحالفات الدولية والإقليمية، على رأسها قدوم ساكن جديد إلى البيت الأبيض ينتمي وإدارته إلى اليمين المتطرف، ويتبنى نظرة عنصرية لدول الخليج، تأتي أيضا في ظل مخاطر مباشرة أيضا تعانيها دول الخليج وبخاصة السعودية تتمثل في تصعيد ميلشيا الحوثي وميلشيات شيعية، وتهديد طهران بإنشاء قواعد عسكرية خطيرة وشن حروب جديدة بالوكالة، وتراجع الخليج على أجندة صانع القرار الأمريكي والأوروبي.

وبينما تتزايد قائمة التهديدات ومصادرها من قبل إيران وأذرعها، والإدارة الأمريكية اليمينية، والتغول الروسي في سوريا، وحاجة دول الخليج لتطوير قدراتها الدفاعية والتسليحية، تتزايد الأزمات الاقتصادية بالداخل مع تراجع إيرادات النفط وتزايد عجز الميزانية.

في هذا الإطار والبيئة الإقليمية والدولية المحتقنة ماذا ستكون أهم الملفات الساخنة على أجندة القمة وما أبرز القضايا المتوقع تصدرها والتي تشكل تهديد مباشر لأمن الخليج:

مواجهة ميلشيا الحوثي      

يعد الملف اليمني من أهم الملفات على أجندة دول مجلس التعاون المشاركة جميعها عدا عمان في التحالف العربي في اليمن بقيادة الرياض، في ظل مرور 20 شهرا على بدء عاصفة الحزم، والتصعيد الحوثي المستهدف العمق السعودي ومكة المكرمة، واستخدام الصواريخ البالستية القادمة من طهران.

في هذا الإطار، أفاد مسؤول خليجي رفيع بأن دول مجلس التعاون الخليجي تدرس إدراج جماعة الحوثيين في اليمن وعدد من الجماعات الأخرى ضمن القائمة الإرهابية.

وقالت صحيفة  «الشرق الأوسط»  إنها وجهت سؤالا حول ما إذا كان وكلاء وزارة الداخلية الخليجيون قد ناقشوا خلال اجتماعهم الحالي في الرياض وضع جماعة الحوثيين على لائحة المنظمات الإرهابية٬ قال العميد هزاع الهاجري٬ الأمين العام المساعد للشؤون الأمنية بأمانة مجلس التعاون الخليجي: “نحن الآن ندرس هذا الموضوع٬ وتتم مناقشة هذا الأمر٬ وإن شاء الله سيرى النور في القريب العاجل.”

مخاطر الميلشيات الشيعية

ليست فقط ميلشيا الحوثي التي تشكل خطر مابشر لأمن الرياض والخليج، فهناك حزمة من الميلشيات الشيعية تهدد أمن الجزيرة العربية علانية وتستهدف بالأساس السعودية والكويت والبحرين، على رأسها ميلشيا الحشد الشعبي العراقية وهي نسحة من الحرس الثوري الإيراني وميلشيا حزب الله، ومن ثم من المتوقع أن يكون خطرها محل دراسة وبخاصة عقب استعراض حزب الله العسكري في مدينة القصير السورية، وإصدار قانون الحشد الشعبي كقوة رسمية قانونية، الأمر الذي يتعلق أيضا بإعادة تقييم العلاقة مع العراق، الذي تحول من الحصن الشرقي للدول العربية إلى مصدر تهديد مباشر لأمن الخليج في ظل هيمنة طهران على حكومة العبادي وهياكله العسكرية والأمنية، قد تتجه دول الخليج لإدراج هذه الميلشيات على قوائم الإرهاب مثلما فعلت مع حزب الله مع تحصين حدودها من أي تهديدات محتملة على الحدود.

تهديدات إيران المتنامية

تشكل التهديدات الإيرانية أولوية على أجندة القمة القادمة، في ظل تطورات استراتيجية حرجة، والمخططات التوسعية الإيرانية، فقد أكد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري في 26 نوفمبر/تشرين الثاني،2016، أن بلاده بحاجة إلى قواعد بحرية في اليمن وسوريا.

كذلك أعلن قائد القوات البحرية الإيرانية الأميرال حبيب الله سياري عن بناء 3 قواعد بحرية جديدة على السواحل الإيرانية المطلة على بحر العرب.ونقلت وكالة “تسمين” الإيرانية عن سياري قوله، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، 2016، إن البحرية تعتزم إقامة “منطقتين بحريتين كبيرتين و3 قواعد بحرية جديدة على سواحل منطقة مكران”، المطلة على بحر العرب.كذلك سبق لطهران أن أرسلت الشهر الماضي سفينتين حربيتين إلى خليج عدن “لحماية السفن التجارية”.

خطر إيران متمدد أيضا في سوريا حيث أعلنت ميلشيا الحشد الشعبي انتقالها إلى سوريا ودول خليجية بعد انتهاء المعارك في العراق، كذلك تتمسك طهران ببرنامجها للصواريخ البالستية، وتقوم بتطوير قواتها المسلحة عبر التعاون مع روسيا والصين.

العلاقة مع إدارة ترامب اليمينية

برغم تهنئة قادة دول الخليج للرئيس الجمهوري المنتمي لليمين المتشدد بقدومه رئيسا إلا أن هذا الرئيس وإدارته اليمنية ترسم سيناريوهات متشائمة للعلاقة بين الطرفين، حيث تقوم السياسية الخارجية المرتقبة لترامب على نظرة استعلائية نفعية تجاه دول الخليج، حيث قال عنها “من دوننا ليس لها وجود” وذلك في تصريحات عدائية ووصفها بأنها “لا تملك شيئا سوى الأموال”. وذلك خلال تجمع انتخابي له  في فيرجينيا، قال فيه:”سأذهب إلى دول الخليج، التي لا تقوم بالكثير صدقوني، دول الخليج لا تملك أي شيء، لكنها تملك الأموال، سأجعلهم يدفعون الأموال”.

ترامب يطلب ما يسميه “ثمن الحماية” أيضا وتحدث بشراسة تجاه السعودية-أهم دولة خليجية- مطالبا بدفع المال لأمريكا لقاء حمايتها من الزوال، وقال ترامب في 27 مارس،2016 “إنه ينبغي على الدول التي تتمتع بحماية الولايات المتحدة أن تدفع ثمن هذه الحماية، حتى الدول التي تملك موارد ضخمة مثل السعودية”، وأضاف “ترامب” لصحيفة “نيويورك تايمز” إنه قد يوقف استيراد النفط من السعودية ما لم تشارك الأخيرة بجيشها في قتال تنظيم “الدولة الاسلامية” أو تعوض الولايات المتحدة عن الجهود التي تبذلها في محاربة التنظيم.

فهل سيقدم ترامب على عقد اتفافيات أمنية مجحفة تضمن له ما يريد وماذا سيكون موقف الخليج منها في ظل التهديدات الإيرانية، وهل ستتجه إلى تنويع حلفاءها لمواجهة التغول العسكري الأمريكي الإيراني الزاحف على المنطقة؟

المخيف قانون “جاستا” الأمريكي وكيف سيتم تطبيقه على السعودية وهل سيتم تعميمه بطريقة ما ليشمل دول خليجية أخرى بجانب السعودية.الأكثر خطورة إعلان ترامب استهدافه لنفط المنطقة واستغلاله لها.

تنويع الحلفاء والعلاقة مع تركيا

في إطار التقارب الروسي الأمريكي المحتمل، وتخلي واشنطن عن الحليف الخليجي، والتقارب الأوروبي الإيراني بمرحلة ما بعد الاتفاق النووي، والتغول الروسي في سوريا، وتقاربه مع طهران، صار يتصدر أجندة صانع القرار الخليجي البحث عن حليف سني قوي والدخول معه في شراكة استراتيجية، هذا الحليف هو تركيا، ومن المرجح أن يتم تعزيز العلاقات معها بالفترة المقبلة على المستوى الثنائي والجماعي، وبخاصة في ظل اتجاه دول الخليج لتطوير قطاع الصناعات العسكرية بجهد ذاتي، وتطوير الاتفاقيات الأمنية والاستراتيجية معها في مواجهة مشروع سايكس بيكو الجديد يستهدف تقسيم دول المنطقة، ويعتبر دول الجزيرة العربية المحطة القادمة.