“المدينة الآمنة” ليست كما يُصوّرها النظام


عادت حالات الاختطاف بهدف الابتزاز للظهور في مدينة اللاذقية من جديد لتشكل مع عودتها هاجساً لسكان المدينة وتُجّارها لاسيما مع ارتفاع معدل العمليات بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، والتي كان آخرها خطف فتاة في الثامنة عشرة من عمرها تدعى “رهف انجروا” في وضح النهار عندما كانت بصحبة والدتها في حي الشيخ ضاهر وسط المدينة، لتنقطع بعد ذلك أخبارها عن عائلتها منذ أكثر من أسبوعين.

قصة الفتاة الشابة “رهف” شغلت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً بعد أن سرى خوف بين الناس من مصير مشابه لما حصل مع الفتاة الأُخرى “رهام أحمد” والتي قتلت قبل أشهر قليلة على أوتوستراد مدينة جبلة – اللاذقية وهي تقاوم مسلحين حاولوا سرقة سيارتها وأموالها.

 

ورغم أن النظام يطلق اسم “المدينة الآمنة” على اللاذقية نتيجة لبعدها عن مركز العمليات العسكرية منذ فترة طويلة، إلا أن حالات الخطف والسرقة والفلتان الأمني وانتشار السلاح بشكل كثيف بين أهالي المدينة بات يثير الخوف بين السكان، لاسيما مع التراخي الأمني تجاه هذه العصابات، واتهام ناشطي المدينة لقادة بعض المليشيات المعروفة بالإشراف شخصياً على هذه الحالات لتمويل أعمالهم الخارجة عن القانون.

وبحسب موقع إعلامي مقرب من النظام يُدعى “أوقات الشام” فقد سُجّل منذ  بداية العام الحالي وحتى اليوم في مدينة اللاذقية ما يزيد عن 150 حالة اختطاف، وبعض هذه العمليات أسفرت عن مقتل الشخص المُختَطَف أثناء محاولته النجاة من خاطفيه، بينما انتهى معظمها بعودة الضحايا إلى ذويهم مقابل الحصول على أموال طائلة تراوحت بين 1 إلى 20 مليون ليرة سورية.

ووفقاً لما ذكرَ عضو “لجان التنسيق المحلية” في مدينة جبلة “فراس العمر” فإن” عمليات الخطف لا تحمل طابعاً سياسياً أو دينياً غالباً، بل تستهدف التجار وأصحاب الأموال، بالإضافة لأبنائهم وبناتهم. ويضيف “العمر” في حديثه لـ “صدى الشام” أنّ” معظم العمليات باتت مكشوفة، وتتم بنفس الآلية في الصباح الباكر، أو في آخر الليل حيث تقف سيارة أمنية أمام منزل الضحية يكون بداخلها بين 4 إلى 6 عناصر مدججين بالسلاح، وعندما تتقدم الضحية لركوب السيارة ينقض عليها العناصر مُبرزين بطاقات أمنية ومبررين الاعتقال، بينما يتم سحب البعض إلى السيارة بشكل مباشر أمام أعين الناس، لتتوجه هذه السيارة إلى خارج المدينة لاحقاً وغالباً إلى القرى الموالية أمام مرأى حواجز قوات الجيش والأمن التابعة للنظام”.

 

بين فترة وأخرى تنشر بعض الصفحات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي قصصًا لضحايا مدنيين تعرضوا للخطف، ويندد معظم المعلّقين بسوء إدارة النظام للمدينة التي باتت خارج القانون، نتيجة هذه العمليات وفق ما يعبر عنه بعض الموالين أنفسهم.

ولا يختلف الأمر كثيراً في مدينة جبلة المجاورة فقصة الشاب “وائل الزين” انتهت قبل أيام قليلة بإطلاق سراحه مقابل مبلغ 5 ملايين ليرة سورية، بعد اختطاف دام سبعة عشر يوماً.

وبحسب الناشط المعارض “فراس العمر” فإن اختطاف الشاب ذي الأربعة والعشرين عاماً جرى من أمام منزله في حي الجبيبات شمالي المدينة حين اعترضته سيارة لا تحمل أي لوحة، ويلبس عناصرها زياً عسكرياً، حيث اقتيد أمام أعين الناس وهو يُضرَب، قبل أن يطالب خاطفوه والده بالمبلغ الذي وافق على سداده دون تدخل قوات الأمن في المدينة”.

 

 

ويبدو أن انتشار هذه الحوادث منذ قرابة خمس سنوات في مدينة اللاذقية وريفها حوّلها إلى ظاهرة بدأ سكان المدينة يعتادون عليها وفق ما يؤكده الشاب “خالد” وهو طالب جامعي في مدينة اللاذقية.

ويقول “خالد” إن الخاطفين يحصلون غالباً على معلومات دقيقة عن أحوال الضحية والإمكانيات المادية، ومكان العمل، وبعض هؤلاء باتوا معروفين ويتبعون لمليشيات الدفاع الوطني مثل عناصر الشبيح أيمن جابر وفواز الأسد، ومخلوف.

و يضيف خالد “معظم الضحايا مؤخراً كانوا من الطائفة المسيحية التي تمتلك محلات صرافة وتجارة في حي الأمريكان الراقي وسط اللاذقية، حيث كانت النسبة الأعلى خلال شهر أبريل الماضي حين جرت ست عمليات خطف من أبناء هذه الطائفة خلال أقل من أسبوعين”.

 

بعض هذه الحالات انتهت بحسب الطالب الجامعي بنهاية سيئة مثلما حل بالطالب الجامعي “يوسف حنا موسى” وهو من عائلة مشهورة في اللاذقية حيث قَتله خاطفوه بعد تسلمهم مبلغ مليون ومئتي ألف ليرة سورية، وبعدها وجدت جثته في حي “المشاحير” الموالي بعد عدة أيام.

لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد حالات الخطف في اللاذقية، لكن وسائل التواصل والأهالي دائما ما يتحدثون عن هذه الحالات، ويطلق البعض على الخاطفين اسم “دواعش الداخل ” وهم وفق زعمهم أشد خطرا على اللاذقية وأهلها من أي عدو آخر.

 



صدى الشام