حلب تحت النار.. ماذا في جعبة المعارضة لمواجهة أسوأ سيناريو؟

وسط صمت دولي وإقليمي تتسارع وتيرة الأحداث في مدينة حلب السورية، بعد أن سيطرت قوات الأسد مدعومة من الطيران الروسي، على ثلث المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة في شرقي المدينة.

ويعد تقدم قوات الأسد ضربة موجعة للفصائل المعارضة في المدينة، حيث خسرت منطقة الصاخور ومساكن هنانو، وهرب آلاف المدنيين من الأحياء المحاصرة، بعد نحو أسبوعين من القصف المكثّف.

وقالت وزارة الدفاع الروسية، إن قوات الأسد أحكمت سيطرتها على 12 حيّاً من أحياء حلب، أي 40% من المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة المسلحة.

ويعيش في حلب نحو 250 ألف شخص ما زالوا محاصرين شرقي المدينة، الذي تكاد تنفد فيه المواد الغذائية والإمدادات الطبية.

وفي حديث لـ “الخليج أونلاين” قال إبراهيم الحاج، مسؤول الدفاع المدني السوري بحلب، المعروف باسم “الخوذ البيضاء”، في شرق حلب: إن “هناك حركة نزوح كبيرة، والوضع الإنساني في حالة يرثى لها”.

وتحدّث الحاج عن وجود مئات المدنيين تحت الأنقاض، وسط انعدام أي نقاط طبية أو مستشفيات، وعجز الدفاع المدني عن انتشالهم بسبب قصف الروس لآليات الدفاع المدني.

وقدّر مسؤول الدفاع المدني عدد النازحين بستة آلاف نازح، مبيناً أن أغلب العائلات تعيش وضعاً مأساوياً، وحذّر من مأساة إنسانية تنتظر المدينة، مشيراً إلى سقوط أكثر من 10 آلاف قذيفة على المدينة، منذ صباح الثلاثاء.

-تواطؤ دولي

وحتى الساعة لم يصدر أي بيان دولي يدين قصف حلب ويطالب بوقف الروس لجرائمهم المستمرة هناك، الأمر الذي أثار خيبة أمل الكثيرين من السياسات العربية والدولية، التي تركت حلب وسكانها تواجه مصيرها وحدها.

نصر الحريري، المعارض السوري والأمين العام السابق للائتلاف الوطني السوري، اعتبر أن الصمت الدولي يمثل قبولاً بالجرائم التي تجري في حلب.

وأضاف في حديث لـ “الخليج أونلاين”: “أكثر الدول التي احتالت على الثورة السورية والسوريين هي الولايات المتحدة، وهناك أيضاً حلفاء لها يشاركون النظام معاركه ضد الثوار”.

وتابع: “الولايات المتحدة منعت حلفاء الثورة من تزويد الثوار بالسلاح النوعي، في الوقت الذي فتحت فيه المجال لأعداء الشعب السوري لتوفير كل ما يحتاجونه لمواصلة قتالهم للسوريين”.

وحذّر الحريري من أنه في حال سيطر “الاحتلال الإيراني والروسي” على سوريا فلن يقف عند ذلك الحد، بل سيمتد إلى دول أخرى لن يسلم منها أحد، لا سيما دول الخليج العربي، موضحاً أن “السوريين يحاربون عن الأمة العربية ضد المشروع الإيراني الصفوي”.

-من الثورة إلى التحرُّر

وتنذر سيطرة قوات الأسد على مناطق المعارضة في حلب بإنهاء الحل السياسي وأي مسعى له، وسيعيد تشكيل الخريطة السورية بالكامل، وفق مراقبين.

محمد يحيى مكتبي، عضو الائتلاف الوطني السوري، اعتبر أن هدف العملية الروسية في سوريا هو إخضاع السوريين، وإجبار المعارضة السياسية والعسكرية على الموافقة على الدخول في حكومة موحدة مع الأسد.

وأضاف في حديث لـ “الخليج أونلاين”: “روسيا تعمل في سوريا على طريقة غروزني لإبادة البشر والحجر، في سبيل جعل المعارضة تقبل بوضع يدها بيد مجرم كبشار الأسد، وهو أمر نرفضه ولن نقبل به”.

وحول خيارات المعارضة السورية للتعامل مع سيناريو سيطرة النظام على حلب، تحدّث مكتبي عن وجود مشاورات لتشكيل جبهة تحرّر وطني تعيد حسابات المعارضة إزاء ما يجري.

وتابع: “سوريا اليوم بلد محتل من دولتين هما إيران وروسيا، وعليه يجب الانتقال من مرحلة الثورة إلى مرحلة حرب التحرير، ولا سبيل لذلك إلا بإعادة هيكلة كافة المؤسسات السياسية والعسكرية؛ للخروج بجبهة تحرر وطني من هذا الاحتلال”.

لكن في المقابل أوضح الدكتور باسل الحاج جاسم، الخبير في الشؤون الاستراتيجية، أن خيارات المعارضة باتت تضيق مع الوقت؛ لأنها لم تستفد من الفرص التي أتيحت لها لتوحيد صفوفها، معتبراً أن المعركة في حلب تأتي في إطار “حرب كبيرة وطويلة”.

وحول ما ذكره معارضون من اللجوء إلى تشكيل جبهة تحرر وطني، أوضح الحاج جاسم أن هذا الأمر صعب؛ لأن المعارضة فشلت في إعادة إنتاج نفسها في أكثر من مناسبة، مبيناً أن “ما يجري في حلب لم يكن للمرة الأولى، وتكرر كذلك في مدن سورية أخرى، ومع ذلك لا نرى أي اعتراف بالأخطاء، وهو ما أتاح المجال لقوى طفيلية إرهابية بالظهور، وأدى إلى سوء الوضع الميداني”.

وأضاف قائلاً: “من لم يتمكن طوال خمس سنوات من جعل الدول تجري للاستفادة من تقاطع مصالحها معه، عليه أن يجري بعد ذلك للاستفادة من تقاطع مصالحه مع تحركات تلك الدول”، مشيراً إلى أن بعض من تصدّر المشهد سياسياً “أساء للشعب السوري ولثورته”.