دموع تتصدر الموقف على وجنتي شاب خرج من سجن حماة يوم أمس


حين خرج صباح أمس السبت من سجن حماة، ليرى سماء الوطن، لم يفعل شيئاً سوا أن ذرف الدموع على وجنتيه، وتلعثم “عم ابكي عإبني وعزوجتي وأمي، كنت متوقع اطلع بيوم ويستقبلوني، بس للأسف هنن بلبنان وأنا هون بجيل الزاوية بعد ما طلعت مبارح من السجن”

“أحمد علي الجلب”، ابن معضمية الشام، ذو ال37 ربيعاً، قضى منها أربع سنوات ونصف في سراديب النظام وأقبيته، يشكر الله أنه خرج من السجن ورأى الحرية، قائلاً لصدى الشام، “أقسم بالله الي بيطلع من السجن طلع من الموت”، متابعاً “كان خروجي من سجن حماة الى جبل الزاوية محفوف بالصعاب، فقد مررت بعدة حواجز للنظام، اعتبرتني ارهابي، ما جعلني أتعرض للاهانات أثناء مروري بها”

“حين نادى السجان باسمي افراج، صحت بأعلى صوتي وضممت أصدقائي وفعلوا ذات الأمر، والبكاء فرحاً للافراج عني وحزناً على فراقنا، فقد كنا اخوة نأكل ونشرب ونصلي وندعو معاً طوال مدة عام ونصف”، جملة تمتم بها الجلب، الشاب الهرم الذي كان يعمل في محل صياج سيارات ما قبل الثورة، متابعاً “بس أصعب شي انك تنام وتفيق وانت بنفس المكان يلي انت قاعد فيه، وتفكر بعيلتك”

أربعون شخصاً خرجوا يوم أمس من سجن حماة، بعضهم اتجه الى حيث تعيش عائلتهن وبعضهم الآخر لم يستطع لقاء أحد يعرفه بعد أن أبعدتهم الحرب عن أرض الوطن، فيما حول النظام قسماً منهم للشرطة العسكرية بسبب تخلفه عن الخدمة الإلزامية، أمر أكده الجلب خلال حديثه

وتخوف الجلب، من عودة قوات النظام للسيطرة على داخل السجن الذي يخضع لسيطرة المعتقلين، في الوقت الذي قال “أبو جاسم”، أحد معتقلي سجن حماة، لصدى الشام، “لقد هددنا  قائد الشرطة (أشرف طه)، يوم السبت الماضي، وحذرنا بتسليم السجن أو أنهم سيدخلونه بالقوة، وقد تأهبنا وأمنا المياه والطعام، خوفاً من أي هجوم من قبل قوات النظام داخل السجن، ولكن الأوضاع اليوم أكثر هدوءً”

من جهته قال ابن معضمية الشام “لم يكن قائد االشرطة يرغب بالإفراج عنا، لكن الأمر خرج عن سيطرته بعد أن أرسلت محكمة الإرهاب الأسماء المفرج عنها”

وتابع الجلب، “لقد تم القاء القبض علي وانا في طريق لبنان، أثناء نقلي للسلاح من لبنان الى الثوار في سوريا بباص ساحي، كان بينهم 3 آلاف طلقة، وكانت تهمتي ارتكاب عمل ارهابي بواسطة السلاح الحربي، وضرب ست حواجز للنظام”، مردفاً “حينها تم اعتقالي الى فرع المخابرات الجوية بالمزة، بعدها دفعوا أهلي مبلغ 4 ملايين ليرة، لكي يتم نقلي الى سجن درعا، وبالفعل نقلت الى هناك فترة طويلة، فقمت بأعمال شغب ما جعلهم ينقلوني الى سجن حماة لأقضي فيه عاماً ونصف”

وأوضح ابن ريف دمشق “لم أتوقع أن يفرج عني ذات يوم فحكمي على الأقل هو 20 عاماً، ولكن بسبب الاستعصاء الذي كان منذ أشهر في سجن حماة، قدمت أنا وعدد من المعتقلين أوراق لوزير العدل ووزير الداخلية، طلبنا منهم عمل تسوية، وكانت فكرة التسوية في الحقيقة مجرد حبر على ورق، وبالفعل تم الموافقة على طلبي وجاءت الموافقة على التسوية من الأمن القومي”

ويروي الجلب، لصدى الشام، عن رحلته من سجن حماة الى جبل الزاوية، فيقول، “قبل خروجنا نسقت الأمور من داخل السجن مع أحد الشبيحة، الذي تقاضى مني مبلغ 100 ألأف ليرة، أخذني من باب السجن الى قرية أبو دالي، وهناك كان أصدقائي بانتظاري ونقلوني إلى منطقة تعرف بمعرة حرمل في جبل الزاوية، والتقيت بصديقين قدامى من مدينة داريا في تلك القرية، وأقررت الآن الانضمام الىجبهة الانقاذ المقاتلة”

بصوت تملأه غصات عذاب معتقل في سجون الأسد، تابع الجلب “بكيت كثيراً بعد خروجي وتعبت حين شاهدت أوضاع الناس، ومنذ خرجت وحتى الآن لم يهدأ القصف، وما يثير قلقي هو أن أموت من القصف قبل أن ألقى أمي وزوجتي وابني الذي لم يتجاوز عمره ستة أشهر حين أعتقلت”

وقال الجلب “لم أقم حتى الآن بالتواصل مع احد من أصدقائي الذين أطلق سراحهم معي، لأن معظم أصدقائي الذين خرجوا أعطوا أجهزتهم المحمولة لأصدقائنا داخل السجن، نظراً لغلاء أسعار الأجهزة فيه، ولكني تواصلت مع بعض أصدقائي داخل السجن لأطمئن عليهم”

وأنهى الجلب حديثه، بإبداء حزنه أنه أستقبل الحرية بمجزرة مساء ذات اليوم، معبراً عن أمنيته أن “يخرج كل من يقبع تحت الظلام الحالك في سجون النظام”، مضيفاً “أصعب شي في الدنيا انو تنحرم حريتك”، راجياً من الله أن يلتقي وعائلته على أرض ادلب، لأنه يود قضاء بقية عمره فيها والموت فيها بين أهله وأصحابه.



صدى الشام