ماذا بعد صعود الحافلات الخضراء؟.. هل ينتهي التهجير هنا؟


غير بعيد عن مقر إقامة رأس نظام الأسد في القصر الجمهوري لا تزال عجلة التهجير تضرب ريف دمشق الغربي، بينما تدخل المصالحات والمسامحات والهدن بلدات أخرى في ريف العاصمة وفي جنوبها تمهيداً للبدء بتهجير أهلها لاحقاً.

الهدن والمصالحات هي خطوات في طريق التهجير الممنهج الذي يقوم به نظام الأسد برعاية حلفائه الدوليين وصمت من المجتمع الدولي والأمم المتحدة ودول “أصدقاء الشعب السوري”، لكن هل تنتهي عملية التهجير عند نقل المدنيين والمقاتلين بالحافلات الخضراء إلى إدلب أم أنها تستمر بأشكال أخرى.

وفق مصادر موثوقة من بلدة خان الشيح قام النظام السوري يوم أمس بالنداء في مآذن الجوامع مخاطباً المدنيين وطالباً ممن هم بين سن 18 و 42 من الذكور بالتوجه مباشرة لتسليم أنفسهم من أجل السّوق إلى “خدمة العلم”، وفي مدينة المعضمية لا يزال قرابة 40 ألف مدني محاصرين لا يستطيعون الدخول ولا الخروج، إلا للذين يودّون الالتحاق بما يسمى “جيش الوطن”.

في قدسيا والهامة كذلك الأمر يقوم النظام باعتقال الشباب على الحواجز من أجل التجنيد الإجباري، ولا يقتصر الأمر فقط على الحواجز القريبة من الهامة وقدسيا، بل يتم ذلك في كل حاجز بدمشق وريفها فأي شخص كُتب على بطاقة الهوية الخاصة به أنه من مواليد (قدسيا، هامة، معضمية، داريا، خان الشيح) وغيرها من بلدات الغوطتين، يتم سوقه بشكل مباشر ودون النظر إلى عمره أحياناً.

وفي آخر المدن التي طالها التهجير وهي مدينة التل طلب النظام من الأهالي البدء بالتوجه إلى المراكز المعنيّة من أجل البدء بتسوية أوضاعهم، ولكن يجب تسليم السلاح قبل تسوية الوضع، وهناك ألفا اسم لدى النظام من أصل 40 ألف مطلوب هم من ستتم تسوية أوضاعهم، وهؤلاء سيتم سحبهم لـ”خدمة العلم” بشكل مباشر، بينما الباقون هم مطلوبون أصلاً بحجة التخلف عن الخدمة الإلزامية.

ومن اللافت للنظر أنّ كافة الهدن الموقعة مع النظام تنص على تسوية الأوضاع خلال ستة أشهر، لكن النظام بدأ مباشرة بمطالبة الأهالي بالتوجه إليه مع توجيه إنذارات وتهديدات، دون فك الحصار عن تلك المناطق حتى اليوم، أو تشغيل الأفران والمراكز الطبية والمراكز الحيوية الاخرى.

في جنوب دمشق كان معظم الشباب الفلسطيني المساند للثورة السورية وخاصة في مخيم اليرموك هدفاً للميليشيات الفلسطينية وتم اعتقال العديد منهم خلال توزيع المعونات من قبل منظمة الأونروا التابعة للأمم المتحدة، ليتم سوقهم لاحقاً إلى الخدمة إجبارياً في صفوف ميليشيا “جيش التحرير” وميليشا “لواء القدس” والأخيرة تنشط في حلب تحديداً.

وهناك أكثر من مليون مطلوب للخدمة الإلزامية في دمشق وحدها، عدا عن مئات الألوف من المطلوبين بتهم الإرهاب، وفق مصادر مطلعة على سجلات في دوائر الأمن التابعة للنظام.

لن تتوقف عملية التهجير عند الدفع بالمعارضين إلى الخروج من المدينة عبر الحصار والتجويع، بل سيتم تهجير الباقين إلى مكان آخر، وذلك عبر تجنيدهم في صفوف قوات النظام والميليشيات التابعة لها بعد تسوية أوضاعهم أو القبض عليهم، وسيكون مصيرهم الاشتباك مع فصائل المعارضة وربما في الغوطة الشرقية في حال لم ترضخ المنطقة هناك إلى هدنة.

وعبر الهدن والمصالحات والمسامحات وغيرها من المسميات سيواصل النظام وحلفاؤه عملية تأمين حدود العاصمة من المعارضة السورية المسلحة، تزامناً مع تأمين حدوده في محافظة حمص.

 



صدى الشام