برد الشتاء يفرغ جيوب السوريين ووسائل التدفئة تكويهم

8 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016

6 minutes

مضر الزعبي: المصدر

في زمن الحرب وآلة الموت التي لا ترحم، وجشع تجار الحروب، يقضي السوريين في الداخل أيامهم بانتظار فرجٍ طال انتظاره، على أمل إغلاق كتاب الموت والفقر المستمر الذي أثقل كاهل الأسر السورية منذ ست سنوات.

ومع كل يوم يزداد عداد الموت في سوريا ويزداد بالمقابل رصيد من أمتهن تجارة الحروب، ليس فقط من يتاجر بالسلاح هو شريك بموت السوريين بل تأخذ تجارة الموت في سوريا أشكالا متنوعة، ومنها التجارة بوسائل التدفئة التي باتت معظم الأسر في الداخل غير قادرة على شرائها نتيجة ارتفاع الأسعار بشكل جنونيّ.

“محمد السامر” وهو تاجر لوسائل التدفئة، قال لـ “المصدر” إن وسيلة التدفئة المستخدمة بالمنازل بريف محافظة درعا باتت تختلف من أسرة لأخرى بحسب مصدر دخلها، بعد أن كان في السابق معظم الأسر تعتمد على مدافئ المازوت.

وأشار إلى أن الطلب الأكبر في الوقت الحالي للأسر الكبيرة هو على مدافئ الحطب التي يتراوح ثمنها بين 30 ألف ليرة سورية و 60 ألف ليرة سورية بحسب حجمها و نوعيتها، في حين تعتمد الأسر الصغيرة بشكل أساسي على مدافئ الغاز التي يصل ثمنها لقرابة 20 ألف ليرة سورية.

في المقابل، ما زالت الأسر المقتدرة مادياً والتي تعتمد بشكل رئيسي على دخلها على التحويلات المالية من أبنائهم في الخارج، ما زالوا يستخدمون مدافئ المازوت التي يتجاوز ثمنها 25 ألف ليرة سورية، بحسب “السامر” الذي أضاف أنه في المجمل انخفض بيع وسائل التدفئة بنسبة تقدر بخمسين في المئة عما كان عليه في العام 2011 حيث كان اهتمام معظم الأسر تحول لتامين مستلزمات التشغيل.

بدوره قال قاسم الزعبي و هو تاجر محروقات، إن ثمن و نوعية وسيلة التدفئة لم يعد يشغل الأهالي بقدر تكاليف التشغيل حيث بات الأهالي يبحثون عن وسيلة التدفئة الاوفر، فثمن مدفئة المازوت هو نصف مثيلتها على الحطب ولكن الاختلاف يكمن بتكاليف التشغيل. والأسرة التي تحتاج لألف لتر من المازوت بسعر 350 ألف ليرة سورية خلال فصل الشتاء إن استخدمت المازوت هي بحاجة لأثنين طن من الحطب بسعر 120 ألف ليرة سورية خلال فصل الشتاء أي أنه تكاليف تشغيل المازوت ثلاثة أضعاف الحطب، بينما تبلغ تكاليف تشغيل مدافئ الغاز بشكل وسطي مبلغ 20 ألف ليرة سورية شهريا وأقل من 100 ألف ليرة سورية على مدار فصل الشتاء.

الحطب للتدفئة

الناشط سمير الأحمد قال لـ “المصدر” إن اعتماد معظم الأسر على الحطب يأتي لانخفاض تكاليف التشغيل بالمقارنة مع باقي الوسائل، ومتوسط احتياج الأسرة يصل إلى 150 الف ليرة سورية على مدار فصل الشتاء، وعلى الرغم من ارتفاع الرقم مقارنة بمتوسط دخل الأسر، إلا أنه يبقى الوسيلة الأفضل كون مادة الحطب محلية ولا يتدخل تجار التهريب في تحديد سعرها، وفي معظم الأحيان تتم عمليات البيع و الشراء دون وساطة وبشكل مباشر بين صاحب الحطب والمشتري، كما أن الحطب مادة لا تنقطع كما هو حال المازوت.

وأضاف أن بعض الأسر باتت تستخدم حطب (التفل أو البيرين) وهو الناتج عن عملية عصر الزيتون، وأسعاره أقل من الحطب العادي، (حوالي 35 ألف ليرة سورية)، لذا هو الحل الأقل تكلفة للأسر الفقيرة.

وكما هو الحال بالنسبة للحطب ومع وجود بدائل أقل تكلفة مثل (التفل) هنالك بدائل لمستخدمين مدافئ المازوت ومنها المازوت (الأنباري) القادم من مناطق سيطرة تنظيم داعش، ويصل ثمن اللتر إلى 250 ألف ليرة سورية بينما يصل سعر المازوت القادم من مناطق سيطرة النظام الى 350 ليرة سوررية مقابل كل لتر.

أم سعيد، سيدة من مدينة درعا قالت لـ “المصدر” إنها تستخدم مدفئة الحطب بسبب انخفاض تكاليفها مقارنة مع باقي الوسائل بالإضافة لاعتمادها على المدفئة بالطبخ مما يوفر على الأسرة في شراء الغاز خلال فصل الشتاء، مشيرةً إلى  معظم دخل الأسرة في فصل الشتاء يذهب للتدفئة بشكل أساسي.

بدائل عن الكهرباء

ولأن الكهرباء باتت من ذكريات السوريين في المناطق المحررة، استبعدت من خيارات السوريين للتدفئة بعد أن كانت تستخدم بشكل أساسي في تسخين الماء بفصل الشتاء، ولكن لا شيء يقف عائقا أمام السوريين الذين قرروا الاستمرار في حياتهم.

“أحمد الرفاعي” وهو أحد أهالي ريف درعا الشرقي قال لـ “المصدر” إنه قام بتحويل سخان الماء في منزله (القاظان) من الكهرباء إلى الحطب وبات يعمل على الحطب، مؤكداً انتشار هذه الطريقة بشكل كبير.

وأوضح أن عملية التحويل تقدر تكلفتها مع ثمن الحطب طوال فترة فصل الشتاء بحوالي 25 ألف ليرة سورية بينما ثمن سخان المياه التي يعمل على الغاز يقدر بأكثر من 60 ألف ليرة سورية، وهو رقم كبير للغاية بالمقارنة مع دخل الأسر السورية.

[sociallocker] المصدر
[/sociallocker]