تسلسل الفيتو الروسي على رؤوس السوريين


حافظ قرقوط

لم تبدأ روسيا عدوانها على الشعب السوري، وتجاهل حقه في الحياة، مع تدخلها المباشر في العمليات العسكرية، ولا حتى بتقديم السلاح بطريقة الوليمة المفتوحة لقوات النظام، أو إجراءات الصيانة الدائمة والمتنوعة لطيرانه، وتأمين قطع الغيار لآلته الحربية، وإعادة تأهيله بعدما كان مترهلًا، وربما مشلولًا.

ممارسات روسيا العدائية تجاه الشعب السوري سلسلة أخرى أيضًا، لا تختلف كثيرًا عن حمم النيران التي تستعملها ضد الأبرياء، وذلك من خلال عضويتها الدائمة بمجلس الأمن، وجاهزيتها المستمرة لعرقلة القرارات الدولية واستعمالها حق النقض (الفيتو)، لإجهاض جميع القرارات التي قد تخدم السوريين وتدين النظام.

في 4 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2011، أحبطت روسيا وحليفتها الصين، مشروع قرار صاغته وتقدمت به إلى مجلس الأمن، كل من فرنسا وألمانيا والبرتغال وبريطانيا، يدعو إلى إدانة النظام السوري، وإلى فرض عقوبات عليه، وفي حال عدم توقفه عن عمليات القمع التي يمارسها، وقد أيدت القرار 9 دول، فيما امتنعت كل من لبنان والبرازيل وجنوب إفريقيا والهند عن التصويت.

في 4 شباط/ فبراير 2012، كان (الفيتو) الروسي الصيني الثاني، بوجه مشروع قرار عربي أوروبي مشترك حصل على تأييد 13 دولة، صاغته المغرب، مصر، الأردن، ليبيا، تونس، تركيا، الولايات المتحدة الأميركية، البرتغال، التوغو، فرنسا، ألمانيا، كولومبيا، ودول مجلس التعاون الخليجي. ويدعم هذا القرار المشروع الذي اقترحته جامعة الدول العربية بشأن الحل السياسي في سورية، كما ويدين عمليات القتل والقمع التي يمارسها النظام.

في 19 تموز/ يوليو 2012، وقف (الفيتو) الثنائي الروسي – الصيني، مؤيدًا ومُغطيًا استمرار الجرائم بحق الشعب السوري، ورافضًا قرارًا تقدمت به فرنسا وبريطانيا، يُطالب النظام السوري بوقف عملياته العسكرية في المدن والمناطق المختلفة، وسحب الجيش والآليات الثقيلة من الشوارع وجميع المناطق السكنية، ولوّح القرار بتبني عقوبات غير عسكرية في حال استمر النظام في عملياته، ولم يستجب للنداءات الدولية، فيما وافقت على القرار 11 دولة، وقد امتنعت عن التصويت كل من جنوب إفريقيا وباكستان.

في 22 أيار/ مايو 2014، كان لروسيا والصين موقفهما المتكرر للمرة الرابعة، باستخدامها حق النقض (الفيتو)، وقد تذرعت الدولتان بأن القرار سيعرقل الحل السلمي في سورية، وهذا القرار الذي أعدّته وقدمته فرنسا، بدعم من نحو 60 دولة، ويدعو إلى إدانة جرائم النظام في محافظة حلب، وإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، وأيدته 13 دولة.

في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، كان أمام مجلس الأمن قرارًا جديدًا، أعدّته إسبانيا وفرنسا، يدعو إلى وقف جميع العمليات الجوية فوق مدينة حلب، ووقف إطلاق النار على الأحياء السكنية وقفًا كاملًا وفوريًا، والعمل على إيصال المساعدات الإنسانية للسكان، واستعملت -أيضًا- روسيا حق النقض (الفيتو) لإفشاله؛ وأيدتها فنزويلا، ولكن الصين لأول مرة تمتنع عن التصويت، ورافقتها في ذلك أنغولا، مقابل 11 دولة أيدت القرار، ويشار -هنا- إلى أن روسيا تقدمت في الجلسة نفسها بقرار، عدته بعض الدول في مجلس الأمن، تشويشًا على القرار الفرنسي الإسباني، وقد أيدته فقط 4 دول، هي إضافة إلى روسيا، مصر والصين وفنزويلا، وامتنعت كل من أنغولا والأرغواي عن التصويت، وعارضته 9 دول.

في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2016، استخدمت روسيا ترافقها الصين من جديد حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار تقدمت به إسبانيا ونيوزيلندا ومصر، كما صوتت ضده فنزويلا، وامتنعت أنغولا عن التصويت، في حين أيدته 11 دولة، وينص مشروع القرار على وقف الهجمات بين جميع الأطراف في مدينة حلب، وتثبيت هدنة لمدة 7 أيام، يمكن تجديدها، والسماح بمرور المساعدات الإنسانية للمحاصرين في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، وعدت روسيا أن القرار يعرقل الجهد الروسي – الأميركي؛ لإيجاد حل لما يجري في سورية، وفي المقابل، أدانت أميركا استخدام روسيا للفيتو، وعدّت التصريحات الروسية خداعًا لمجلس الأمن.




المصدر