تعريف الهواتف المحمولة على الشبكة السورية.. ضريبة جديدة تُدرّ المليارات لنظام الأسد


ضريبة جديدة فرضها النظام لتثقل كاهل السوريين، بعد قراره بفرض التعريف على الشبكة السورية للهواتف المحمولة التي لم تدخل عبر المنافذ الرسمية الجمركية، وهو ما يُحتّم على حاملي هذه الهواتف دفع مبلغ 10 آلاف ليرة لوزارة الاتصالات و800 ليرة للشركات التي ستقوم بالتعريف، وإلا سيتم إيقافها عن العمل، وتتحوّل إلى قطعة إلكترونية دون أية فائدة.
هذا القرار اتخذه النظام في الثامن من شهر تشرين الثاني الحالي، بعد أن ألمح إليه بموجب قرار لهيئة قطاع الاتصالات في شهر حزيران الماضي.

القرار حدّد ضريبةً موحدة لكل الهواتف المحمولة، ولم يأخذ بعين الاعتبار أن ثمة هواتف ثمنها 500 ألف ليرة وأخرى ثمنها بضعة آلاف

لماذا الهواتف المهرّبة؟

اعتبر النظام السوري كل هاتف دخل إلى الأسواق السورية بشكلٍ غير نظامي، أو لم يخضع لختم الجمارك جهازاً مهرّباً، وهو قرار رآه عدد من أصحاب المحال التجارية الخليوية بدمشق ظالماً، ذلك أن معظم الهواتف التي يستعملها السوريون لم تدخل عبر المنافذ الرسمية، بسبب تسهيلات دخولها من قبل الجمارك مقابل تقاضيها مبالغ مالية على إدخال كل دفعة، فيما تبقى الهواتف المحمولة التي تبيعها وكالات الكفالة مثل “مابكو، قزّار و آي تو” وحدها التي دخلت بشكلٍ نظامي، أي أن الأغلبية الساحقة من الأجهزة الخليوية التي يستخدمها السوريين اليوم هي أجهزة مهرّبة.

غضب بسبب توحيد المبلغ

وأثار هذا القرار موجة غضب عارمة بين في أوساط السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما أنه يأتي متزامناً مع حملة ضرائب غير مسبوقة يتّبعها نظام الأسد لرفد خزينته المتهاوية نتيجة كلفة آلته العسكرية.
ورأى “مصطفى” الذي يدرس في كلية الحقوق بجامعة دمشق أن القرار هدفه سرقة أموال إضافية من جيوب السوريين، وقال مصطفى لـ”صدى الشام”: “إن عائلته أُرهقت تماماً من دفع الضرائب والغلاء المستمر للأسعار والذي يأتي مع انخفاض الدخل”، مشيراً إلى أن إجبار كل مواطن يحمل هاتف نقّال على دفع مبلغ 10800 ليرة يعتبر سرقة.
من جهة أخرى فإن القرار حدد ضريبةً موحدة لكل الهواتف، ولم يأخذ بعين الاعتبار أن ثمة هواتف ثمنها 500 ألف ليرة وأخرى ثمنها بضعة آلاف.

 

لدى “تهاني” التي تعيش بدمشق هاتف محمول ثمنه 27 ألف ليرة، في حين لدى صديقتها هاتف ثمنه 380 ألف ليرة، وهما ستدفعان نفس المبلغ. لذا تطالب “تهاني” بإلغاء القرار أو تعديله على الأقل لتكون الضريبة مقابل نسبة مئوية من قيمة الموبايل، وتقول: “أعرف أشخاصاً غير مقتدرين مادياً ولا يتعدّى ثمن هاتفهم 10 آلاف، أي ما يعادل ثمن الضريبة الجديدة تماماً”.

مكاسب بالمليارات.. والمحلات متضررة

في ظل غياب إحصائية دقيقة حول عدد الأجهزة الخليوية التي دخلت سوريا بطريقة غير نظامية، ظهرت إحصائية وحيدة عن مدير جمارك دمشق “خالد عسكر” الذي أكد أنه تم تسوية 4784 جهاز خليوي بقيمة نحو عشرين مليون ليرة سورية، بحسب ما نقلت عنه صحيفة الوطن المقرّبة من النظام.
“عبادة” وهو صاحب أحد المتاجر الكبيرة للجوّالات في منطقة “برج دمشق” توقّع خلال حديثه مع “صدى الشام”: بأن نسبة الأجهزة الخليوية التي تدخل عن طريق التهريب وتُباع بالمحلات العادية تصل لأكثر من 60 % من مجمل الأجهزة التي تُباع في مناطق النظام ولا سيما دمشق وحلب.
ويشير “عبادة” إلى أن الغالبية العظمى من هذه الأجهزة تُباع في الأسواق العادية وليس في الوكالات، بسبب رخص ثمنها. وقدّر “عبادة” بأن كل 1 من 4 سوريين أصبح لديه هاتف محمول بسبب تسارع التطورات التقنية وتوفّر الأجهزة في متناول الجميع، بمن فيهم الأطفال وكبار السن.

 

في آخر إحصاء تقديري لعدد السكّان في سوريا أكّد المكتب المركزي للتعبئة والإحصاء أن عدد سكان سوريا بلغ 19 مليون نسمة حتى نهاية عام 2015، بعد أن نزح حوالي 5 مليون خارج البلاد.
وإذا افترضنا أن ربع هؤلاء السكّان كحدٍ أدنى يمتلكون هواتفاً خليوية، فيوجد حوالي 4 ملايين ونصف هاتف خليوي في سوريا، واستناداً إلى إحصائية تاجر الهواتف المحمولة “عبادة” فإن حوالي مليونين ونصف المليون من هذه الهواتف دخلت البلد بشكلٍ غير نظامي وبحاجة إلى تسوية على الشبكة السورية ودفع 10800 ليرة عن كل هاتف.
وبما أن السيطرة على المدن السورية يتقاسمها النظام والمعارضة، فإن مليون مئتين وخمسين ألف هاتف “غير خاضع لجمارك الأسد” في مناطق النظام وحدها، علماً أن هذه الإحصائية تقريبية وبحدّها الأدنى، ولا تستند إلى أرقام دقيقة بسبب استحالة الوصول إلى البيانات.
وعلى أساس هذه الحسابات فإن مليونًا ومئتين وخمسين ألف هاتف غير مجمرك تبلغ ضرائبهم 12.5 مليار ليرة سورية لصالح وزارة الاتصالات والتقانة في حكومة النظام، في حين يذهب 1 مليار ليرة لشركات الاتصالات التي تقوم بتعريف الهاتف.
وفي حديثه لـ صدى الشام لفت “عبادة” أن القرار الذي اتخذه النظام يؤدّي إلى حصر سوق بيع الجوالات بمن يمتلك وكالة لكفالة الهواتف النقّالة، والقادر على استيراد الهواتف المحمولة بشكلٍ رسمي، ولديه شهادة ورأسمال للاستيراد، وهو ما يعني بشكل غير مباشر القضاء على مصدر رزق آلاف المحلّات التي تبيع أجهزة المحمول في سوريا بعيداً عن الوكالات.



صدى الشام