مؤتمر المصارف الإسلاميّة يؤكد دورها في الوعي الاستثماري

8 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016

اختار القيّمون على «المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية»، الذي ينعقد بدورته الـ23 في البحرين بالشراكة مع مصرف البحرين المركزي، أن يركّز على المملكة العربية السعودية، بصفتها حاضنة لصناعة الصيرفة والتمويل الإسلامي. وبلغت نسبة أصول المصارف الإسلامية في المملكة 51 في المئة من إجمالي الأصول المصرفية، وفقاً لدراسة أعدها «صندوق النقد العربي» عن «انعكاسات تنامي صناعة الصيرفة الإسلامية على إدارة السياسة النقدية في الدول العربية».

وقال المدير التنفيذي لـ «مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي» عبدالله محمد العور، في كلمة خلال المؤتمر، أن «السعودية تشكّل نموذجاً يجمع في عوامله وخصائصه دول مجلس التعاون الخليجي. فأوجه الشبه الاقتصادي والاجتماعي بينها كبيرة جداً، وتكاد تصل حد التطابق في بعض الأحيان، وتتقاطع سياساتها في رؤية كل دولة لمستقبلها الاقتصادي وسُبل تمويل التنمية».

وأشار إلى أن «التشابه يطاول أيضاً المؤسسات المالية والمصارف الإسلامية التي لم تتأثر كثيراً بتراجع أسعار النفط، بل شكل هذا التراجع فرصة لتثبت كفاءتها في دعم قطاعات الاقتصاد الحقيقي وتمويلها، من الإنتاج الصناعي إلى التجارة والبنية التحتية والصحة والتعليم وغيرها».

وعن «رؤية 2030»، قال أن «هذه الرؤية تعكس في طموحاتها وإمكاناتها رؤى ومخططات واستراتيجيات معظم دول مجلس التعاون»، مشيراً إلى أن «الحديث عن السعودية هو في جوهره حديث عن كل دولة من دول المنطقة تسعى بجهد إلى توسيع قاعدة اقتصادها الوطني، وتنويع مصادر الدخل القومي والاعتماد أكثر على القطاعات غير النفطية، كما تسعى إلى الربط بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية كهدف وغاية نهائية لمجمل النشاط الاقتصادي».

وأضاف العور: «هذه الرؤية تشكل تحولاً نوعياً في شكل اقتصاد كل دولة، وفي ثقافته وغاياته. وهذا التحول يتطلب في المقابل الانتقال نحو بناء قطاع مالي قادر على تحقيق الرؤية وأهدافها في شكل مستدام آمن، ويعبر عن الشراكة الواعية بين المؤسسة المالية ومجتمع الأعمال على قاعدة جديدة أيضاً هي المسؤولية الاجتماعية كالتزام أخلاقي إنساني. فالأهداف الجديدة لا يمكن أن تتحقق إلا بأدوات جديدة وتعزيز مكانة الأدوات التي أثبتت فاعليتها وقدرتها على الاستجابة لتحديات المرحلة، أي التمويل والصيرفة الإسلامية ومعايير العمل الأخلاقية في الاقتصاد الإسلامي».

وشدّد على أن «من الصعب لدولة ما أن تحقق أهدافها في معزل عن الحراك الاقتصادي الإقليمي والعالمي، وتعزيز قطاع المصارف الإسلامية في شكل عام هو في مثابة دعم مباشر لكل دولة لتحقق رؤيتها وتنهض باقتصادها وتبني تنميتها (…) صحيح أن قناعة المستثمرين والشركات والمؤسسات والكثير من الدول بالنظام المالي الإسلامي، جاءت نتيجة طبيعية وتلقائية لتداعيات الأزمة المالية العالمية، لكن تعزيز هذه القناعة وتحويلها الى شراكة حقيقية بين رواد النشاط الاقتصادي والمؤسسات المالية الإسلامية لن يتحققا إلا بالجهد والتخطيط والارتقاء بواقع المؤسسة والمصرف الإسلامي لتشكل منافساً حقيقياً يتفوق في القدرة والفاعلية على المؤسسة التقليدية».

ورأى أن «وضع الاقتصاد الإسلامي وقطاعه المالي في مكانة تستجيب للمستجدات المتسارعة على الساحة الإقليمية والدولية، يحتاج إلى التوافق على خطوات ومفاهيم ضرورية، أبرزها التعامل مع الاقتصاد الإسلامي ومؤسساته المالية كوحدة عضوية تجمعها منظومة تتجاوز الحدود والمصالح الفئوية وترتقي فوق أي اعتبار قد يضعف أداء هذه المؤسسات».

أما المفهوم الثاني، فيتمثل في «التأثير الإيجابي للقطاع المالي الإسلامي على القطاع التقليدي، فجميعنا يدرك أن القطاع التقليدي لن يختفي أو يتلاشى لمصلحة القطاع الإسلامي، فنحن نعمل على التنافسية من خلال طرح المؤسسة المالية الإسلامية كنموذج ناجح، لذا لا بد من تعزيز الشراكة بين القطاعين الماليين الإسلامي والتقليدي».

وشدّد العور على ضرورة «البحث عن شركاء استراتيجيين جدد في الأسواق النامية والناشئة، وحتى في الدول التي تعاني من أزمات وصراعات داخلية، بحيث تكون هذه الشراكة تعبيراً حقيقياً عن مصالح الطرفين لا مصالح طرف واحد على حساب الآخر. وعلى مؤسسات التمويل الإسلامي مراعاة هذه الحقيقة كون شمولية التنمية وانعكاساتها الاجتماعية باتت تشكل شرطاً أساسياً من شروط استنهاض الاقتصاد العالمي واستدامة الأعمال». وأشار إلى أهمية «التركيز على التمويل الأصغر وتوفير السيولة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، خصوصاً في الدول التي تعاني نقصاً في السيولة ومشاكل في مسيرة التنمية، والتركيز أكثر على التعاونيات أو المشاريع ذات الملكية الجماعية لما لها من أثر كبير في الواقع الاجتماعي في الدول المستهدفة». وأخيراً، شدّد العور على ضرورة «إنشاء وكالات تصنيف إسلامية، وعدم الاكتفاء ببعض النوافذ الإسلامية في وكالات التصنيف التقليدية».

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]