uFEFFالدورة السادسة عشرة من المهرجان الدولي للفيلم في مراكشّ: تظاهرة سينمائية تبرز انفتاح المغرب
8 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
في كانون الأول/ ديسمبر من كل سنة تطل دورة من دورات المهرجان الدولي للفيلم في مراكش، تظاهرة وصلت الدورة السادسة عشرة، وتعقد ما بين 2 و10 من هذا الشهر، موعد سنوي للجمهور المغربي والأجنبي في المهرجان، حيث سجلت إدارة المهرجان السنة الماضية 20 ألف دخول لفقرات المهرجان، و50 ألف متفرج حاضرا في ساحة جامع الفنا و20 ألف مدعو للحفلات والأمسيات الرسمية.
كما تميزت بتغطية إعلامية وطنية ودولية واسعة بحضور 318 ممثلا للصحافة الوطنية و64 ممثلا للصحافة العربية و180 وسيلة إعلام دولية تمثل 17 بلدا. تظاهرة هذه السنة ستكرم الفنانة الفرنسية إيزابيلا أدجاني، والمخرج الياباني شينيا تسوكومونو، والمخرج الهولندي بول فيرهوفن والفنان المغربي والكوميدي عبدالرحيم التونسي المعروف لدى الصغار والكبار المغاربة بعبد الرؤوف. كما سيتم الاحتفاء في هذه الدورة أيضا في السينما الروسية. فيما لجنة تحكيم الأفلام السينمائية آلت إلى المخرج العالمي الهنغاري بيلا تار.
يعكس المهرجان الدولي للفيلم في مراكش ثقافة بلد منفتح على ثقافات العالم، ويحرص على تعزيز التلاقح الثقافي والفني. تظاهرة تحظى بتغطية إعلامية واسعة بحوالي ثلاثمئة صحافي معتمد عبر العالم ما يمنح اسم المغرب انتشارا واسعا.
المهرجان هو لحظة عشق للسينما وطقس احتفالي بصناع هذا الفن وموكب حافل بالنجوم. هو اجتماع في لحظة ساحرة للاحتفاء بالثقافة وموعد متميز للفن السابع يقبل عليه جمهور مراكش. فمنذُ إنشائه منذ أربعة عشر عاما، يسعى المهرجان لإزاحة الستار عن المواهب الجديدة، وذلك عبر تقديم أفلام روائية تمتاز بالجودة، لزيادة الوعي لدى الجمهور المغربي في السينما العالمية، وللاحتفاء بسينما العالم.
كثير من النقاد والإعلاميين يرون المهرجان عموما درسا عمليا لصناع المهرجانات السينمائية ولكل من يرى في السينما وسيلة لترسيخ القوة الناعمة وتنوير الشعوب وتلاقي الثقافات.
وقد نجحت التظاهرة في استقطاب نجوم عالميين وعرب على مدار دورات المهرجان، لإيمانها بأن النجوم هم الواجهة الساطعة لأي مهرجان يسعى للانتشار إعلاميا.
من هذا المنطلق لا مجال للمقارنة بين السجاد الأحمر، كما في مهرجانات أوروبا وأمريكا، ثم مثيله هنا وباقي جغرافية العالم العربي.السجاد الأحمر الذي يستقطب النجوم ليس مجرد قطعة قماش من النسيج، يلقى بها ارتجاليا وسط خضم مفارق لواقعه، بغية تسويق صور مركّبة. بل يجسد المقولة الشهيرة «من يحب الحياة يذهب إلى السينما». فليس كل من يلاحق خطاه فوق سجاد أحمر، بالممثل البارع المحترف، الذي يؤدي ويقنع، بالتالي يكون السجاد بمثابة منصة تتويج فعلية لمنجزه الفني وتاريخه السينمائي.
قفي الدورة الماضية منحت تتويجات للكثير من الأعمال، غير أن انتقادات كثيرة تقرّ بضعف أفلام المسابقة الرسمية، وترى بأن المهرجان يسير نحو الإنغلاق على ذاته، خاصة وأن المهنيين لا يجدون مكاناً خاصاً للتواصل وتسويق إبداعاتهم. فضلاً عن إبعاد كل المنتقدين للمهرجان، وخاصة النقاد الذين تخصّهم المهرجانات الكبرى بعروض وامتيازات خاصة.
كما تهيمن التوجُّهات الفرنكوفونية التي تُهَمِّشُ اللغة العربية في عقر دارها، وتجعل الفرنسية اللغة الأولى للمهرجان في التواصل العام والندوات والمحادثات والعروض. يقول نقاد إنه بعد يومين أو ثلاثة من الأفلام المقبولة في مهرجان دولي كمهرجان مراكش «أصبحنا نشاهد أفلاما من الدرجة الثالثة والرابعة».
ويضيف آخر «نأسف حقيقة أن يكون الحدث الوحيد الذي استطاع المهرجان تحقيقه دوليا، هو منح كل الأفلام نجمة لجنة التحكيم، كما لو أننا أمام منظم حفل يفرق الحلوى على الأطفال يوم عاشوراء». فكل من له ذرة من عقل وحكمة وخبرة يعرف جليا أن الندرة هي ما يصنع القيمة.
مهرجان السنة الماضية، حسب المتتبعين، فقد احترافيته على أكثر من صعيد، فهل فكر، كما يقول المتتبعون، في عقد ندوة صحافية أو شيء مماثل للتواصل ومعرفة خط سير هذه التظاهرة؟ من يختار الأفلام؟ أو من له صلاحية الاختيار في هذا المهرجان؟ هل هو المدير الفني، أم هو نائب رئيس المؤسسة؟ أي يجب أن يكون ثمة تواصل كبير مثلما تقوم به أعرق المهرجانات الدولية في مجال السينما. بل حتى التصور العام للمهرجان غير معروف وناقص غير مكتمل.
مشكلة مهرجان مراكش هي مشكلة تصور وصورة، وإذا لم ينجح في تجاوز هذه المعضلة، فانه لن يستطيع أبدا التنافس مع الكبار من المهرجانات الذائعة الصيت. مشكلة التصور يمكن لتجاوزها تدريجيا، حسب المهتمين، التفكير في الفقرات التي ستقوي التظاهرة، البعد الثقافي والندوات الفكرية، سوق الفيلم المغربي، الحضور العربي، حضور النجوم العالميين، ثم التفكير في حفل افتتاح وحفل اختتام يليق بالمدينة وبالسينما وبالمهرجان، عوض تلك الرغبة في الانتهاء سريعا.
والاشتغال على المحيط، الذي يكبر فيه المهرجان لن يكون مفيدا فقط على هذا المستوى، ولكن سيكون أكثر افادة لو توجه للساكنة، فمراكش أكثر جمالا، فالمدينة الحمراء وردة وسط محيط من النخيل، وعربات الكوتشي، الذي يجوب دروب وأزقة إحدى أجمل العواصم المغربية التاريخية ويصل رياضاتها قبل دورها وقصورها يزيد من جمالية وعبق المنطقة. بالتالي وجب التفكير في دمج المجتمع المدني في التظاهرة. خاصة أن الكثير من القرى المجاورة تعيش التهميش والفقر.
من الفقرات الملفتة، والتي تهم سينما البلد المنظم، فقرة «خفقة قلب» التي أراد عبرها المنظِّمون الاحتفاء بالسينما المغربية من خلال برمجة أفلام مختلفة في أساليبها، وموضوعاتها، غير أن الأفلام التي تمرّ في هذه الفقرة تخضع للعلاقة مع الفرنسيين أو الدائرين في فلكهم، ولا بُدَّ أن تقدِّم مواضيع خاصة، حسب لجنة التنظيم التي يتحكم فيها اللوبي المذكور.
بيد أن ما اعتُمد كأفلام مغربية في المسابقة هو الذي صار محلاً للاشكال منذ سنوات في المهرجان. إذ يسجل السينمائيون المغاربة اعتراضهم على ما يجري ضمه من أفلام مغربية إلى التظاهرة السينمائية الأهم في البلد. حيث يتساءلون عن مدى استحقاق الأعمال المدرجة لتمثل البلد المضيف.
في الحديث عن السينما المغربية، يتغاضى هؤلاء عن حقيقة أنه لا تبقى هناك إلا أفلام جيدة تعدّ على أصابع اليد الواحدة من أصل 20 فيلما تُنتج خلال عام واحد في المغرب. مهرجان مراكش مهرجان دولي ذو همّ كوني في زمن تداخل الثقافات، ولا تنحصر مهمته في دعم السينما المغربية، بل يشتغل على إعادة الناس إلى القاعات لمشاهدة أفلام قليلة العرض والانتشار، في بلد يصعب فيه انجاز تلك المهمة بسبب القدرة الشرائية وتقلص الصالات السينمائية والقرصنة. فأكبر المدن المغربية صرنا نعد عدد القاعات السينمائية فيها على أصابع اليد بعدما كانت طفرة في القرن العشرين، بعض مما تعيشه السينما بصفة عامة في بلد يحظى بعشق كبير لها وفي بلد يحاول النهوض بموروثه وثقافته والانفتاح على العالم.
[/sociallocker]