‘في ظل تعثر الثوار: سياسة الولايات المتحدة تجاه سورية على مفترق طرق’
9 ديسمبر، 2016
أحمد عيشة
تقدمت القوات الموالية للحكومة السورية يوم الأحد في حلب. صورة: جورج أورفليان/ وكالة الصحافة الفرنسية/ صور غيتي
لقد شوشت الخسائر الحادة، التي مُني بها المتمردون المقاومون للنظام في سورية، حسابات الولايات المتحدة السياسية في لحظةٍ حاسمة من الحرب الواقعة في البلد منذ فترةٍ طويلة، ومع انتخاب دونالد ترامب الذي أشار -فعلًا- إلى إمكانية حدوث تحول دراماتيكي، عندما يتولى السلطة في كانون الثاني/ يناير.
لم يوضح السيد ترامب، بشكلٍ مفصل خططه تجاه سورية، ولكنه وضع الخطوط العريضة لتغييرٍ محتمل، مختلف عن خطط إدارة أوباما، التي زودت المسلحين بكمياتٍ صغيرة من الأسلحة، وبعض التمويل، في محاولةٍ لإطاحة الرئيس بشار الأسد، وخاضت معركةً بشكلٍ منفصل ضد جماعة الدولة الإسلامية المتطرفة.
لقد أضافت المكاسب الأخيرة التي حققتها قوات الأسد قوة دافعة للدعوات بين بعضٍ من مستشاري السيد ترامب المقربين، فضلًا عن عددٍ من كبار إستراتيجيي الولايات المتحدة، إلى تقليص الدعم عن المعارضة السورية، ويعتقد بعض المراقبين أنَّ الحرب لإسقاط الرئيس الأسد قد انتهت فعلًا، ويجب على الولايات المتحدة أن تتحالف مع روسيا، وربما مع الحكومة السورية في هجومٍ شاملٍ على المتطرفين.
“أرني استراتيجيةً الآن، يمكن أن تتخلص من الأسد”، قال رئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش في مقابلةٍ، وهو مستشارٌ مقرب من ترامب، ما يُشير إلى عدم وجود أيِّ إستراتيجيةٍ من هذا القبيل. “الروس معه والإيرانيون معه، وليس هناك تحالفٌ لقوى في المنطقة يمكن أن يهزمه، وبالتالي، فإنّ الإستراتيجية تنطلق من الواقع”.
قال وزير الدفاع الأمريكي السابق، روبرت غيتس، في مقابلة، والذي التقى أيضًا مع السيد ترامب، أنَّه من غيّر المرجح أن يدعم الأمريكيون هذا النوع من الالتزام العسكري اللازم لإطاحة الأسد، وأضاف “أعتقد علينا بدايةً أن نكون واقعيين، الأسد سيبقى في السلطة، والروس ملتزمون بذلك”.
واصلت قوات النظام -المدعومة من الروس وإيران وحلفائه من الميليشيات الشيعية الأجنبية- التقدم داخل الأحياء التي يسيطر عليها المتمردون في شرقي حلب، في معركة أساسية، منذ أن بدأ اكتساب أراضٍ مهمّة قبل أسبوع.
يحاول رجال سوريون ومتطوعو الدفاع المدني انتشال ضحية من مبنى بعد غارة جوية على قرية في شمالي محافظة إدلب يوم الأحد. صورة: محمد البكور/ وكالة الصحافة الفرنسية/ صور غيتي
يسيطر النظام الآن على نحو نصف أحياء حلب التي كانت تحت حكم المعارضة من قبل، وما زال يتقدم حتى يوم في 4 كانون الأول/ ديسمبر، إلى الأمام في محاولةٍ لشطر ما تبقى، وهي خطوةٌ يمكن أن تجبر المتمردين على الانسحاب من عددٍ من الأحياء، حيث يقول السكان، إنَّ القصف المكثف المستمر على مناطق المدنية، يؤدي إلى سقوط عشرات القتلى في الأيام الأخيرة.
صرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علنًا في الأسبوع الماضي، أنَّ السيد ترامب ينسق معه بشأن السياسة في سورية، حيث تحدّث الرئيس الروسي مرتين مع الرئيس المنتخب. ويشكك مسؤولون في إدارة أوباما بقدرة السيد ترامب، على بناء أيّ تحالفٍ هادف مع بوتين في سورية. ويقول مسؤولون حاليون وسابقون في إدارة أوباما، إنهم سعوا لسنواتٍ حتى ينسقوا مع موسكو لإنهاء الحرب بالوسائل السلمية، ولكن روسيا استخدمت مرارًا الدبلوماسية كغطاءٍ لدعم الأسد وللتقدم بهجومٍ عسكري. أكّد على ذلك جون برينان، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، في مقابلة مع بي بي سي الأسبوع الماضي “أعتقد انهم أطالوا أمدَ هذه المفاوضات وسيلةً لمواصلة خنق حلب، وإجبار المواطنين على الركوع”.
تضيف إيران تعقيدًا آخر للسيد ترامب، وهي جزءٌ لا يتجزأ من الجهد الروسي-السوري، ولكن يُنظر إليها من جانب فريق الرئيس المنتخب بوصفها خصمًا خطِرًا، لكن ترامب تعهد بإعادة صوغ الاتفاق النووي الإيراني الذي دخل حيز التنفيذ هذا العام.
نقل السيد ترامب خطّة الولايات المتحدة ومقاربتها إلى الشروع بتركيزٍ أكثر وضوحًا مع تعييناته، فاختار الجنرال المتقاعد مايكل فلين مستشارًا للأمن القومي، والجنرال المتقاعد جيمس ماتيس وزيرًا للدفاع، وكلاهما كانا قد انتقدا سياسة إدارة أوباما حول سورية، قائلَين إنها قد تركزت ثانيةً على مهاجمة الولايات المتحدة للدولة الإسلامية، ودعا الجنرال ماتيس لقرارٍ من الكونغرس يجيز استخدام قوات الولايات المتحدة إذا لزم الأمر، وشكك الجنرال نفسه كثيرًا في مقاربة إدارة أوباما لدعم بعض المتمردين السوريين ضد الأسد.
وكذلك، ندد الجنرال ماتيس بتوغل روسيا، في أوكرانيا عام 2014، داعيًا إلى المزيد من الأسلحة لكييف، ولموقفٍ أكثر صرامةً من الذي اتخذته منظمة حلف شمال الأطلسي. ويمكن لخيار ترامب لمنصب وزير الخارجية أن يلقي الضوء على الخيارات الإستراتيجية.
حتى لو كانت الولايات المتحدة ستقلص الدعم عن المتمردين في سورية، فقد قال عدد من المسؤولين في الإدارة، إنهم لا يرون نهايةً الدعم من دول مثل المملكة العربية السعودية وقطر، فقد دخلت هذه الدول السنية في حربٍ إقليمية بالوكالة مع نظام الأسد، وإيران التي يسيطر عليها الشيعة، أما توافق الولايات المتحدة الأكثر مباشرةً، مع روسيا في سورية، فيمكنه أن يفاقم عزلة هذه الدول.
وعلى الرغم من تزايد احتمالات أنَّ حلب، ستسقط نتيجة هجوم النظام المدعوم من روسيا وإيران، فإن وزير الخارجية جون كيري قد لخّص يوم الجمعة في 2 كانون الأول/ ديسمبر خطةً دبلوماسية لا تختلف كثيرًا عن مساعي إدارة أوباما السابقة لإقناع روسيا وسورية بالموافقة على المفاوضات.
التقى السيد كيري يوم الجمعة ذاته، مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في روما لبحث كيفية معالجة الوضع الإنساني في حلب بحيث يتمكن النظام والمعارضة السورية من الاجتماع ثانيةً لإجراء محادثات.
ومع ذلك، يعترف مسؤولون امريكيون أنَّه من غير المرجح أن توافق روسيا، على اتفاقٍ مع إدارة أوباما، في الأسابيع المتبقية لها في السلطة، وفي الوقت نفسه، فإن الولايات المتحدة تريد إعادة ترتيب الأمور لمحاولة استعادة السيطرة على مدينة الرقة، التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية.
الرئيس الأسد دعا السيد ترامب بأنه “حليفٌ طبيعيٌّ” ضد الإرهاب، في مقابلةٍ مع التلفزيون البرتغالي في تشرين الثاني/ نوفمبر، لكنه قال أيضًا إن خطاب الحملة قد لا يُترجم إلى خطةٍ جديدة للولايات المتحدة.
وقد عبرت المعارضة التي تقاتل ضد الأسد عن ذعرٍ من تصريحات السيد ترامب، قائلةً إنَّ الشحنات العسكرية الأمريكية، لا تمثل إلّا جزءًا صغيرًا من المساعدات، لكنها مهمةٌ في المعارك ضد كلٍّ من الرئيس الأسد والدولة الإسلامية.
أصدرت لجنة المفاوضات العليا، الذي تمثل المعارضة في محادثات السلام الدولية في تشرين الثاني/ نوفمبر رسالةً مفتوحة إلى السيد ترامب هنأته على انتخابه، وأعربت عن أملها في العمل معه على إيجاد طريقةٍ لحماية المدنيين، والعثور على السلام و”إنهاء الديكتاتورية البغيضة”.
اسم المقالة الأصلي U.S. Syria Policy at Crossroads as Rebels Falter الكاتب JAY SOLOMON, CAROL E. LEE and FELICIA SCHWARTZ
جاي سولومون كارول لي وفيليشيا شوارتز
مكان النشر وتاريخه وول ستريت جورنال، The Wall Street Journal
4-12-2016
رابط المقالة http://www.wsj.com/articles/u-s-syria-policy-at-crossroads-as-rebels-falter-1480887043 المترجم أحمد عيشة
[sociallocker] [/sociallocker]