التهجير… استبانة في جنوب دمشق
10 ديسمبر، 2016
خالد محمد
أقيمت في بلدة يلدا، في جنوب دمشق، الأربعاء الماضي، ندوةٌ حوارية، بعنوان “مخاطر التهجير القسري والتغيير الديمغرافي في سورية”، بمشاركة عددٍ من الفاعليات الثورية، لـ”بحث الحلول الممكنة لمواجهة هذا المشروع” الذي أخذ يتنامى تصاعديًا في الآونة الأخيرة، لصالح النظام السوري، ولا سيما في محيط العاصمة دمشق.
ناقش المشاركون في الندوة، قضية “التغيير الديموغرافي” في ثلاثة محاور، يتعلق الأول بتعريف المفهوم، وشرحه عبر ضرب أمثلةٍ تاريخية، فيما أشار المحور الثاني للتغيير الديموغرافي في سورية خلال فترة حكم الأسدين (الأب والابن)، بما فيها السنوات التي مرت بها الثورة السورية، في حين اقترح المحور الأخير مجموعةً من الحلول الممكنة لمواجهة هذا المشروع.
وخلص النقاش إلى تأكيد الثبات والتمسك بالأرض قدر المستطاع، وعدم الانجرار خلف الخطط الهادفة لتمزيق بنية المجتمع السوري، إضافةً إلى التصدي لخطط التهجير والتغيير الديموغرافي بجميع أشكال وسبل المقاومة المتاحة فكريًا وسياسيًا وعسكريًا.
تمت الدعوة لضرورة دراسة ما تعرضت له مناطق ريف دمشق المجاورة (داريا، المعضمية، قدسيا والهامة، التل وخان الشيح)، لما لها من أهميةٍ كبيرة في الوصول إلى حلول تحافظ قدر الإمكان على المبادئ والثوابت المتفق عليها بين القوى والفاعليات العاملة في المنطقة، وانتهت الندوة -أخيرًا- بتوزيع استبانة ورقية على الحضور الذين قدر عددهم بنحو 70 شخصًا، لإبداء آرائهم في الموضوع ذاته.
يأتي ذلك، في أعقاب ما تشهده مناطق متفرقة من دمشق وريفها، من حالات إخلاءٍ وتهجيرٍ قسري لأهالي ومقاتلي المعارضة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، ما ينذر بحدوث عمليات تغييرٍ ديمغرافي، بغية التخلص من السكان الأصليين المناهضين للنظام، من جهة، وإحلال سكان آخرين بدلاً منهم، من جهة ثانية، وفق أسسٍ طائفية محضة، تتكون -بمجملها- من لون طائفي واحد، يجري جلبهم تباعًا من العراق ولبنان وإيران.
هواجس المرحلة المقبلة
حول ردود الفعل الحالية تبعًا لتطورات الأحداث التي يشهدها جنوب دمشق، أعرب الناشط الإعلامي، محمد الشامي، لـ (جيرون) عن أن “المدنيين في جنوب دمشق، تفاجؤوا -بالفعل- من ورقة الاستفتاء، التي وُزعت الشهر الفائت في بلدة ببيلا، من أشخاصٍ يعملون تحت إشراف عضو اللجنة السياسية وممثل البلدة، الشيخ أنس الطويل”، مضيفًا أن، “ورقة الاستفتاء، أثارت كثيرًا من الجدل والمخاوف، كما أنها فتحت الباب واسعًا أمام التكهنات بشأن الجهة الحقيقية التي كانت وراء هذا الطرح غير المألوف، لتحديد مستقبل المنطقة.”
ودعا إلى أخذ “العبرة مما حدث في مدن الغوطة الغربية، وعلينا ألا نعيد الكرّة مرةً أخرى. إن قبول أي بلدة في جنوب دمشق، المحاصر بشروط النظام وخياراته المزمعة، سيمثل -بلا شك- بداية الضعف لنا جميعًا، وقد يتفاقم الوضع أكثر ليصل مدن الغوطة الشرقية.”
وأشار إلى أنه “لا بد من تكاتف الجميع في هذه المرحلة، وعلى جميع القوى الأهلية في جنوب دمشق، أن تقطع الطريق باكرًا على المخطط الذي يعده النظام للمنطقة، قبل أن تجد نفسها في الأيام المقبلة مجبرةً على القبول بكل ما جاء في ورقة الاستفتاء.”
من جهةٍ أخرى، يتخوف علي السعيد، أحد أبناء المنطقة، من أن تكون ورقة “الاستفتاء” بدايةٌ لتصعيد محتمل “قد يطال المنطقة، وإعلانها كوجهةٍ جديدة لقوات النظام”، وذهب أبعد من ذلك، عندما أشار إلى أن “الاستفتاء” سيفرز نتائج ربما تزيد من “حدة الاستقطاب والصراع المحلي داخل صفوف القوى المختلفة التي تسيطر على مدن وبلدات جنوب دمشق”.
وكانت اللجنة السياسية في جنوب دمشق، أصدرت بيانًا توضيحيًا لآخر مستجدات المفاوضات مع النظام، التي جرت في العاصمة دمشق، أواسط تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وأشارت في بيانها، إلى أن لجنة التفاوض المنتخبة “طرحت مقترحًا يتضمن مبادئ وآليات لحل موضوعي يتلاءم مع واقع المنطقة ويراعي خصوصيتها”، دون الخوض في تفاصيل المقترح.
ومع أن الاجتماعات التحضيرية للمفاوضات التي يحضرها ممثلون عن المعارضة في جنوب دمشق، مع آخرين عن النظام، ما تزال مستمرة منذ 23/ 11/ 2016، إلا أنها لم تشهد أي اتفاق -حتى اللحظة- على المقترحات التي قدمها الطرفان لإغلاق ملف المنطقة.