المهدئات والأدوية النفسية تقتحم حياة السوريين
11 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
يتناول السوريون المهدئات ومضادات الاكتئاب والأدوية الحيوية بكمياتٍ كبيرة في محاولة للتخلّص من الضغوط الكبيرة التي وضعتها الحرب؛ بدايةً بالخوف من المعارك وتأثيرها مرورًا بالأوضاع الاقتصادية الأشد سوءًا في حياة السوريين وليس انتهاءً بمحاولة الانفصال عن الواقع، ويأتي الإقبال على هذه العقاقير في ظل غياب أي دور للطب النفسي، الذي من شأنه تنظيم هذه العملية وفقًا لحالة المريض أو المصاب بالاكتئاب.
يتحدث الصيدلاني في دمشق منير عيسى لـ “صدى الشام” عن نمو هذه الظاهرة وأبرز تأثيراتها قائلًا: “إن بعض الصيدليات باعت كل ما لديها من هذه الأدوية نتيجة الازدياد الطلب عليها من قبل السوريين بشكل كبير”. ويقدّر عيسى نسبة ارتفاع الطلب بحوالي 300% أي ثلاثة أضعاف وذلك بحسب تواتر الإقبال عليها.
ومن أبرز المهدّئات دواء “فوستان” الذي يُعتبر مُرخيًا عضليًا، ويتم تناوله في حالات الإرهاق النفسي الشديد، كما أنه يخفّف حدّة الغضب، في حين يرتفع الطلب بالدرجة الأولى على”مونتيفال” وهو مضاد اكتئاب يتم استخدامه من قبل الأشخاص الذين يعانون من اكتئابٍ مزمن أو أمراضٍ نفسية تجعلهم يفقدون التكّيف مع مجتمعهم ومع أنفسهم في كثيرٍ من الأحيان، وذلك وفقًا لما يبيّن الصيدلاني منير عيسى.
أما مستهلكو هذه المهدئات وزبائنها فقد أصبح بعضهم دائمين وتربطهم علاقة شخصية بالصيادلة كما هو الحال مع “محمود” الذي قال لـ “صدى الشام”: “إنه بدأ بتناول مونتيفال في أوائل عام 2014″، لكنه أوضح أنه عمد إلى ذلك بعد استشارة طبيبٍ عصبي نصحه بتناول الدواء لمدة محدودة والتوقّف عن ذلك بعد انتهاء ضغوطه.
غير أن محمود لم يتوقّف عن تناول الدواء حتى بعد أن انتهت المدّة التي حددها الطبيب، وعن سبب ذلك يقول: “ضغوطي النفسية لم تنتهِ وكل يومٍ يأتي أسوأ من قبل”.
ويرتبط ضمان استمرار حصول السوريين على هذا الدواء بعاملَين رئيسيين؛ مدى توفّره في ظل الارتفاع الكبير في الطلب وتوقّف الانتاج من جهة، والمبالغ المادية التي ستترتب على الساعين للحصول على هذا الدواء، وذلك علاوةً على وضعهم الاقتصادي المحدود أصلاً.
عن هذه الأسعار يقول محمود: “إن عبوة مونتيفال يبلغ ثمنها 150 ليرة وبداخلها 10 كبسولات وتكفي لـ 4 أيام”، وتابع أنه في بعض الأحيان ينقطع هذا الدواء، فيضطر للبحث عن مقابله الأجنبي والذي يكون ثمنه باهظًا.
من جهة أخرى فإن السواد الأعظم من شرائح المجتمع السوري غير معتادٍ على وجود الأطباء النفسيين إذ يَعتبر كثيرون الطب النفسي رفاهيةً زائدة، فيما يرفض آخرون الاعتراف بوجود المرض النفسي خشيةً كلام الناس ووصفهم للمريض نفسيًا بأنه “مجنون”.
يذكر أنه في الآونة الأخيرة شهدت العاصمة دمشق عدّة حالات انتحار، ومرّت أخبار هذه الحالات مرور الكرام دون أن يتم الوقوف عندها أو معرفة أسبابها.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]