الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ينعى الدكتور صادق جلال العظم

13 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
3 minutes

يرحل الجميع، فتلك سنّة لا مهرب منها. غير أنّ الرحيل شيء، والغياب شيء آخر، لاسيّما عندما يكون الحديث عن كبارٍ تفرّدوا، وكانوا علاماتٍ تدلّ على نفسها بنفسها. وحدهم الكبار لا يتساوى رحيلهم بالغياب، وصادق جلال العظم المفكر العربي المرموق حاضرٌ من قبلُ ومن بعدُ، فهو علامة، وهو مسيرة، وهو تجربة.

العظم تجربة. يمكن أن نجمل القول. تجربة راكمت أسئلة فوق أسئلة، معتدّةً بمنهج في التفكير يعلي من شأن النقد بوصفه أداة من أدوات المعرفة لا غنى عنها. الوصول إلى الحقيقة، ولكن لا عبر الطريق السهل الممهّد المفضي إلى القشر فقط، بل عبر الحفر العميق المؤلم الذي يقود نحو الجوهر، فكانت التجربة بذلك امتداداً لأخرى كبيرة سبقته في الماضي البعيد والقريب، وتأسيساً لتجارب أخرى تلته وما زالت تكتوي بالنار نفسها.

هذا على مستوى الفكر. يليه مستوى الشخصية الأخلاقية النقية التي نأت بنفسها عن أيّ شبهة، وظلت مخلصة لعالمها الذي يحمل عنواناً واحداً هو الحياة من أجل الحقيقة لا من أجل منصب أو مال أو أيٍّ من الأعراض الزائلة التي يبيع آخرون حياتهم وأوطانهم وقيمهم من أجلها.

ثم يأتي انحيازه لقضايا شعبه السوري الذي يمر اليوم بمحنة الولادة الجديدة الصعبة، في نضالٍ يواجه فيه الاستبداد السياسي الأرعن المسكون بوهم السلطة المطلقة، كما يواجه في الوقت نفسه وبالشراسة نفسها انتهازية القوى الظلامية المتفلّتة من كل الضوابط عقيدةً وقانوناً وأخلاقاً وحسّاً، متخفيةً وراء عباءة الدين، ظناً منها أن الآخرين عميٌ لا يرون ولا يعرفون.

رحيل صادق جلال العظم خسارة كبيرة، لكنه الرحيل العارض الطارئ، يقابله الحضور قويّاً ناصعاً متواصلاً من خلال ما تركه في الذاكرة. وهنا يكمن العزاء.

إن الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، إذ ينعى إلى الوسط الثقافي العربي المفكر والأكاديمي والكاتب الكبير د. صادق جلال العظم وقد غادر دنيانا في منفاه بعد محنة المرض التي ألمت به، ليعبر عن عميق ألمه، داعياً له بالرحمة والمغفرة، ولذويه ومحبيه وتلامذته بالصبر والسلوان.

  • حبيب الصايغ – الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب..

أبوظبي الاثنين 12 كانون الأول – ديسمبر 2016

[sociallocker] المصدر
[/sociallocker]