رحيل المفكر السوري صادق جلال العظم بعد صراع مع المرض
14 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
توفّي المفكر السوري صادق جلال العظم، يوم الأحد الماضي في ألمانيا عن عمر 72 عاماً، بعد صراع مع المرض، ويعتبر العظم أحد أشهر المفكرين والفلاسفة العرب.
وكان العظم قد أصيب بورم خبيث فى الدماغ منذ فترة وفشلت محاولة استئصال هذا الورم، ومن ثم تدهور وضعه الصحي، وانتشرت إشاعات حول وفاته في أواخر الشهر الماضي نفتها العائلة.
وتناقل سياسيون وناشطون ومدونون نعياً نشره ابنا العظم (عمرو وإيفان)، جاء فيه: “نعلمكم ببالغ الحزن والأسى وفاة والدنا صادق جلال العظم اليوم الأحد ١١/١٢/٢٠١٦ في منفاه برلين ألمانيا”.
وفي هذا السياق نعى الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب المفكر صادق جلال العظم، وصدر بيان بهذا الخصوص بتوقيع الأمين العام للاتحاد قال فيه: يرحل الجميع، فتلك سنّة لا مهرب منها. غير أنّ الرحيل شيء، والغياب شيء آخر، لاسيّما عندما يكون الحديث عن كبارٍ تفرّدوا، وكانوا علاماتٍ تدلّ على نفسها بنفسها. وحدهم الكبار لا يتساوى رحيلهم بالغياب، وصادق جلال العظم المفكر العربي المرموق حاضرٌ من قبلُ ومن بعدُ، فهو علامة، وهو مسيرة، وهو تجربة.
وتابع البيان: العظم تجربة. يمكن أن نجمل القول. تجربة راكمت أسئلة فوق أسئلة، معتدّةً بمنهج في التفكير يُعلي من شأن النقد بوصفه أداة من أدوات المعرفة لا غنى عنها. الوصول إلى الحقيقة، ولكن لا عبر الطريق السهل الممهّد المفضي إلى القشر فقط، بل عبر الحفر العميق المؤلم الذي يقود نحو الجوهر، فكانت التجربة بذلك امتداداً لأخرى كبيرة سبقته في الماضي البعيد والقريب، وتأسيساً لتجارب أخرى تلته وما زالت تكتوي بالنار نفسها، هذا على مستوى الفكر. يليه مستوى الشخصية الأخلاقية النقية التي نأت بنفسها عن أي شبهة، وظلت مخلصة لعالمها الذي يحمل عنواناً واحداً هو الحياة من أجل الحقيقة لا من أجل منصب أو مال أو أي من الأعراض الزائلة التي يبيع آخرون حياتهم وأوطانهم وقيمهم من أجلها.
وأضاف البيان، يأتي انحياز العظم لقضايا شعبه السوري الذي يمر اليوم بمحنة الولادة الجديدة الصعبة، في نضالٍ يواجه فيه الاستبداد السياسي الأرعن المسكون بوهم السلطة المطلقة، كما يواجه في الوقت نفسه وبالشراسة نفسها انتهازية القوى الظلامية المتفلّتة من كل الضوابط عقيدةً وقانوناً وأخلاقاً وحسّاً.
واختتم البيان: إن الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، إذ ينعى إلى الوسط الثقافي العربي المفكر والأكاديمي والكاتب الكبير الدكتور صادق جلال العظم وقد غادر دنيانا فى منفاه بعد محنة المرض التي ألمت به، ليُعبّر عن عميق ألمه، داعياً له بالرحمة والمغفرة، ولذويه ومحبيه وتلامذته بالصبر والسلوان.
يشار إلى أن صادق جلال العظم (1934)، هو مفكر وأستاذ فخري بجامعة دمشق في الفلسفة الأوروبية الحديثة، كان أستاذاً زائراً في قسم دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنستون حتى عام 2007.
درس العظم الفلسفة في الجامعة الأميركية، وتابع تعليمه في جامعة يال بالولايات المتحدة، وعمل أستاذاً جامعياً في الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى سوريا ليعمل أستاذاً في جامعة دمشق في 1977-1999.
انتقل للتدريس في الجامعة الأميركية في بيروت بين 1963 و1968، عمل أستاذاً في جامعة الأردن ثم أصبح سنة 1969 رئيس تحرير مجلة الدراسات العربية التي تصدر في بيروت، ثم عاد إلى دمشق 1988 ليدرّس في جامعة دمشق، وتمت دعوته من قبل عدة جامعات أجنبية ثم انتقل إلى الخارج مجدداً ليعمل أستاذاً في عدة جامعات بالولايات المتحدة وألمانيا.
كتب العظم في الفلسفة وعن دراسات ومؤلفات عن المجتمع والفكر العربي المعاصر، وهو عضو في مجلس الإدارة في المنظمة السورية لحقوق الإنسان.
أيّد العظم الثورة السورية، وأكد أن ما يجري في سوريا هو ثورة وليس حرباً أهلية.
وفي أحد حواراته الصحفية قال العظم:” إن اندلاع الثورة في سوريا هو الذي استجلب الصراعات الدولية والإقليمية القائمة أصلاً إليها وما يجري في سوريا اليوم هو انتفاضة بالتأكيد، أخذت تشبه في كثير من ملامحها ومسارها حروب التحرير الشعبية طويلة الأمد ضد سلطة جائرة وقاهرة ومتجبّرة لم تعد الأكثرية الشعبية في البلد تطيقها”.
وأكد العظم أن ما يجري في سوريا هو ثورة أيضاً، لكون الهدف هو الإطاحة بالنظام القديم المهترئ والمتداعي والذي لم يعد قابلاً للحياة، ثورات العصر الحديث كانت دوماً تهدف إلى الإطاحة بنظام قديم ما، لصالح نظام جديد يتطوّر ويتبلور من رحم الثورة نفسها ولا يمكن البتّ بخصائصه بصورة مسبقة.
[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]