‘اقتصاديون: مساعي النظام لإعادة الألق الصناعي إلى حلب .. نفخٌ في قربة مقطوعة.’

15 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
6 minutes

بالتوازي مع المعارك العسكرية التي أنتجت خارطة سيطرة جديدة في مدينة حلب،  يخوض النظام معركة اقتصادية لا تقل أهمية عن الأولى، بهدف التقليل من المخاوف التي تَحول دون عودة أصحاب رؤوس الأموال إلى المدينة، في حين  يشكك اقتصاديون  بنجاح كل مساعي النظام الرامية إلى إعادة الألق الصناعي للمدينة، مشيرين إلى غياب عامل “الأمان”، وهو أهم جاذب للاستثمار.
ومن ضمن أهم المتغيرات التي قد تخدم النظام في هذا الإطار، إعادة مطار حلب الدولي إلى الخدمة، بعد سيطرة قواته والميليشيات الأجنبية التي تقاتل إلى جانبها على المناطق المحيطة بطريق المطار في أحياء حلب الشرقية، الأمر الذي دفع بقلة من المستثمرين الموالين للنظام من أبناء المدينة ممن كانوا قد غادروا البلاد عام 2012 إلى الإفصاح عن نواياهم بالعودة.

المستثمر السوري طلال عطار المقيم في مصر، أعلن قبل أيام عن تنظيم فعالية “رحلة حلب” التي تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن من المستثمرين والصناعيين، لزيارة المدينة، ونقلت وسائل إعلام النظام عن عطار الذي يملك سلسلة مطاعم في حلب قوله: “لقد جاءت مبادرتي من خلال معرفتي بمدى شوق تجار حلب إلى مدينتهم”، حسب تعبيره.

واستباقاً لما طرحه عطار، أكد رئيس حكومة النظام “عماد خميس” استعداد حكومته لتقديم التسهيلات اللازمة لإحداث نقلة نوعية في اقتصاد المدينة، مشيراً خلال اجتماعه بأعضاء مجلس غرفة تجارة حلب قبل أيام إلى ضرورة حصر أضرار المعامل في المدينة وفي المنطقة الصناعية بالشيخ نجار.
الباحث الإقتصادي “منذر محمد” شبّه محاولات النظام الهادفة إلى إعادة النشاط الصناعي والتجاري إلى مدينة حلب “بالنفخ في قربة مثقوبة”، وقال “نحن نتحدث عن مدينة هجرَتها رؤوس الأموال إلى غير رجعة، خصوصاً وأن الحرب لم تنتهِ بعد”.
وأضاف ” محمد ” في تصريحات لـ صدى الشام ” أن للنظام تجربة في هذه المدينة أثبتت فشلها، فهو ومنذ سيطرته على المدينة الصناعية في “الشيخ نجار” في شهر تموز 2014، وللآن لم ينجح في تحريك عجلة الإنتاج، ولا حتى بنسبة 5% عما كانت عليه قبل الثورة”.
وعن واقع المدينة الصناعية الراهن أوضح محمد أن النظام يتحدث عن نجاحه في إعادة 225 معمل إلى العمل من أصل أكثر من 2000 معمل كانت موجودة في عام 2011، وقال “من الأصح أن نتحدث عن ورش إنتاج صغيرة، ما زالت تواصل عملها، أما المصانع الكبيرة فقد توقفت منذ بداية الثورة”.
ويتفق صناعيٌ سوري في تركيا مع ما ذهب إليه محمد، مؤكداً في حديثه لـ”صدى الشام” أنه لن يعود إلى مزاولة عمله في مدينة حلب، حتى لو أعلن النظام عن سيطرته على كامل المدينة بما في ذلك الريف أيضاً.

وعن أسباب ذلك يشرح الصناعي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، خوفاً من مصادرة النظام لمصنع الأدوات البلاستيكية الذي يمتلكه في المدينة الصناعية بالشيخ نجار بالقول” لقد أسست عملي الجديد هنا في مدينة غازي عينتاب التركية، وبدأت أُصدّر البضائع للمستوردين القدامى في إقليم كردستان العراق، والعمل يسير بوتيرة جيدة، فلماذا سوف أعود إلى هناك”.
ويشير هذا الصناعي إلى عدم توفر المقومات الأولية لتحريك عجلة الإنتاج في الداخل، من كهرباء ومواد أولية ومحروقات ومواصلات، ويرى أن الدول المجاورة لسوريا نجحت في استقطاب رؤوس الأموال السورية، عبر التسهيلات التي قدمتها لهم، وبناء على ذلك يؤكد أن الغالبية العظمى من المستثمرين السوريين ليست مع قرار العودة، على الأقل في العقد القادم.
لكن ومن ناحية ثانية لم يستبعد الصناعي عودة بعض أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة إلى مدينة حلب، لأنهم ” فشلوا في الحصول على الامتيازات التي تقدمها دول الجوار للمستثمرين الكبار”، مبيناً في هذا الصدد أن الكثير من أصحاب المشاريع الصغيرة في تركيا لم ينجحوا في إيجاد موطئ قدم في سوق اقتصادي كبير يختلف من حيث التركيبة عن قرينه السوري.
في الوقت نفسه سخر الباحث الإقتصادي “محمود ناصر” من دعوات النظام الرامية إلى احتواء الأزمة الإقتصادية في مدينة حلب، لافتاً إلى انتقال الكثير من المعامل والمصانع إلى المدن الساحلية الموالية للنظام.

وأضاف:” إن كان النظام يريد تدوير عجلة الإنتاج كما يدعي، فلا يتطلب الأمر أكثر من أن يقوم بإعادة التجار والصناعيين في مدينتي اللاذقية وطرطوس إلى حلب”.

وذهب ناصر في تصريحه لـ”صدى الشام” إلى حد اعتبار أن كل أحاديث النظام عن حلب هي “أكاذيب نظام طائفي”، مضيفاً أنه “من الأجدى أن نسأل عن الطرف الذي دمر حلب بكل ما فيها”.

فإلى أين ستصل مساعي النظام في محاولة جذب الصناعيين؟ وهل هو جادٌ فعلاً في دفع عجلة الاقتصاد أم أن هَمّه هو التسويق لفكرة عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الدمار الذي ألحقه بحلب وبقية المدن السورية؟!.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]