انتهاكات النظام والمليشيات الإيرانية لوقف إطلاق النار, تزيد الثوار المحاصرين صموداً


اتفاق وقف إطلاق النار في حلب دخل حيز التنفيذ النظري, ولكنه لم ينفذ فعلياً, فالضبابية تغطي المشهد حتى اللحظة, فبعد أن أعلنت روسيا عن توصلها لاتفاق يقضي بوقف إطلاق النار في حلب الشرقية مع الجانب التركي, يصرّح النظام السوري بأنه ليس له علم به, وتبادر المليشيات الإيرانية لعرقلته مع خروج أول دفعة من الجرحى المحاصرين في أحياء حلب الشرقية.
ثم يعاود النظام قصفه للأحياء المحاصرة بالمدفعية والثقيلة, والطيران الحربي الذي استهدف حي المشهد مساء اليوم الأربعاء, في محاولة من النظام والمليشيات الإيرانية لتعديل بنود الاتفاق, وإقحام بلدتي “الفوعة وكفريا” ضمن شروطه.
تكشف هذه البلبلة الحاصلة جراء هذا الخرق الفاضح الذي قام به النظام مع الإيرانيين, مقدار الشرخ الحاصل في الموقف تجاه حربهم على حلب, فبعد أن فرض الروس أنفسهم كند حقيقي للشعب السوري والثورة, تقلص نفوذ النظام ومن خلفه إيران في اتخاذ القرارات السياسية الحاسمة, فأصبحت وزارة الدفاع الروسية هي الناطق الرسمي عوضاً عن الجانب السوري, واقتصر دور إيران على توريد المليشيات للقتال على جانب النظام.
واللافت للأمر أن روسيا صاغت هذا القرار مع الأتراك تحديداً, في غياب واضح للجانب الأمريكي, وبعيداً عن رغبة النظام السوري وحليفته إيران, لذلك كانت ردة فعل الأخيرين هي خرق الهدنة وعدم الانصياع الحرفي لبنود الاتفاق والالتفاف عليه من الخلف, وقد تكون هذه المرة الأولى التي يجرؤ فيها النظام على عصيان أوامر الروس.
ولو نظرنا لهذا المشهد بتمعن, نجد أن النظام في خرقه لبنود الاتفاق, لم يعبر عن رغبته فحسب, بل عن رغبة شريكته إيران التي تهيمن أيضا في قراراتها على إرادة النظام, وبالتالي نقف مرة أخرى أمام صورة جديدة من صور صراع النفوذ والقرارات بين روسيا وإيران.
إذن الثوار والمدنيين مازالوا محاصرين داخل الأحياء الشرقية المتبقية, والضمانات بالخروج الآمن لم تعد متوفرة, والجانب الروسي رغم خداعه الكبير لم يستطع أن يضبط تصرفات المليشيات, خصوصاَ أن موكب الجرحى قد تم اعتراضه من قبل حاجز للمليشيات الإيرانية بعد أن تجاوز حاجزا للروس, لذلك لا مجال حتى الآن للاستسلام أو القبول ببنود اتفاق هش غير مضمون, لذلك قام الثوار بشن عدة هجمات على مواقع للنظام والمليشيات عند نقطة جسر الحج في خطوة مفاجئة وموجعة للنظام والمليشيات الأجنبية.
صحيح أن الخيارات أمام الثوار باتت محدودة, إلا أن خيار الصمود وعدم القبول باتفاق هش هو مطروح بقوة حتى اللحظة, وقد تكون هجمات الثوار هي بمثابة ردة الفعل على تصرفات النظام والمليشيات, إلا أنها كشفت عن حجم الصمود الكبير للمحاصرين داخل حلب والذين تخطوا مرحلة الخوف من المصير المجهول, وصمموا على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
قد يساهم هذا الصمود كحدٍ أدنى في إرغام النظام والمليشيات عن التراجع في تمسكهم بتعديل بعض بنود الاتفاق الروسي- التركي, وقد يفتح مرحلة جديدة من مراحل الصراع قد تغير بعض الموازين وعنوانها صراع الإرادات بالبقاء..

- فادي أبو الجود




المصدر