صدق أو لا تصدق .. صحيفة (لوفيغارو) ترشح بشار الأسد رئيساً لفرنسا !

15 ديسمبر، 2016

باريس – إياد عيسى

أرسل لي صديق “رابط استطلاع الرأي” الذي تجريه صحيفة  “لوفيغارو” الفرنسية على موقعها الالكتروني ، والمؤلف من سؤال واحد  مفاده  .. “لا تزال تريد بشار الأسد على رأس سوريا ؟.” والمطلوب طبعاً إجابة  من اثنتين ” نعم أو لا”.

للحظة، وعلى اعتبار أنني بأحسن حالاتي  نصف أجدب، وفوقها بلبل لكن أخرس باللغة الفرنسية”، اعتقدت أن جريدة” لوفيغارو”  ، تطرح بشار الأسد مرشحاً لانتخابات الرئاسة الفرنسية المقررة بعد أشهر قليلة، وقلت لحالي بعد صفنه طويلة مع لف سيجارة بالحجم العائلي ..   معقول يا ولد أنه لا يوجد في فرنسا العظمى من اليمين السياسي إلى اليسار من يملك الكاريزما التي يمتلكها بشار الأسد؟ .. معقول أن السوريين يملكون تحفة  لا يعرفون قيمتها؟، وأن الذبح والقتل والسحل والتدمير هو إصلاح وتحديث وتطوير؟، وأن الكيماوي والبراميل المتفجرة هي انجازات؟، وأن الميلشيا الطائفية والمذهبية والشبيحة هم علماء بيولوجيا وسوسيولوجيا وانثربولوجيا وليسوا قتلة ومرتزقة متعددي الجنسيات من شذاذ آفاق؟، وأن الموت تحت التعذيب هو بحوث علمية وليس جرائم ضد الإنسانية؟، وأن السجون والمعتقلات هي جامعات ومعاهد علمية وليست مسالخ بشرية، وأن بشار الأسد هو النسخة المعدلة من الجنرال شارل ديغول، أو ربما كان هو بشحمه ولحمه متقمصاً في بشار الأسد وفق العقيدة العلوية، مع فارق بسيط أن الأول خسر الانتخابات وخرج من الحياة السياسية، فيما الثاني ألغى الانتخابات من أصله، وأخرج مئات الآلاف من الحياة والدنيا كلها على بعضها؟!. وأن هذه الـ “أن” يحتاج تفسيرها إلى الاستعانة بالصديق الذي أرسل لي “رابط استطلاع الرأي”، الذي أوضح بدوره “أن” المقصود بالسؤال”يا ذكي” يقصدني أنا  (هل لا تزال تريد بشار الأسد رئيساً لسوريا وليس رئيساً لفرنسا”.. وهذا ما اقتضى التنويه منه، ثم لف سيجارة أخرى بالحجم العائلي مني:

 جريدة  من عيار “لوفيغارو” تحظى باحترام كبير، لا تعرف بأن غالبية السوريين لا يميزون بين “بون جور” و”بون وي”، وأن هؤلاء باستثناء نخبة النخبة لم يسمعوا بصحيفة “لوفيغارو”، وأن 70 بالمائة من مساحة سوريا صارت خارج تغطية شبكات الانترنيت بل خارج الحضارة والحياة، ويحيط فيها الموت من يسارها ويمينها وفوقها وتحتها، وأن ثلث السوريين لا يقيمون في سلسلة فنادق مريديان وكونكورد، إنما يسكنون في مخيمات اللجوء في تركيا ولبنان والأردن حيث لا وجود سوى للموت حراً في الصيف،  أو برداً في الشتاء، أو جوعاً في بعض الأحيان، أو قهراً في كل الأوقات على أطفالهم الذين يعيشون ويلعبون ويدرسون، داخل خيم  تُحاكي زمن العصر الحجري، وليس في مدارس من تصنيف خمس نجوم كما حال أطفال فرنسا الذين تقطع لهم الطرقات عند دخولهم إلى المدارس، وقبيل خروجهم منها.

لعل “لوفيغارو” تعرف أو لا تعرف أن من يملك رفاهية التصويت على “استطلاعها” من السوريين، هم بالدرجة الأولى “أعضاء الجيش الالكتروني السوري” ذراع بشار الأسد الضاربة في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وماكينة تبرير مذابحه المتنقلة بحق شركائهم في الوطن، إضافة إلى قلة من اللاجئين الناجين بالمصادفة من الموت غرقاً أو من خلف القضبان أومن تحت البراميل المتفجرة والمشغولين بإثبات اندماجهم  في مجتمعات “الحرية والعدالة والمساواة الاجتماعية”، أو بالنواح على أطلال مدينة حلب الشهيدة كما سوريا كلها، التي لا يليق بصحيفة رزينة مثل لوفيغارو، أن تبدو وكأنها جزء من عملية الاغتيال والتغطية عليها، أو إنها إحدى أدوات  البروباغندا المنسقة والمسعورة لتحسين صورة السفاح بشار الأسد المشتبه فيه دولياً بارتكاب جرائم حرب.

 ولعل ما يليق أكثر بـ لوفيغارو” وسمعتها ومهنيتها، أن تسحب “استطلاع الرأي”، وتقدم اعتذراً لغالبية شعب منكوب تستبيحه الميلشيات الطائفية، وترزح بلاده تحت احتلال مزدوج إيراني – روسي.