نظام الأسد يجبر المطلوبين لـالخدمة العسكرية والاحتياط من شرق حلب على التجنيد بقواته
15 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
قبل أيام، خرج محمد والو من أحد الأحياء المحاصرة في شرق حلب التي سيطرت عليها قوات نظام بشار الأسد أخيراً لشراء بعض الحاجيات، ليكتشف لدى مروره على حاجز أن اسمه في عداد المطلوبين للخدمة الاحتياطية، ويتم نقله إلى مركز حكومي في غرب المدينة.
ويروي محمد (35 عاماً) في مركز للشرطة العسكرية في غرب حلب: “ذهبت من منزلي في حي الهلك الفوقاني إلى حي الميدان لشراء الأغراض مع والد زوجتي”.
ويوضح الرجل ذو العينين الخضراوين والذي يرتدي سترة جلد بنية اللون “لدى مروري على حاجز للجيش، أبلغوني أنني مدعو للاحتياط، وجئت لأن عليي (تلبية) نداء الواجب”.
وكانت تلك المرة الأولى التي يخرج فيها محمد الذي يعمل في إصلاح الالكترونيات من حي الهلك الفوقاني حيث كان يقيم منذ اندلاع النزاع. ويضيف: “كنا محاصرين وكانت هذه أول مرة ادخل فيها مناطق الدولة”.
وتوشك قوات الأسد إثر هجوم بدأه منتصف الشهر الماضي على السيطرة على معظم الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل المقاتلة منذ العام 2012، بعد معارك طاحنة مع الفصائل المعارضة. ويستعد اليوم آلاف المقاتلين والمدنيين لمغادرة ما تبقى من هذه الأحياء بعد اتفاق تم برعاية روسية وتركية.
ومحمد واحد من نحو 700 شخص نقلهم الجيش إلى مركز الشرطة العسكرية في حلب منذ بدء هجومه على الأحياء الشرقية، وفق ما يقول القيمون على المركز.
وعلى غرار محمد، يقف عشرات الشبان والرجال من فئات عمرية مختلفة في حلقة دائرية في باحة مركز الشرطة العسكرية في غرب حلب، وقربهم عدد من الضباط. وجميعهم من سكان الأحياء الشرقية المطلوبين للخدمة الإلزامية أو لخدمة الاحتياط في الجيش. ويصغي الرجال إلى شرح يقدمه رئيس فرع الشرطة العسكرية في حلب العميد حبيب صافي الذي يؤكد لهم أنهم “يعاملون وفق الأنظمة والقوانين النافذة”.
ويلزم نظام الأسد الشبان عند بلوغهم سن الثامنة عشر تأدية الخدمة الإلزامية في الجيش لمدة تتراوح بين عام ونصف وعامين. وبعد أدائه الخدمة الإلزامية، يُمنح كل شاب رقماً في الاحتياط ويمكن للنظام أن يستدعيه في أي وقت للالتحاق بصفوف الجيش خصوصاً في حالات الطوارئ.
وخسر جيش الأسد منذ بدء الثورة منتصف مارس/ 2011، عدداً كبيراً من جنوده. وقال رأس النظام بشار الأسد في مقابلة، أمس الأربعاء، مع قناة روسية إن الجيش تكبد “خسائر كبيرة بالعتاد والأرواح”، مضيفاً “لدينا الكثير من الجرحى الذين خرجوا عن إطار العمل العسكري بسبب عدم قدرتهم الآن على القيام بمثل هذه الأعمال”.
ونقلت وكالة الانباء الفرنسية عن العميد صافي قوله إن “تحرير الأحياء الشرقية في حلب يرفد الجيش العربي السوري بمجموعة من الشباب، سيشكلون في وقت لاحق قوى رديفة للجيش تقاتل في صفوفه”.
ويشير إلى أنه تم تجنيد “نحو 700 شخص بعد بدء الأعمال القتالية في شرق حلب والعدد إلى ازدياد”.
وبحسب العميد صافي، يخضع الأهالي الخارجون من شرق حلب لعملية تدقيق في سجلاتهم، ويتم “استقطاب كل من هو مدعو للاحتياط أو متخلف أو فار من الجيش ونقلهم إلى مراكز التجميع” حيث يخضعون خلال سبعة أيام لدورات تدريبية وإرشادات.
ويتم نقلهم بعد ذلك إلى مراكز يوزعون منها على مختلف تشكيلات الجيش التي تحتاج عديداً إضافيا، وفق صافي.
وخارج مركز الشرطة، ينتظر الأهالي ومعظمهم من النساء والأطفال لكي يسمح عناصر الجيش بدخولهم على دفعات إلى الباحة الخارجية للقاء أولادهم وأقربائهم.
وتقول افتخار لباد (45 عاماً) وهي تحمل حفيدها الرضيع وتنتظر رؤية ابنها أحمد: “لم نكن نعرف أنه مطلوب للاحتياط، حين أخرجنا الجيش قبل 15 يوما من حي طريق الباب” في شرق حلب”.
وتضيف وهي تضع حجابا أسود اللون على رأسها “انتظر رؤية أحمد الموجود في المركز”، مضيفة باللهجة المحكية “ربي يحميه”.
وتأمل هذه السيدة وهي واحدة من عشرات الأهالي الذين كانوا ينتظرون رؤية أفراد من عائلاتهم أن “تنتهي الحرب إن شاء الله (…) وأن يعودوا لبيوتهم وأولادهم”.
وعلى غرار افتخار، قصد أمين درزي (50 عاما) مركز الشرطة للاطمئنان على ابنه غداة وصول العائلة من حي الصالحين.
وعلى رغم إصابة ابنه البالغ من العمر 27 عاما قبل عامين بقذيفة تسببت ببتر أصابع إحدى يديه واستمرار معاناته جراء جروح في رأسه ورجله، نقل أمين إلى مركز الشرطة.
ويقول الوالد “عالجناه بعد الإصابة لكن ليس بالشكل المطلوب (…) لم أره منذ يوم أمس على أمل أن أطمئن عليه وأعطيه الدواء”.
ويشار إلى أنه بدأت، اليوم الخميس، عملية إجلاء المدنيين من الأحياء الشرقية المحاصرة بحلب، وتأجل الإجلاء صباح اليوم بسبب استهداف قوات الأسد والميليشيات الإيرانية للمدنيين.
[sociallocker] [/sociallocker]