فنادق دمشق..مأوى للنازحين وسكن للطلاب ومركز لاستقبال البعثات الدولية
16 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
المتابع للوضع الذي تعيشه سوريا يكاد يجزم أنه لا توجد أي ضرورة للفنادق في العاصمة دمشق، وذلك بسبب طبيعة الظروف والعمليات العسكرية المستمرة التي دمّرت السياحة، وبالتالي أنهت عمل الفنادق.
غير أن الواقع على الأرض يختلف تماماً، حيث وجدت هذه الفنادق دوراً لها بعيداً عن السياحة، وانقسمت إلى وظيفتين متباعدتين اقتصادياً، بعد أن كانت تستقبل السيّاح الأجانب.
جامعات ومساكن جامعية
إذا تجوّلت في ممرّات أحد الفنادق ووجدتَ لافتاتٍ على غرف مكتوب عليها “شؤون الطلاب، مخبر العلوم، الهيئة الإدارية، عميد الكلية” لا تتفاجأ فهذه الغرف لجامعاتٍ خاصة اتخذت من هذه الفنادق مقرّاتٍ لها.
مع الوقت تحوّلت خمسة فنادق ضمن العاصمة دمشق، ومنها فنادق “سمير اميس وأميّة” إلى مقّرٍ للجامعات الخاصة في قاعاتها السفلية. تلك الجامعات كانت مقرّاتها بالأساس في ريف دمشق، وعلى الاوتوستراد الدولي دمشق- درعا.
ليس هذا وحسب بل باتت الغرف الخاصة بالنزلاء مساكناً لطلاب هذه الجامعات، وذلك مقابل مبالغ مادية محدّدة.
وقد ذكر موظف في فندق “سمير اميس” خلال اتصال هاتفي مع “صدى الشام” أن الفندق أجرى منذ عام 2013 عقداً مع جامعات خاصة، لتنقل مقرّها إلى داخله وتبدأ بالعمل وإعطاء المحاضرات والتدريبات العملية في مخابرها ضمن قاعات الفندق.
وحول القيمة المادية لهذه الصفقة رفض الموظف إعطاء أي معلومات، لكنه أشار إلى أن تحويل مقرّات الجامعات الخاصة إلى الفنادق بات أمراً اعتيادياً وانتهجته عدّة فنادق، لافتاً إلى أنه فيما يخص سكن الطلاب، فإن الأمر لا يتوقّف على طلاب الجامعات الخاصة التي يستضيفها الفندق، حيث يستقبل الأخير طلاب أي جامعات حتى الرسمية للسكن فيه مقابل مبلغ مادي شهري.
وأرجع الموظف ـ الذي رفض كشف اسمه ـ ما آلت إليه حال الفنادق إلى الأوضاع السيئة التي يعيشها بعض الطلاب في السكن الجامعي في المزة، في حين أن فرصة الحصول على منزل مستقل باتت ضعيفةً جداً، ولا سيما مع بُعدها عن مقر الجامعات وغلاء أسعارها بشكلٍ كبير إذا كانت قريبة من منطقة المزّة، إضافةً إلى الموافقة الأمنية التي فُرضت على السوريين الساعين لاستئجار منزل، والتي تُعرّض صاحبها للمخاطرة وغالباً ما يأتي رَدُّها بالرفض.
وعن الأسعار بيّن المصدر أن الطالب إذا قرّر الحصول على غرفة منفردة عليه دفع 80 ألف ليرة، وإذا كانت مزدوجة 50 ألف، وإذا كانت ثلاثية 35 ألف ليرة شهرياً، مع تأمين كافة مستلزمات الفندق، كالمياه الساخنة والكهرباء المولّدة والبطانيات النظيفة غيرها.
مساكن للنازحين
لكل فندقٍ عمله الخاص في ظل الحرب، فعمل الفنادق ذي الثلاث نجوم يقتصر على استقبال الجامعات وطلابها، في حين أن الفنادق الشعبية ذات النجمتين فما دون، والتي تنتشر بشكلٍ كبير في منطقة “المرجة” وسط العاصمة بات لها دور آخر يتمثل باستقبال النازحين الذين فرّوا من مناطق تشهد عمليات عسكرية، ووجدوا في هذه الفنادق سيئة المرافق مكاناً لإقامتهم.
وقد طرحت “صدى الشام” مجموعة أسئلة على سكّان وباعة محلات في المنطقة كانت نتيجتها أن أكثر من نصف الفنادق تخصّصت بشكلٍ كلي أو جزئي في استقبال النازحين، وذكر المدير العام لأحد الفنادق في منطقة المرجة: “أن الفنادق التي استقبلت نازحين ندمت على هذه الخطوة”.
المدير الذي عرّف عن نفسه بـ”أبي محمود” قال إن وجود النازحين دمّر البُنى التحتية للفنادق وجعل بقية الزبائن ينفرون من دخولها بسبب الضغط العشوائي على مرافق الفندق، مضيفاً أنه على الرغم من سد الفراغ الذي تركه السياح بالأرباح الوفيرة التي يحقّقها أصحاب الفنادق من استقبال النازحين، إلا أن الكثير منهم وجدوا أن هذه الخطوة متسرّعة.
يتم تأجير الفندق للنازح بشكلٍ شهري ضمن نظامٍ يُعرف بـ “فواييه” وتختلف الأسعار حسب جودة الفندق ومَرافقه وموقعه، لكنها لا تقل عن 45 ألف ليرة للغرفة الواحدة، ولا تزيد عن 90، غير أن بعض أصحاب الفنادق يشترطون أن يعيش في هذه الغرفة عدد محدّد من الأشخاص، فيرفضون استقبال العائلة في غرفة واحدة إذا زاد عدد أفرادها عن 4 أو 5 أشخاص كحدٍ أقصى.
فنادق خارج السرب
كلما زاد عدد نجوم الفندق كلما فتحت الحرب له فرصةً أكبر لتحقيق الأرباح، وهو ما انطبق على الفنادق ما فوق ثلاثة نجوم المنتشرة في العاصمة دمشق، التي باتت تستقبل بعثات الأمم المتحدة، والمسؤولين الأجانب الذين يزورون العاصمة.
وقد رصدت صدى الشام أبرز عشر فنادق اختصت بهذه المهمة التي تحقّق أرباحاً طائلة، وجاء على رأسها فندق “فورسيزون” ثم الشيراتون، ثم “داما روز” الذي كانت إدارته تركية تحت مسمى “ديديمان”، ثم فندق “شام بالاس” و”بيت المملوكة” بدمشق القديمة، وهذه الفنادق تُدرّ مبالغ طائلة على نظام الأسد.
وكان النظام قد استولى سابقاً على فندق “فورسيزون” أحد أفخم فنادق العاصمة، بعد أن كان مملوكاً لشركة “القابضة للاستثمارات الفندقية” التي تعود ملكيتها للأمير السعودي “الوليد بن طلال”، وذلك بموجب قانون الاستثمار المعمول به لدى النظام، بعد مضي 10 أعوام على افتتاحه عام 2006، وفق ما كشفت صحيفة “اقتصاد”.
وذكرت شبكة “صوت العاصمة” أن فندق “فورسيزون” محجوز بنسبة 95% لصالح الأمم المتحدة منذ عام 2013 وحتى اليوم، ويضم عشرات القاعات الخاصة بالمؤتمرات والاجتماعات ومكاتب الموظفين والحرّاس وأجهزة متطورة.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]