المعارضة السورية واستمالة ترامب

17 ديسمبر، 2016

الاتحاد

يبدو الآن أن هناك فرصة سانحة أمام المعارضة السورية لإقناع الرئيس القادم دونالد ترامب بأن العمل معها يتطابق مع مصالح الأمن الوطني للولايات المتحدة.

خلال الأسبوع الماضي، أدى قياديان بارزان من المعارضة المدنية السورية زيارة إلى واشنطن للقاء نواب وخبراء من ذوي العلاقة بفريق ترامب الانتقالي. وكانت مهمتهما واضحة الأهداف، قدرما كانت عاجلة، وتتلخص في محاولة إقناع دونالد ترامب بأن حاجته إلى الثوار السوريين لا تقل عن حاجتهم هم إليه.

وقبل الانتخابات الأميركية، دأب ترامب على الإعلان عن مناهضته للمعارضة المدعومة من قبل الولايات المتحدة ضد نظام بشار الأسد، لاعتقاده أن واشنطن لا يمكن أن تفهم الحقائق المتعلقة بطبيعة أهدافها، وما إذا كان انتصار الثورة السورية أفضل من الإبقاء على نظام الأسد. وتعهّد ترامب بالتعاون مع موسكو لمواجهة «الإرهابيين» من دون الحاجة لمعرفة أصولهم ومشاربهم. وذهب في موقفه هذا إلى حد التصريح بأن مدينة حلب سقطت على رغم أن الثوار والمدنيين لا زالوا يقاتلون فيها من أجل البقاء على قيد الحياة!

والهدف الذي حاول قياديا المعارضة السورية تحقيقه هو إقناع الرئيس الأميركي المقبل بأن الحرب الأهلية في سورية، بما تنطوي عليه من تهديد للمصالح الحيوية للولايات المتحدة، لا يمكن إنهاؤها من دون تعاونهما. وخلال لقاء صحفي أجريته معهما، قالا لي إنهما يريدان مساعدة إدارة ترامب في العمل مع روسيا ضد الإرهابيين. وقال لي جواد أبو حطب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية المعارضة: «كان فحوى رسالتنا إليه هو أن المعارضة التي تحدث عنها، والتي قال إنه لا يعرفها، هي الأمة السورية والحضارة السورية. وعليه أن يبذل المزيد من الجهود حتى يعرفنا أكثر».

وتمثل الحكومة الانتقالية أحد فروع قيادة المعارضة السورية التي تتخذ من الداخل السوري مقراً لها. ولها ارتباطات بالمجالس المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار. وإذا كانت إدارة ترامب جادة في دعم المساعي الرامية لاستعادة المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم «داعش» في شمال وغرب سورية، فستحتاج إلى هذه الكيانات السياسية من أجل إعادة الاستقرار إليها وحكمها بعد الحرب.

يُذكر أيضاً أن الجنود العرب السُّنة الذين يقاتلون «داعش» في المناطق الشمالية من سورية يرتبطون أيضاً بالمعارضة المدنية. ويُعتبر الآلاف منهم جزءاً من الحملة التي تشرف عليها الحكومة التركية وتدعى «درع الفرات»، والتي تمكنت من انتزاع مساحات شاسعة من سيطرة الإرهابيين. وإذا لم يقرر ترامب الاعتماد على الأكراد السوريين الذين تعتبرهم تركيا إرهابيين وأعداء، فلابد له أن يحتاج لهؤلاء الجنود السوريين لاستعادة السيطرة على عاصمة «داعش» المزعومة مدينة الرقّة. وبدوره قال لي عبد الإله فهد، الأمين العام لائتلاف قوى الثورة والمعارضة، إن المعارضة السورية لا ترى مشكلة في خطة ترامب الرامية للعمل مع روسيا في سورية. وفي الحقيقة، كما قال، سبق للمعارضة أن التقت أعضاء من الحكومة الروسية من دون وجود ممثلين عن إدارة أوباما. وقال لي إن الحكومة التركية أشرفت على مفاوضات نظمت في أنقرة الأسبوع الماضي لوقف إطلاق النار في حلب. وعلى رغم تجاوزات الروس على الأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة في حلب، إلا أنهم متورطون في النزاع السوري للدرجة التي تستوجب اعتبارهم طرفاً في أي مفاوضات أو حلول مقبلة، وفقاً لرأي فهد. وقال أيضاً إن على ترامب أن يفرّق بين العمل مع روسيا ودعم إيران. وأشار إلى أن مصالح روسيا وإيران في سورية ليست متطابقة.

وكانت الحكومة الروسية قد قالت لقادة المعارضة السورية إنها أقل تمسكاً من إيران ببقاء الأسد في السلطة. وأشار أيضاً إلى أن العمل مع روسيا من أجل عزل إيران سيكون نافعاً لحلفاء أميركا في المنطقة. وتشعر المعارضة السورية بخيانة إدارة أوباما لها. وعلى رغم مرور سنوات من العمل معها على بناء علاقات قوية، فقد اقتنع ممثلو المعارضة بأن الرئيس أوباما بالغ في الوعود وقلّل من الوفاء بها.

يقدم تغير الإدارة في واشنطن فرصة لإعادة العلاقات إلى نصابها، ولكنه قد ينطوي أيضاً على المزيد من المخاطر. وربما يفكر ترامب في اتخاذ قرار يقضي بتجاهل الفصائل المعارضة الرئيسة ليلتفت إلى بعض الفصائل المعارضة الصغيرة التي تفضلها موسكو، إلا أن هؤلاء يفتقرون إلى المصداقية على الأرض، وأي صفقة يمكن عقدها معها لن تحظى بالتطبيق أبداً. والآن، يبدو أن هناك فرصة سانحة أمام المعارضة السورية لإقناع الرئيس القادم دونالد ترامب بأن العمل معها يتطابق مع مصالح الأمن الوطني للولايات المتحدة. ولكن، ماذا لو رفضها ترامب؟ يقول أبو حطب وفهد إن الشعب السوري الذي يمثلانه سيواصل المقاومة حتى من دون أن تقف الولايات المتحدة في صفّه.

(*) كاتب أميركي

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]