‘صورته في حلب اجتاحت الانترنت.. صالح لـالسورية نت: عانينا كثيراً ونساؤنا تقاتل ولا تنتحر إذا لزم الأمر’
17 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
مراد القوتلي – خاص السورية نت
لم يكن يعلم صالح أبو قصي، أن آخر صورتين له في أحد الأحياء المحاصرة شرق حلب قبل مغادرتها، ستنتشر على شبكة الانترنت وتصبح حديث وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، بوقوفه مع زوجته بجانب أحد الجدران المدمرة، وهما يتأملان عبارة “راجعين يا هوا”، ثم يقفان معاً وخلفهما عبارة “إلى من شاركتني الحصار.. بحبك”.
صالح (25 عاماً) الشاب الحلبي الذي يعشق مدينته التي ولد وتربى فيها، عاش كغيره من عشرات آلاف المدنيين في المدينة المنكوبة، فصول الحصار الشديد الذي فرضته قوات نظام الأسد وميليشياته على أحياء حلب، وعاش معهم أخطر لحظات يمكن أن تمر على حياة الإنسان عندما تتساقط الصواريخ والقذائف بالقرب منه.
في البداية كان الاعتقاد بأنه من الصعب الوصول والتحدث إليه، لكن توفر الانترنت في المكان الذي يعيشه به حالياً، بدد مصاعب التواصل، ومكننا من التحدث معه عن بعض ما عايشه ورأه خلال أيام الحصار الطويلة التي قضاها في حلب.
تحدث صالح في تصريح لـ”السورية نت”، عن مشاكل تنظيمية كبيرة شابت عمل الجهات الإغاثية، والخدمية، والعسكرية، وقال إن قوات المعارضة نظمت أمورها في وقت متأخر، معرباً عن أسفه حيال ذلك، لكنه أردف ذلك بالقول: “ورغم ذلك صمدوا”.
وأضاف صالح – الذي دأب خلال تواجده في حلب على التقاط صور النشاطات فيها – أن مخازن الإغاثة فُقد الكثير من محتوياتها بحلب، ما زاد من وطأة الحصار، والقصف العنيف الذي كان يتعرض له المدنيون بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة.
ويشير أن المستشفيات لم تعد تتحمل الأعداد الكبيرة من الجرحى، بسبب قلتها مقابل الأعداد الكبيرة للمصابين، ويقول إن “الكثير من الجرحى كانت تُتبر أعضاؤهم لعدم وجود وقت كافٍ لإجراء عمليات جراحية لهم”.
ووصف صالح نفوذ الميلشيات الإيرانية في حلب بـ”الكبير”، وقال إنها “طائفية بامتياز”، وأنها منتشرة بشكل واسع، حتى أنها تجند بعض السوريين في صفوفها، مشيراً إلى دورها في خرق الاتفاق الذي نص على إجلاء المدنيين، وقال إنها “قصفت أيضاً الأحياء السكنية بشكل كبير، رغم اتفاق الدول فيما بينه على تنفيذ الاتفاق”. ولفت إلى أن قوات نظام الأسد لا تستطيع أن تعصي أوامر الضباط الإيرانيين.
ولم تنتهي معاناة المحاصرين عند هذا الحد، فبحسب ما قاله صالح لـ”السورية نت” فإن السكان كانوا تحت ضغط نفسي كبير، ناجم عن الخوف من دخول قوات النظام إلى المناطق السكنية، لكنه شدد على أنهم كانوا “يثقون في الله، ومن بعده المقاتلين”.
وسرد صالح بعضاً من تفاصيل الحياة اليومية لآلاف المحاصرين، فتحدث عن أطفال كانوا يلعبون في الشوارع، ثم يتبدد وجودهم بمجرد سقوط صاروخ بالقرب منهم، لكن ذلك لم يمنعهم من التجمع مرة أخرى لمواصلة اللعب.
وفيما بدا أنه تسليم مطلق من سكان الأحياء المحاصرة، فقد كانوا يقطنون في أماكن غير آمنة لعلها تحميهم من حمم الأسلحة المتطورة التي كانت قوات النظام وميليشياته تستخدمها ضد المدنيين، ويقول صالح في هذا الصدد: “عندما يكون الصاروخ من نصيبك وفوقك فإنك ستموت”.
ومن كثرة القذائف التي كان يتعرض لها المحاصرون، يقول صالح إنهم “لم يعدوها”، لكنه أشار إلى أن عددها بالعشرات، وفي الفترة الأخيرة أصبحت تتساقط عليهم المئات منها.
وعند سؤالنا له عن الوضع المأساوي للأحياء المحاصرة، وما أشيع خلال الأيام الماضية عن تفكير وعزم بعض النساء على الانتحار خوفاً من وقوعهن بيد قوات الأسد وميليشياته، قال بطريقة حاسمة: “نساء حلب تقاتل ولا تنتحر إذا لزم الأمر”.
ويضيف صالح لـ”السورية نت” أن بعض المدنيين أحرقوا دراجاتهم النارية، وأجهزتهم الكهربائية، ويتلفون أغراضهم الشخصية قبل الخروج من أحيائهم، كي لا يستفيد منها قوات النظام وميليشياته.
ووصف الشاب الحلبي ردات فعل المدنيين المحاصرين عندما بدأوا يسمعون بمفاوضات لإجلائهم من أحيائهم، وقال إن “العالم فرحت بالفرج، رغم غصة الفراق، وصارت الأحاديث كلها تدور حول إلى أي جهة سيتوجه الناس، وماذا سيعملون، وما هو أول عمل سيقومون به”.
وفي حديثه عن الصورتين – المفعمتين بالحب – اللتين نشرهما على وسائل التواصل الاجتماع برفقة زوجته، فقال لـ”السورية نت” إن أراد أن يقول للعالم أن “الحرب لم تجعل من السوريين وحوشاً”.
وأضاف أن “هذه المشاعر هي التي تقوينا”، متساءلاً: “كيف أكون قوياً إذا لم يوجد لدي شيء أو أحد ما أدافع عنه، فالدفاع هو عن العرض، أو الوطن، أو المال”.
ولم يخف صالح حسرته على مغادرته لمدينته، وقال: الحياة في حلب مختلفة، وفي النهاية هذه هي المدينة التي تربيت فيها”.
وختم صالح حديثه لـ”السورية نت” بالقول: “نحن كشعب سوري، نشعر أننا لا نستحق العيش في هذا الكوكب، تعرضنا كثيراً للخذلان، والجميع يلعب بنا، وأصبحنا مجرد إحصائيات”. مؤكداً أن الثورة باقية في قلوب السوريين.
[sociallocker] [/sociallocker]