‘خبير: سوريا ضحية التوازنات السياسية الإيرانية’

17 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016

نشرت وكالة “الأناضول” التركية اليوم مقالاً للكاتب “تشغوم كمال” الباحث في الشأن الإيراني تناول فيه السياسة الإيرانية في سوريا، معتبراً أن سوريا باتت ضحية للتوازنات السياسية الإيرانية.

وجاء في المقال الذي حمل عنوان: “سوريا ضحية التوازنات السياسية الإيرانية” أن هناك تساؤلات كثيرة عن سبب عدم تبني الرئيس الإيراني “حسن روحاني” سياسة مرنة تتسم بالانفتاح والحوار البناء، ويراعي فيها مصالح شعبه، فيما يخص القضية في سوريا، كالتي تبناها أثناء مفاوضات بلاده مع الدول الغربية حول الملف النووي، والتي أدت في نهاية المطاف إلى بدء مرحلة جديدة، كانت أول بوادرها رفع العقوبات الاقتصادية التي كان يفرضها الغرب على طهران.

مضيفاً أن كثيرين يتوقعون أن “روحاني” كان يملك القدرة على إقناع القيادة الإيرانية في تبني موقف أكثر تسامحاً وعدم الغوص في أعماق القضية السورية.

ومع العلم بأن جميع المكاسب التي حققها “روحاني” من توقيعه الاتفاق النووي مع الدول الغربية، لم تعد بالنفع على المواطن الإيراني البسيط، الذي عانى طوال الأعوام الماضية من أوضاع اقتصادية متردية، وإنمَا كانت مكينة الحرب بالوكالة في سوريا، هي المستفيد الوحيد من رفع العقوبات الاقتصادية وما أعقبها من الإفراج عن أموال إيرانية كانت مجمدة لدى الغرب.

ويرى الكاتب  أن عدم اهتمام روحاني بتنفيذ الوعود الاقتصادية التي أخذها على نفسه أمام شعبه خلال حملته الانتخابية، واللامبالاة التي أظهرها تجاه الأزمة السورية، ينبغي البحث عن دوافعه، في التنافس السياسي على السلطة بين النخب الإيرانية. 

فوفقاً للكاتب فإن إيران على أبواب انتخابات رئاسية في مايو/ أيار 2017، فضلاً عن تفاقم مرض الزعيم الديني للدولة الإيرانية “علي خامنئي” البالغ من العمر 76 عاماً، وورود معلومات عن إصابته بسرطان البروستاتا، رغم سعي دوائر الإعلام في البلاد إلى إخفاء الأمر.

بالإضافة إلى أن “روحاني” يرى أن لديه أحقية للحصول على هذا المنصب، نظراً لكونه واحداً من رجال الدين الإيرانيين القلائل، الذين يمتلكون خبرة من الدرجة الأولى حول القضايا الأمنية، فضلاً عن امتلاكه معرفة كبيرة بالعقول الداخلية للقوات المسلحة الإيرانية، بما فيها قوات الحرس الثوري.

ومن الأمور التي تبرر هذه الرؤية أيضاً بحسب الكاتب، هو أن المرشد الحالي “خامنئي”، كان يتولى منصب رئيس الجمهورية، عند وفاة “الخميني”، المرشد الأول لإيران.

ومن الصعب أن يحسم أي شخص، من هو بالتحديد الذي يمكن أن يخلف مكان “خامنئي”، لكن الوضع سيكون أكثر وضوحاً حال فوز “روحاني” بفترة رئاسية ثانية في انتخابات مايو/أيار المقبل.

ويرى الكاتب أن في إفساح “روحاني” المجال لقوات الحرس الثوري، الحرب في سوريا، يبرر فكرة سعيه لإلهاء القوى المعارضة له من المحافظين والمتشددين، وصرف طاقاتهم ومعنوياتهم في الحرب، وذلك لقناعته أنهم سيكونون ضده، ولن يؤيده لنيل المنصب الأعلى في الدولة الإيرانية.

فكل يوم يرى الإيرانيون أبناءهم واحداً تلو الآخر، يعودون إلى أرض الوطن محمولين داخل نعوشهم، في خزي وهوان، الأمر الذي يُخفض من قوة وهيبة الحرس الثوري في أعين الشعب، وسيجبرهم على تبني موقف يتسم بالحوار والتصالح وتجنب الحرب في الجبهتين الداخلية والخارجية، حال إقدام “روحاني” على المنافسة على منصب الإرشاد.

ويذكر الكاتب أن من أهداف روحاني من هذه الحملة أيضاً، كسب ثقة رجال المذهب الشيعي في مدينة قم، وهم يشكلون مركز قوة كبير في إيران، حيث يعتبرون الحرب في سوريا، بمثابة مهمة إلهية؛ للانتقام من أحفاد يزيد بن معاوية (المسؤول عن مقتل الحسين بن علي عليه السلام).

وحول علاقات إيران مع واشنطن خلال فترة “دونالد ترامب”، يرى الكاتب أن من المتوقع حدوث تغييرات في السياسة الخارجية الإيرانية لتتجاوب مع المستجدات على الساحة الأمريكية، لا سيما أن نظام الحكم الجديد في الولايات المتحدة، والمتمثل في الحزب الجمهوري يشارك إيران عدداً من الخصائص المهمة.

فكلاهما يتمتعان بمهارة كبيرة في عقد اتفاقات سرية ولديهما تاريخ قوي في هذا الشأن. والأمر الثاني، اعتماد كليهما على مبدأ القوة في التعامل مع الآخرين، وثالثاً، عدم عبئهما بمصطلحات حقوق الإنسان والسجناء السياسيين والحريات والديمقراطية.

تجدر الإشارة أنه في 14 يوليو/تموز 2015، توصلت إيران إلى اتفاق نووي شامل مع القوى الدولية (مجموعة 5+1)، يقضي بتقليص قدرات برنامجها النووي، بعد حوالي عامين من المفاوضات، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها بهذا الخصوص.

وخلال حملته الانتخابية للرئاسة، وصف “ترامب” الاتفاق النووي بأنه “أسوأ صفقة بالتاريخ”، وأسماه بـ “الكارثة”، كما اعتبره “عاراً على الولايات المتحدة الأمريكية”، وتعهد بتمزيقه.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]