المعادلة الدولية لحل القضية السورية
18 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
عمر ديب زرزور
في بدايات الحراك الثوري عام 2011، لم تُصدّق القوى الدولية ما تشاهده من تسجيلات مصورة، تُظهر أعدادًا كبيرة من المتظاهرين السوريين المطالبين بالحرية وإسقاط نظام الأسد.
فزار سفير الولايات المتحدة الأميركية في سورية، روبرت فورد، في العام الأول للثورة مدينتي حماة وداريا، التقى خلالها بناشطين مدنيين، وعرف من خلالهم أنها ثورة شعب يطالب بالحرية والكرامة، ولا قيادة ملموسة حقيقية لها.
حاولت بعض دول الإقليم تقديم النصائح للنظام السوري، عبر حثّه على القيام بإصلاحات سياسية لامتصاص غضب الشعب، لكنه لم يستجب، بل توسع في استخدام القوة المُفرطة عبر نشر مزيد من قواته؛ لقمع المظاهرات في جميع المدن، ما أدى لموجات انشقاقات بين الجنود وضباط الجيش، وتشكّلت حينئذ كتائب مسلحة (الجيش الحر).
لجأ النظام السوري إلى ما يسمى بـ “الحرس القديم” الذي واكب ونفّذ وأشرف على مجازر النظام في الثمانينيات، وبدأ يُطبّق نظرياته في التدمير وقتل المتظاهرين في المدن والبلدات السورية، ولاحقًا أطلق من سجونه سراح عناصر من تنظيم “القاعدة”؛ ليشكّلوا -على الفور- تنظيمات إرهابية، تُبرر للنظام السوري محاربتها؛ بذريعة أنها إرهابية تُهدّد الأقليات.
انهارت قوات النظام، أمام ضربات المعارضة، وأخلت مساحات واسعة من الجغرافية السورية لقوات المعارضة، إلا أن ظهور تنظيم “داعش”، وتوسّع دوره التخريبي في العراق وسورية منح النظام فرصة جديدة للبقاء.
انقسمت دول الإقليم، أمام هذه الحالة، إلى قسمين: الأول يتمثل بإيران وروسيا، حيث دعمت الأولى النظام بقوة عسكرية كبيرة على الأرض، فيما وفرت له الثانية الدعم الجوي. الطرف الثاني هو تركيا وقطر والسعودية، وهذه الدول دعمت قوى الثورة المسلحة والسياسية؛ لتُمكّنها من الصمود أمام حلف النظام وداعميه.
اتفقت القوى العالمية جميعًا مع روسيا والصين على ضمان وحدة الأراضي السورية (لأن جميع هذه الدول مُعرّضة للتقسيم إن حدث ذلك في سورية)، لكنهم اختلفوا على من سيحكم سورية في المستقبل بعد انتهاء الصراع.
زادت محنة الشعب السوري، بوصفها نتيجة طبيعية لمحصلة صراع الإرادات الإقليمية والدولية حول سورية، فالجميع يعمل لإدارة الازمة، وتمرير الوقت، لتحقيق أجنداته الخاصة، وما عمليات استيعاب اللاجئين السوريين وتوزيعهم على العالم سوى الدليل على ذلك.
يبدو أن القضية السورية مؤجّلة الحل إلى أن تنضح المعادلة الدولية، وحتى تنضج، ستزداد الشروخ الاجتماعية عُمقًا بين الإثنيات السورية المختلفة، وستبقى إيران تعمل على تأجيج الطائفية ومأسستها سوريًا، من خلال صناعة مُنظمات طائفية رديفة للنظام السوري، كذلك سيرتفع منسوب الدعم الأميركي للحركة الكردية ويتعمق تسليحها، وهو ما يزيد الوضع تعقيدًا.
[sociallocker] [/sociallocker]