المصلحة الاستراتيجية


هي تلك المصلحة العليا والكبرى التي يسعى المرء إلى تحقيقها وعلى سبيل المثال فإن المصلحة العليا للمسلم هي الفوز برضوان الله عز وجل والظفر بأفضل مكان في جنات عدن.

يقولون: إن التكتيك يكون عبارة عن عبث إذا لم يخدم استراتيجية جيدة.

قامت ثورات الربيع العربي ولها هدف استراتيجي هو إسقاط النظم الفاسدة والظالمة وإقامة نظام سياسي تسوده العدالة والشفافية والحرية وكرامة الإنسان. 

نظام يحمي الأرض والعرض ويحقق طموحات المواطنين على المستوى الأخلاقي والروحي والمادي.. ويجعل من البلد بلدًا مزدهرًا ومنيعًا. 

القتال في الإسلام ليس هدفًا استراتيجيًّا، وإنما وسيلة لرفع الظلم وردّ كَيْد المعتدي، ونحن في سورية اضطررنا اضطرارًا لحمل السلاح بسبب ما لا يُحتمل من القتل والقهر الذي مارسه النظام المجرم ضد شعبنا. 

توافد الشباب المسلم لنصرتنا فجزاهم الله خير الجزاء، ولكننا لم نعرف كيف نتعامل معهم. 

كان المفروض أن نعمل كما عمل علي عزت -رحمه الله- حين منع القادمين إلى البوسنة من تشكيل كتائب منفصلة عن الجيش البوسني. 

القتال إن لم يكن لتحقيق مشروع سياسي يصبح هدفًا مستقلًّا وهذا مع مخالفته للرؤية الإسلامية مدمر للثورة والبلد، وهذا ما نعانيه اليوم مع بعض الفصائل التي لا تفكر إلا في دفع صيال المليشيات الإيرانية متناسين الهدف الأسمى للثورة ومتناسين المآسي اليومية لملايين السوريين المشردين في الأرض...

الفُرقة التي نعاني منها أنهكت قوانا ولهذا فإننا نشهد بين الفينة والفينة اندماجات بين بعض الفصائل دون أن نشهد لذلك أي أثر على الأرض.

لماذا؟؟

لأن الاندماج الحقيقي يكون في الانضواء تحت مشروع البلد الذي قامت من أجله الثورة. 

كل اندماج عسكري لا يقوم على رؤية موحدة للنظام السياسي الذي سيتم تشييده بعد النصر هو اندماج بائس لا يملك عوامل البقاء ولا النجاح وعاقبته الاقتتال والعداوة والتفكك كما حدث في أفغانستان بعد تحرير كابول.

وجود جيش ثوري نظامي تابع لقيادة سياسية موحدة شرط آخَر للتحرير وإلا فسيكون ما لا تحمد عقباه. 

علّمنا التاريخ أن الرجل الذي يملك المال والسلاح يتحول إلى أمير حرب يزدري السياسي ويصنع من نفسه صنمًا مع قدر كبير من الفشل والخيبة!

لدينا قوة عسكرية لا يُستهان بها ولكن من غير أي خطاب سياسي مما جعلها تبدو وكأنها مليشيات وليست أذرعًا لثورة من أعظم الثورات، وهذا بسبب عتمة الرؤية السياسية وافتقاد البوصلة الثورية!

لابد من العودة إلى روح وأهداف الثورة الأولى لنصوغ منها الغاية الاستراتيجية لكل أنشطتنا الثورية، ومن غير هذا سيكون الأفق مسدودًا مع تعاظم التكاليف!