الغارديان: “لماذا يمكن لمقتل الدبلوماسي الروسي أن يقرب بين تركيا وروسيا؟”


أحمد عيشة

من المرجح أن يجد إردوغان وبوتين أرضية مشتركة في رغبتهم بإلقاء اللوم على طرف ثالث في موت أندريه كارلوف.

رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين في تشرين الأول/ أكتوبر. يشير بوتين إلى اغتيال كارلوف على أنه “عمل استفزازي”. تصوير أوزان كوس / وكالة الصحافة الفرنسية/ صور غيتي

لقد استدعى مقتل الدبلوماسي الروسي رفيع المستوى في أنقرة، مقارناتٍ راعبة مع اغتيال الأرشيدوق فرانز فيرديناند في عام 1914، ودفع بعض المتابعين ليتكهن أنَّ اغتيال يوم الإثنين، يمكن أيضًا أن يوفر الشرارة لاندلاع مواجهةٍ إقليمية.

لكنّ الزعيمين الروسي والتركي تحركا بسرعةٍ لاحتواء أيّ ضررٍ يلحق بالعلاقات بين البلدين، وقال المحللون، من المرجح أن يجد كلٌّ من رجب طيب إردوغان، وفلاديمير بوتين، أرضيّةً مشتركة في رغبتهما بإلقاءِ اللوم على خصومهما الإستراتيجيين المعروفين.

أعلنت كلٍ من أنقرة والكرملين، أن اجتماع وزراء الخارجية والدفاع -في كلٍّ من روسيا وتركيا وإيران لمناقشة الخطوات المقبلة للحلفاء الثلاثة في سورية- سيمضي قدمًا في موسكو، كما هو مخطط له.

واتصل إردوغان مع بوتين لمناقشة مقتل أندريه كارلوف، وقال بعد ذلك، إنهما اتفقا على أنَّه “يجب أن يكون تعاوننا وتضامننا في مكافحة الإرهاب أقوى”.

وقال مصطفى أكيول، وهو معلقٌ تركي، يريد كلٌّ من رجب طيب إردوغان، وبوتين، أن يشيرا بأصابع الاتهام إلى خصومهما المعروفين، و”يعتقد كلا الجانبين بمؤامرةٍ غربية من شأنها أن تجعلهما مختلفين”.

وقال محللون دبلوماسيون، لا يوجد عند أيّ زعيمٍ الحافز لعرقلة اتفاق واسعٍ، كانا قد توصلا إليه حول سورية، ما يسمح لكل منهما بمتابعة تحقيق أهداف حربهما، فقد تكفلت تركيا بأنَّ توغلها في شمال سورية لن يقوم بأي شيءٍ لإضعاف الحصار الذي تفرضه القوات الروسية والقوات الموالية للأسد على حلب، وفي الوقت نفسه، تعتقد موسكو على نطاق واسع أنها قد أعطت موافقتها لتحقيق الطموحات التركية في الاستيلاء على بلدة الباب شمالي سورية، لتعزيز هدفها الأبعد في عرقلة تأسيس الاقليم الكردي، روج آفا، على الضفة الجنوبية لتركيا.

“لدى روسيا وتركيا جميع الحوافز لإدارة هذه الأزمة، فالإجلاء القسري من حلب يساعد في مسعى روسيا الحربي، في حين أن تركيا حصلت على موافقة روسيا في مسعاها نحو مدينة الباب، ما يهدف إلى إيقاف التوسّع الكردي” كما يقول أرون شتاين، وهو زميل بارز في مركز أبحاث المجلس الأطلسي.

وأضاف، من المرجح أن يجعل الاغتيال العلاقات الثنائية أكثر خللًا مما هي عليه بالفعل “دائمًا كانت لروسيا اليد العليا، وهذا ما يجعلها أقوى تمامًا”.

تزعم كلٌّ من تركيا وروسيا على حدٍّ سواء وجود مؤامرةٍ أوسع وراء إطلاق النار يوم الإثنين، حيث أشار رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إلى أن “قوى الظلام” تقف وراء القاتل، كما وصف بوتين اغتيال كارلوف، بأنه “عمل استفزازي” يهدف إلى إفشال العلاقات الروسية-التركية، مستخدمًا مصطلحًا مشتركًا وهو “مؤامرة من أعداء موسكو الأجانب”.

كان المعلقون الموالون للحكومة في كلا البلدين سريعين في الإشارة إلى وجوب أن تكون هناك أيدٍ غربية خفية وراء القتل، مرددين وجهتي نظر بوتين وإردوغان حول مؤامرة عالمية.

وزعم عضو مجلس الشيوخ الروسي، فرانز كلينتيسفيتش، أنّه “من المحتمل جدًّا أن ممثلي المخابرات الأجنبية لحلف شمال الاطلسي هم وراء” قتل كارلوف. وعضو آخر في المجلس ذاته، ألكسي بوشكوف، أنحى باللائمة على “الهستيريا السياسية والإعلامية” التي زرعها أعداء روسيا، وكتب على تويتر، إنَّ “السؤال الرئيسي هو من يقف وراء عملية الاغتيال، وبالتالي، فهي حرب غير معلنةٍ على روسيا”.

بدأ أنصار إردوغان في بث النظرية القائلة إنَّ القاتل كان من مؤيدي العدو السياسي لإردوغان، فتح الله غولن، وهو رجل دينٍ تركي يعيش في المنفى في الولايات المتحدة.

وقد اتهم الرئيس التركي الغولانيين بمحاولة انقلاب تموز/ يوليو ضدّه، مستفيدًا من الادّعاء مبرِّرًا لاعتقال عشرات الآلاف من أنصار غولن المزعومين في الحكومة والجيش والقضاء والصحافة، وكانت المطالبات التركية لتسليمه سببًا رئيسًا في توتر العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة.

وقال سنان أولجن، وهو دبلوماسي تركي سابق، والذي يعمل الآن في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، لن يؤدي الاغتيال الذي وقع في أنقرة إلى الأزمة نفسها في العلاقات، مثلما حدث عند إسقاط الطائرة الحربية الروسية جوارَ الحدود السورية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015.

وتابع أولجن “في هذه المرة، ليست هناك رغبةٌ من الجانبين في التصعيد، بل على العكس من ذلك، تميل البيانات الرسمية الأولى إلى وصف هذا الهجوم بأنه محاولةٌ لإفشال التقارب المستمر بين أنقرة وموسكو”.

“متطلعة إلى الأمام، وعلى الرغم من ذلك، تريد موسكو تحقيقًا شاملًا في طبيعة الهجوم، وذلك لتحديد الجناة. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا هجومًا شرسًا منفردًا، أو من فعل خليةٍ جهادية أكثر تنظيمًا اخترقت تطبيق القانون التركي”.

وافق مكسيم سوشكوف، وهو خبيرٌ في شؤون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الروسية الدولي، على أنه لا يوجد حافزٌ سياسيّ لدى كلٍّ من موسكو أو أنقرة لتحويل عملية القتل إلى أزمةٍ أوسع، وزعم بأن المقارنات المخيفة مع اغتيال فرانز فرديناند في سراييفو منذ أكثر من قرن من الزمان كانت في غير محلّها.

وتابع سوشكوف، “لقد كان لروسيا وتركيا في الآونة الأخيرة علاقاتٌ جوهريّة على المستوى العسكري والسياسي البارز، أوجه الشبه المزعجة مع بداية الحرب العالمية الأولى واضحة الأثر، لكن إذا نجح أردوغان في إدارة دبلوماسية الأزمة فعليًا وفي الوقت المناسب مع بوتين، قد لا تكون هناك عواقب وخيمة على حالة العلاقات الثنائية، فكثير جدًا هو منها في كفة الميزان لكلٍ من موسكو وأنقرة في الوقت الراهن”.

اسم المقالة الأصليWhy killing of Russian diplomat may well bring Turkey and Russia closer
الكاتبجوليان بورغر، Julian Borger
مكان وتاريخ النشرالغارديان، The guardian

19-12-2016

رابط المقالةhttps://www.theguardian.com/world/2016/dec/19/why-killing-of-russian-diplomat-is-likely-to-bring-turkey-and-russia-closer
ترجمةأحمد عيشة



المصدر