سالم الكتبي يكتب: خامنئي ودور إيران ‘الطيب’


سالم الكتبي

هاجم المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، مؤخرا، رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بسبب انتقادها لإيران على خلفية ما تمثله من تهديد للأمن في منطقة الشرق الأوسط، وكانت ماي قد ذكرت أنها “ترى بوضوح” التهديد الذي تشكله إيران على الأمن في الشرق الأوسط بسبب تصرفاتها العدوانية في المنطقة.

خامنئي لم يفنّد تصريح رئيسة الوزراء البريطانية ولم يتعامل معه بشكل مقنع، بل هرب كالعادة إلى الأمام، مشيرا إلى أن “بريطانيا كانت مصدرا للشر والبؤس (الذي حدث) لشعوب منطقتنا”، ومعتبرا أن تصريح تيريزا ماي ينطوي على ما وصفه بالوقاحة!

يدرك خامنئي أن السباب والشتائم لا يغيران من الواقع شيئا، بل ربما يؤكدان أن تصريحات رئيسة وزراء بريطانيا قد لمست وترا حساسا لدى نظام الملالي، وكان الأجدر به لو أنه يعتقد، مجرد اعتقاد، أن بلاده لا تلعب دورا شريرا في المنطقة أن يشير إلى معالم، ولو بسيطة، لدور إيراني “طيب” في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

تقول الحكمة إنه بإمكانك خداع الناس بعض الوقت ولكن من الصعب خداعهم طول الوقت، وهذا الكلام ينطبق تماما على الملالي، إذ يبدو أنهم يدركون أن بإمكانهم ممارسة سياسات مخادعة ومخاتلة والاستمرار فيها من دون أن يكتشف أحد أمرهم، أو يكشف الغطاء الذي يتدثّرون به في تدخلاتهم المدمّرة من دول عربية عدة.

رد فعل المرشد الإيراني يعكس غضبا إيرانيا شديدا للتقارب الحاصل في العلاقات مؤخرا بين قادة دول مجلس التعاون من ناحية، وبريطانيا من ناحية ثانية، حيث كانت قمة المنامة بمنزلة نقلة نوعية في العلاقات بين الجانبين.

إيران تستسيغ التدخل في شؤون دول عربية عدة، سواء عبر القوة المباشرة أو عبر وكلائها وعملائها في داخل هذه الدول، أو حتى تقديم من خلال الدعم والتمويل لمخططات التأثير سلبا في الأوضاع الداخلية لبعض الدول العربية، ولكن في المقابل تشعر طهران بالانزعاج الشديد في حال تعرضت لمجرد النقد من دولة كبرى بسبب تدخلاتها المفضوحة في ملفات إقليمية عدة.

لم يقدم خامنئي ما ينفي تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية وحديثها عن وجود مؤشرات عن دور إيراني مدمّر في منطقة الشرق الأوسط، فهي تحدثت عما تراه بوضوح كما قالت نصا، بينما اكتفى خامنئي بتوجيه السب إليها مكتفيا باستدعاء التاريخ، لعله يشفع لكلامه العدمي في عيون مؤيديه من الواهمين والمخدوعين.

تدخلات إيران الكارثية في سوريا والعراق واليمن ليست بحاجة إلى دليل أو برهان، ولا يكتسب وجودها المزيد من التعريف والانتشار لكونها وردت على لسان رئيسة وزراء دولة كبرى، فإيران أحد أسباب تدمير سوريا والعراق بسبب تمويلها وحشدها للميليشيات الطائفية، التي تقاتل في هذين البلدين العربيين.

تشعر إيران بالغضب إزاء الشراكة الاستراتيجية الجديدة المعلنة خلال قمة المنامة، التي عقدت مؤخرا بين قادة دول مجلس التعاون، وكانت الشراكة الخليجية – البريطانية إحدى ثمراتها اليانعة، الأمر الذي تشعر معه إيران بقلق شديد، لأنها تريد أن تواصل استعراض قواتها في هذه المنطقة الحيوية من العالم بمعزل عن عيون العالم وقواه الكبرى وفي خلسة من الزمن، وترى أن مخططها الاستعماري يمضي في سوريا على قدم وساق، وأنها ربما صارت أقرب إلى تحقيق حلمها القديم الجديد في المنطقة.

ما يتجاهله الجانب الإيراني أن مؤامراته واضحة وضوح الشمس، ولا يمكن إخفاؤها، كما لا يمكن الصمت دوليا حيالها، كما يتجاهل المرشد الأعلى أن دور بريطانيا القديم في المنطقة، الذي يدينه في هذا التصريح قد انتهى منذ عقود طويلة، وهناك متغيرات كثيرة جرت منذ ذلك الحين.

لست في مقام الدفاع عن بريطانيا ولا غيرها، ولكني أرى أن إيران بدأت تفقد أعصابها بمرور كل يوم من الأيام المتبقية على تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة في العشرين من يناير المقبل، حيث تدرك طهران تماما حقيقة نواياه وتوجهاته المتشددة حيال إيران، كما تشعر أن هناك صفقات استراتيجية تلوح في الأفق السوري تحديدا، ولذلك ربما تسعى إلى تسريع خططها العسكرية في سوريا ومحاولة تحقيق أكبر إنجازات ميدانية ممكنة قبل مجيء الإدارة الأميركية الجديدة.

تشعر إيران أيضا بضغط شديد بسبب مواقف إدارة الرئيس ترامب وفريقه الرئاسي الذي اختير العديد من أعضائه حتى الآن، وجميعهم تقريبا من المعادين لإيران ومن الذين يمتلكون خبرة عميقة بمناوراتها ومسالكها في الهروب والتملص من الالتزامات والقوانين الدولية.

المصدر: العرب

سالم الكتبي يكتب: خامنئي ودور إيران ‘الطيب’ على ميكروسيريا.
ميكروسيريا -


أخبار سوريا 
ميكرو سيريا