واشنطن بوست: “الكونغرس يريد تقوية ترامب للتفاوض بشأن سورية”


أحمد عيشة

السناتور ماركو روبيو (جمهوري-فلوريدا) يحضر جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في قاعة الكابيتول في واشنطن في 28 حزيران/ يونيو. (ماندل نغان/ وكالة الصحافة الفرنسية من صور غيتي)

يحاول الكونغرس جاهدًا أن يمنح الرئيس المنتخب دونالد ترامب، بعض النفوذ للضغط على حكومات كلٍّ من سورية وروسيا وإيران لوقف هجماتهم ضد المدنيين السوريين، وربما للتوصل إلى اتفاقٍ حول تسوية سياسية. إذا وافق ترامب على ذلك، فلن يكون قادرًا على التفاوض مع فلاديمير بوتين من موقع قوة فحسب؛ ولكنّه من الممكن أن ينقذ كثيرًا من الأرواح أيضًا.

كان معدًا أن تزداد الأزمة السورية سوءًا، لا أن تتحسن، خلال الأشهر المقبلة قبل بدء ترامب رئاسته، وقد أفرز انتصار الديكتاتور السوري بشار الأسد وشركائه في حلب، ضحايا جددًا نتيجة للوحشية، وموجةً جديدة من اللاجئين، وإنه من المرجح أن يشجع الأطراف المذنبة على مواصلة القتل عند اجتياحها المناطق التي كان يسيطر عليها المتمردون، نتيجة غياب الإشراف الدولي الحقيقي على الانسحاب.

وبينما يعتزم جيش الأسد، المدعوم بمقاتلي الميليشيات التي ترعاها إيران، وتغطيه الضربات الجوية الروسية، تحقيق نصرٍ آخر -على الأرجح معقل المتمردين في محافظة ادلب- فإن الحكومة الأميركية تقف على الهامش تهز إصبعها، حيث لم تعد تتفاوض روسيا بجديةٍ مع وزير الخارجية جون كيري، واصفةً تلك المناقشات بأنها “لقاءات غير مثمرة”، وصاروا يفضّلون التعامل مع تركيا بدلًا منها.

لم توضح إدارة ترامب المقبلة ما الذي تعتزم القيام به حيال سورية، على الرغم من أن الرئيس المنتخب قال بأنَّ لديه “أفكارًا قوية جدًا” حول هذه المسألة، وقد تمّت مناقشتها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث رشَّح صديقًا لبوتين، وهو الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل ريكس تيلرسون، ليكون وزير خارجيته.

إذا كان ترامب يخطّط لعقد صفقةٍ مع موسكو، فهو وتيلرسون، سيحتاجان إلى ما لم يقدمه الرئيس أوباما إلى كيري (بعض النفوذ للتفاوض) وهنا يأتي دور الكونغرس.

بعد شهور من المشاحنات وراء الكواليس، هناك تشريعاتٌ جديدة مقدّمة من الحزبين حول سورية، تجمع بين مساهمات مجلس النواب ومجلس الشيوخ، والتشريع، الذي قدم هذا الشهر من جانب السناتور ماركو روبيو (جمهوري- فلوريدا) وروبرت كيسي (ديمقراطي- بنسلفانيا) سيفرض عقوباتٍ على نظام الأسد وروسيا وإيران، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في سورية، كما يوفر إطارًا لمساعدة الولايات المتحدة إلى سورية للمضي قُدُمًا.

وفي معرض حديثه عن إراقة الدماء والعنف في حلب، سورية، خلال مؤتمر صحفي، في 16 كانون الأول/ ديسمبر، علق الرئيس أوباما على الإجراءات التي اتخذها والمسؤولية التي يتحملها. “إذا لم نستعد السيطرة على سورية، فنحن ذاهبون إلى المشاكل”. (رويترز)

“إنَّ مسار التحول السوري وقيادته في المستقبل قد يعتمد على ما تفعله الولايات المتحدة وشركاؤها الآن لإنقاذ الأرواح السورية، من تخفيف للمعاناة، ومساعدة السوريين في تحديد مستقبلهم” من مقدمة مشروع القانون.

حدّث كلٌّ من روبيو، وكيسي، مشروع القانون حول سورية الذي قدموه في عام 2013، وأدرجوا مشروع قانون العقوبات الذي تسمّى باسم المنشق السوري المعروف باسم قيصر، وأقرّه مجلس النواب بالإجماع في الشهر الماضي، كما تبنى أعضاء مجلس الشيوخ أيضًا مشروع قانونٍ مقدم من جانب النائب آدم كينزنجير (جمهوري) يهدف إلى منع إيران من المزيد من زعزعة الاستقرار في العراق.

“لقد حان الوقت بالنسبة إلينا لإبعاد خامنئي والأسد وبوتين، لأنهم يسعون إلى توسيع سلطتهم في منطقة الشرق الأوسط، ومشروع قانون العقوبات هذا هو أفضل فرصةٍ لدينا للقيام بذلك”، قال كينزنجير لي.

ومن شأن مشروع القانون أن يطلب من الإدارة تقريرًا عما إذا كان كبار المسؤولين في الحكومات الثلاثة متورّطين في الفظائع المستمرة، بما في ذلك منع المساعدات الإنسانية عن المحتاجين، وإذا كان الأمر كذلك، فلا بد من فرض عقوبات عليهم، وفي حال أوقف خامنئي والأسد وبوتين الفظائع، يمكن لـترامب أن يلغي العقوبات.

يريد الكونغرس أيضًا أن يفرض عقوباتٍ على قطاعاتٍ واسعة من الاقتصاد السوري وعلى البنك المركزي، كما سيجيز مشروع القانون أيضا زيادة المساعدات الإنسانية إلى سورية، ودعم الحكم المحلي، ودعم عملية الانتقال السياسي، وإنشاء صندوق لإعادة إعمار البلاد عندما تنتهي الحرب. وأخيرًا، فإنَّ مشروع القانون يتطلب تقريرًا عن فاعلية “مناطق آمنة” داخل سورية، والتي كثيرًا ما وعد ترامب بإقامتها، وآخرها في خطابٍ له يوم الخميس.

تيلرسون، الذي يتمتع بعلاقةٍ قديمة مع روسيا، كثيرًا ما قلّل من جدوى العقوبات كرجل أعمال. من خلال دعم هذه الحزمة العقوبات، قد يُقنع تيلرسون تمامًا روبيو وغيره من صقور الحزب الجمهوري -بما في ذلك السيناتور جون ماكين (جمهوري من أريزونا) وليندسي غراهام (جمهوري، كارولينا الجنوبية)- أن يبتعد عن الدفاع عن مصالح إكسون موبيل ليدافع عن مصالح الأمن القومي للبلد، ومن المؤكد أنَّ التشريع سيطرح في جلسة تأكيد ترشيحه.

إذا كان ترامب وتيلرسون لا يفضلان مشروع قانون روبيو-كيسي، فسيتوجب عليهما أن يشرحا ما الضغوط التي يخططان لتنفيذها ضد الحكومات السورية والروسية والإيرانية، ويبدو من غير المرجح التهديد باستخدام القوة العسكرية، حيث اكتشف كيري أنه من دون أي ضغط، إلّا العبث بنداءاتٍ من الولايات المتحدة، ما كان لدى بوتين الحافز البسيط لفعل أي شيء.

وإذا رفض ترامب فكرة زيادة الضغوط على الأسد وروسيا تمامًا، فإنّه محكومٌ بأن يكرر خطأ أوباما وكيري بالتفاوض من موقع ضعف، حيث ساهمت هذه الاستراتيجية فعلًا بإطالة أمد الحرب، وزيادة عدد القتلى من السوريين الأبرياء وتهديدًا متزايدًا للإرهاب المتدفق إلى المنطقة وموجهًا الى شواطئنا.

اسم المقالة الأصليCongress wants to strengthen Trump’s hand to negotiate on Syria
الكاتبجوش روجين، Josh Rogin
مكان النشر وتاريخهواشنطن بوست، The Washington Post

18-12-2016

رابط المقالةhttps://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/congress-wants-to-strengthen-trumps-hand-to-negotiate-on-syria/2016/12/18/9501e4e6-c3c9-11e6-9a51-cd56ea1c2bb7_story.html
ترجمةأحمد عيشة



المصدر