الشيوعية الماركسية


رلى العلواني

الشيوعية الماركسية أيديولوجيا سياسية واجتماعية، ترمي إلى السيطرة على مُقدّرات المجتمع لصالح أفراده بالتساوي، فتُلغي مفهوم الملكية الخاصة للسلع الرأسمالية، واستبدالها بمفهوم الملكية المشتركة، وتقوم على مبدأ تخصيص الموارد بحسب المادة وليس المال، وتعتمد على مبدأ المادية الجدلية (الديالكتيك) في تفسيرها للتاريخ.

الشيوعية في الإنكليزية (Communism) مُشتقة من كلمة يونانية تُشير إلى المُلكيّة المشتركة لخيرات المجتمع، والشيوعية لغةً تأتي من كلمة المشاعية، وهي ملكية الأراضي ووسائل الإنتاج، والشيوعيون هم الأفراد والأحزاب الذين تبنوا هذه النظرية الاجتماعية.

ظهرت الشيوعية الماركسية في القرن التاسع عشر، على يد عالم الاجتماع الألماني (كارل ماركس) الذي يُعدّ من أهم واضعي حجر الأساس للأفكار الشيوعية الماركسية، وأشهر كتبه (رأس المال)، ودعمه في أفكاره صديقه (فريدريك انغلز)، وقد توصلا إلى أن الاشتراكية هي النتيجة الطبيعة للتطور البشري من العبودية إلى الاقطاعية إلى الرأسمالية، وبأن الحل الطبيعي للوصول إلى الاشتراكية، هو ثورة الطبقة الكادحة على الطبقات المُسيطرة والثريّة.

ظهر مصطلح الماركسية – اللينينية المبنية على أفكار (فلاديمير المعروف بلينين) الروسي الأصل، الذي اعتنق الأفكار الماركسية وعمل على تلخيص أفكار ماركس وانغلز، ووضعها في منظومة مكتملة، وأسّس حزبًا سياسيًا ترأسه، “الحزب الشيوعي السوفياتي”، ثم خاض نضالًا طويلًا، حتى وصل إلى السلطة، عبر ثورة أكتوبر البلشفية عام 1917.

وحكم الحزب الشيوعي السوفياتي بالحديد والنار إلى أن انهار “الحزب الشيوعي” بعد أن تجزأ الاتحاد السوفياتي إلى عدة دول، ليحلّ محلّه “الحزب الشيوعي الروسي” عام 1993، بوصفه حزبًا معارضًا للسلطة الجديدة، لا حزبًا حاكمًا.

في عشرينات القرن الماضي تأسست أحزاب شيوعية في عدة دول عربية، منها سورية، لبنان، مصر، فلسطين، العراق، اليمن، وتبنّت تلك الأحزاب أفكار ماركس ولينين، وطرأ عليها بعض التغيير بعد انهيار الحزب الشيوعي السوفياتي، وهذه التغيرات لم تُغيّر في الأسس والمبادئ التي يقوم عليها “الحزب الشيوعي السوفياتي”، ولكن التغيرات كانت مُقتصرة نوعًا ما على التسميات، فظهرت هذه الأحزاب بأسماء مختلفة، ولكنها بقيت تحمل أيديولوجيا الحزب الشيوعي السوفياتي، وقد حاول بعضهم إحداث تغيير وتجارب في “الحزب الشيوعي”، أمثال الياس مرقص وياسين الحافظ.

إن انهيار الأحزاب الشيوعية في الوطن العربي تعود لعدة أسباب، منها أن الحركات الشيوعية العربية كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمركز الرئيس لـ “الحزب الشيوعي السوفياتي”، فكان من الطبيعي أن تنهار بانهياره، إضافة إلى أن الأحزاب الشيوعية العربية كانت مجرد ناقلة للأفكار الماركسية واللينية الغربية، دون إجراء أي تعديلات تتناسب مع خصوصيات المجتمعات العربية، وفي الوقت نفسه، كانت هناك حركات ماركسية خرجت من الاطار التقليدي لمبادئ الحزب وصدّتها الأنظمة العربية، وزجّت رُوادها في السجون لسنوات طويلة؛ ما زاد من ضعفهم، وهناك من الشيوعيين العرب من بالغ في تمسكه بالأفكار والنصوص الماركسية بوصفها مُقدسًا لا يمكن المساس به، متناسيًا أن الشيوعية ماهي إلا فكر اقتصادي وسياسي قابل للتعديل والتطوير.

في الآونة الأخيرة باتت الحركات الشيوعية الماركسية، أكثر اندماجًا بالواقع العربي، وبات أعضاؤها يشاركون في التجمعات المعارضة للنظم العربية المطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي والحرية والديمقراطية.




المصدر