قطار التهجير في طريقه إلى (مضايا) المحاصرة
22 ديسمبر، 2016
محمد كساح: المصدر
مع اقتراب قطار التهجير من نهاية رحلته في حلب، ينتظر المئات من شباب ومقاتلي بلدة مضايا المحاصرة بريف دمشق قدوم الباصات لتحملهم وعائلاتهم إلى الشمال السوري.
ودخلت مضايا ضمن اتفاق حلب لتخرج من الاتفاقية الرباعية التي ربطت مصير البلدة وجارتها الزبداني في الريف الدمشقي بقريتي الفوعة وكفريا بريف إدلب، فالعشق الممنوع الذي ربط بين البلدات البعيدة عن بعضها مئات الكيلومترات ربما سينتهي قريباً عشية ترحيل عشرات الآلاف من مدينة حلب في تراجيديا متتابعة اللقطات، ربما لن تكررها الأيام على مر السنين.
ويسعى “عمر”، وهو من أبناء مضايا، للخروج مع قافلة المهجرين نحو الشمال السوري مضطراً كما يقول، ويضيف في حديث لـ “المصدر”: “إن مسألة الخروج من البلدة أمر اضطراري ولا بد منه، وطبعاً نحن لا نتمنى هذا الشيء ولكن فرض علينا بعد معاناتنا الطويلة في ظل الجوع والحصار”.
ووفقا للاتفاق فإن خروج 1500 شخص من مضايا والزبداني مقابل نفس العدد من الفوعة وكفريا سيتم في المرحلة الثالثة، أي بعد الانتهاء من ملف حلب نهائيا.
ويشير نشطاء من داخل مضايا في تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن عدد الخارجين محدود، وحتى لو خرج كثيرون فإن رقماً كبيراً سيبقى في الداخل ينتظر مصيره المجهول، ويوضح “عمر” هذه النقطة قائلا: “لكن الرقم المحدد غير كاف، لذلك أناس كُثُر سيبقون داخل البلدة على مسؤوليتهم!!”.
وبدوره، الناشط “عمرو فضة”، في حديث من داخل مضايا لـ “المصدر” يقول: “من سيخرج هم المقاتلون وعائلاتهم فقط، ويوجد أشخاص مطلوبون للأفرع الأمنية ولا يعرفون ما مصيرهم بعد خروج المقاتلين”.
وبعيدا عن هذه المسألة يتمنى “فضة” الذي سجل اسمه ضمن قائمة المرحَّلين حدوث أي شيء يلغي التهجير، ويقول لـ “المصدر”: “أنا غير راغب في الخروج من بلدتي، لكنني أخشى دخول جيش النظام، وأغلب الناس على نفس الشاكلة”.
ومن جانبه يتمنى “عبد الوهاب أحمد” من كل قلبه أن ينتهي مسلسل الحصار حتى ولو كان بقطار التهجير، ويتحدث ملياً حول معاناة قاطني البلدة في ظل الحصار منتظراً بفارغ الصبر خروجه من هذا المجتمع الذي وصفه بالمريض نفسيا، على حد قوله.
ويقول “عبد الوهاب” مسجلاً انطباعه نحو الحصار لـ “المصدر”: “حوصرنا قرابة سنة ونصف، وتعرضت لسوء التغذية ثم لمرض الكواشير كور، وهو عبارة عن انتفاخ يصيب الجسم بسبب نقص البروتين، وكشخص محاصر اضطررت لبيع كل شيء، سيارتي وحليّ نساء أسرتي، وفي إحدى المرات اضطرت لشراء كيلو الرز بـ 100 ألف ليرة سورية”.
ولم يقتصر الحصار على الجوع فقط، بل تعداه لسائر جوانب المعيشة والخدمات، ويتابع “عبد الوهاب”: “بالنسبة للطبخ كنا نستخدم حطب الشجر، وعند نفاد الحطب أصبحنا نحرق عفش البيوت وأثاثها وأي شيء قابل للاحتراق. لو جئت إلى مضايا لرأيت الناس يسكنون في غرفة واحدة من البيت، والسبب هو إحراقهم لأثاث المنزل!!”.
هموم الحصار وحدت “عمرو فضة” و”عبد الوهاب” و”عمر”، ويشك هؤلاء في إمكانية توحدهم أيضاً في باص التهجير، ويعتقد “عمرو فضة” و”عمر” في حال خروجهما من مضايا أنهما سيكملان مشوار الثورة، “ما خرجنا في ثورة لنتنازل عنها” يؤكد أحدهما، أما “عبد الوهاب” فيصر على الخروج إلى تركيا هربا من شبح الحصار، وحتى يتمكن من ” تجميع ثروة تعوضه عن المال الذي خسره في سنة ونصف من الحصار”.
[sociallocker] المصدر
[/sociallocker]