مساعي الاندماج للفصائل العسكرية بسوريا.. القصة الكاملة


انضمت حركة أحرار الشام الإسلامية إلى معسكر الفصائل الرافضة لشروط قائد جبهة فتح الشام "أبو محمد الجولاني"، حيث شهد مجلس شورى الحركة تصويتًا قبل يومين على فكرة الاندماج بفتح الشام وحركة نور الدين الزنكي وأجناد الشام، تحت اسم الهيئة الإسلامية بقيادة أبو عمار العمر قائد أحرار الشام، في حين تكون القيادة العسكرية لأبو محمد الجولاني، ورئاسة مجلس الشورى لتوفيق شهاب الدين قائد الزنكي.

وكانت مصادر مطلعة على اجتماعات الاندماج بين الفصائل بصفة استشارية أكدت لشبكة ""، أن لقاءً جمع قادة الفصائل الأربعة (زنكي – أحرار الشام – فتح الشام – أجناد الشام)، تضمنت توافقًا مبدئيًّا على اندماج هذه الفصائل، تمهيدًا لالتحاق فصائل أخرى بالجسم المستحدث، إلا أن الأمر اصطدم بعدم موافقة فصائل عديدة حين عرض الفكرة عليها، أبرزها جيش الإسلام وصقور الشام وفيلق الشام وجيش المجاهدين، وبحسب المصادر فإن سبب عدم الموافقة يعود إلى طرح مشروع جاهز دون أخذ رأي الفصائل، واشتراط الجولاني أن يتسلم سلاح كل الفصائل خلال أسبوع واحد من تاريخ إعلان الاندماج بصفته القائد العسكري، بالإضافة إلى كونه نائب القائد العام، وعدم تعيين أعضاء هيئة سياسية إلا بموافقته، واشتراطه قطع العلاقة مع المجموعات الموجودة شمالي حلب، التي تقاتل تنظيم الدولة في عملية درع الفرات، حيث يتوجب على كل من يريد العودة من هناك أو الالتحاق بالعمليات أن يحسم أمره خلال 3 أشهر، وبعدها يمنع أي عملية تبديل بين المجموعات العسكرية الموجودة في مناطق سيطرة الكيان الجديد ومناطق شمالي حلب.

والسبب الثاني لاعتراض الفصائل بحسب ذات المصادر، أنها ترى وجوب قيام تشكيل سوري يتخذ من راية الثورة رمزًا له، لأنها تعتقد أن متطلبات المرحلة الراهنة تقتضي ذلك، في حين أن كلمة "السورية" من اسم التشكيل الجديد المطروح "الهيئة الإسلامية السورية" كانت محل جدل، حيث عارضتها فتح الشام.

الإصرار على مشروع وطني يرمز للثورة السورية أكده قائد جيش المجاهدين المقدم "أبو بكر" في تغريدة له على تويتر قبل أيام قال فيها:

" انتظروا منا ما يفرحكم بإذن الله باندماج قريب يشفي صدوركم ويحزن عدوكم بمشروع وطني يمثل ثورة هذا الشعب المكلوم ويعيد لثورتنا انبعاثها من جديد".

 

وسرد قائد لواء ذي قار، التابع لجيش الإسلام، والعامل في شمال سوريا "عبدالوهاب أبو علي" على حسابه في تويتر تفاصيل الانطلاقة الأولى لمحادثات اتحاد الفصائل، وأيده في روياته القيادي البارز في أحرار الشام "حسام سلامة"، الذي حضر تلك الجلسات التمهيدية.

وأكد "عبدالوهاب" أنه تمت دعوة الفصائل الثورية من قبل حركة أحرار الشام، وحضر عن الحركة كل من حسام سلامة والقائد السابق أبو يحيى الحموي، والقيادي البارز أبو البراء، حيث عرضت الأحرار على الفصائل مشروع اندماج، ووافقت الفصائل عليه دون شرط، وأبرز الموافقين كانوا جيش الإسلام وصقور الشام والجبهة الشامية وجيش المجاهدين، واقترح القيادي أبو البراء في نهاية الجلسة عرض الفكرة على فتح الشام أيضًا، ووافقت على ذلك الفصائل، واشترطت شرطًا واحدًا فقط، وهو تبني علم الثورة السورية للجسم الجديد، وأن تنصهر فيه فتح الشام كي تهرب من التصنيف الدولي، ووافق الجميع على ذلك.

وأضاف "عبدالوهاب" في شهادته: "وذهب أبو البراء لمقابلة الجولاني، وننتظر الرد منه، فتفاجأ الجميع أنه في اليوم نفسه ليلًا تم إعلان اندماج آخر يضم الأحرار والزنكي وفتح الشام، وقد وزعوا المناصب على أنفسهم، وجعلوا من أنفسهم أوصياء على الفصائل من دون مشورة أحد، وهذا سببه انقسام رأي الحركة إلى معسكرين، وهذا دفعنا إلى المضي بمشروع وحدة مع الفصائل المذكورة، ما عدا الأحرار، التي ما زلنا نتمنى أن تكون معنا في هذا الكيان الذي ينشده الشارع ويتحملوا مسؤولياتهم".

وعزَّز المتحدث الرسمي باسم صقور الشام "مأمون حاج موسى" رواية "عبدالوهاب" في منشور له على قناته الرسمية في تلغرام، أكد فيه توافق الفصائل على المشروع، إلا أن الأمر انقلب تمامًا بعد ذهاب أحرار الشام لعرضه على فتح الشام، حيث عاد مندوبو الأحرار للفصائل بمشروع جاهز مع توزيع المناصب القيادية، مع إغفال دور الفصائل الأخرى.

وأضاف "حاج موسى" في روايته: "فقلنا لا نقبل باندماج بشروط مسبقة، وهذا كان باتفاق الفصائل، وأرسلنا ورقة بأننا لا مانع عندنا من الجلوس معهم بشرط تصفير المشروع والانطلاق به من البداية دون قيد أو شرط، فردوا علينا لاحقًا بأن فتح الشام وافقت على ذلك عن طريق الزنكي، وقد أبلغَنا الزنكي والأحرار بهذا، فذهبنا والفصائل إلى الاجتماع، لنتفاجأ بأن الجولاني لا علم له إطلاقًا بذلك، ولم يخبره أحد برسالتنا التي قال الزنكي إنه أوصلها".

وأكد حاج موسى أن الفصائل بعد اجتماعها مع الجولاني وتأكدها أن اعتراضها على المشروع الرباعي بين أحرار الشام والزنكي وأجناد الشام وفتح الشام لم يصل للجولاني، اقترحت اقتراحًا جديدًا يتمثل في انطلاق المشروع من الصفر، وتعيين مجلس شورى من قادة الفصائل، بالإضافة إلى شخصيات مستقلة، ثم يقوم هذا المجلس بانتخاب قائد، إلا أن الجولاني أصر على المشروع الرباعي لتخرج بعدها الفصائل من الاجتماع دون اتفاق.

"حينها اقترحنا أن نعود للصفر ونبدأ المشروع مباشرة واختيار مجلس شورى من قادة الفصائل بالإضافة لأصحاب خبرة من خارج الفصائل وثم يتم اختيار القائد عبر الشورى، فأصر الجولاني على مشروعه حينها خرجنا من الاجتماع ولم نتفق".

وتفيد مصادر قيادية داخل أحرار الشام، أن الحركة ورغم رفضها للاندماج الرباعي فإنها في الوقت ذاته لم تتخذ قرارًا بعد بالعودة إلى المشروع الأساسي الذي التزمت وتوافقت عليه مع الفصائل الثورية الأخرى، الأمر الذي دفع بعض الشخصيات إلى التوسط لدى الفصائل التسعة وعلى رأسها صقور الشام وجيش المجاهدين، التي تعتزم إعلان اندماجها من أجل تأجيل المسألة، لعل تلك الشخصيات تتمكن من إقناع الأحرار بالعودة لمشروع الاندماج الأساسي مع تلك الفصائل، بحيث يشمل الاندماج أكبر عدد ممكن من الفصائل العسكرية.