أين المتحوّل؟

24 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016

إبراهيم صموئيل

على تقديري لكاريكاتير الفنان سعد حاجو الذي صوَّر وجهَي صادق جلال العظم وأدونيس تحت عنوان “الثابت والمتحوّل”، فإني لم أعرف سوى الثابت إزاء الثورة السورية؛ سواء في موقف أدونيس، أو في موقف العظم، أو في موقف الطغيان؛ وهذه المواقف والمواقع -كلّها- مُعلنة، معروفة، اتّخذها أصحابها ومارسوها في وضح النهار.

فأدونيس لم يكفّ -منذ خروج أول مظاهرة سلميّة معارضة للطغيان- عن استهجان ما يحدث، واستصغار المتظاهرين، وإدانة أماكن تجمّعهم وانطلاقهم (المساجد)، مستخدمًا ثقافته وإمكاناته التعبيرية للتنظير وتبرير موقفه وموقعه الثابتين في معارضتهما الثورة والثوّار والمسار.

بل حتى في رسالته الشهيرة المُبكّرة التي وجّهها إلى “سيّده الرئيس المُنتخب للبلاد والشعب” (بحسب تعبيره الحرفي) استخدم أدونيس القماش نفسه -نوعًا ولونًا- والذي منه سيُفصّل -فيما بعد- مقالاته ومقابلاته ومقولاته في التَّذرّع حتى يومنا الحالي.

وكذا كان الحال بالنسبة لصادق جلال العظم. إذ لم نشهد غير الثبات في موقفه وموقعه إزاء الثورة السوريّة. كان مؤيّدًا لها، منتصرًا لناسها الذين هبّوا في وجه الطغيان، مثمّنًا شعاراتها، ومقدّرًا أهدافها وتضحيات أبنائها. وبقي كذلك حتى يوم رحيله.

لا في مقالاته قرأنا تغييرًا لما أعلنه وعُرف عنه، ولا في تصريحاته ومقابلاته التي أُجريت معه شهدنا تحوّلًا عن موقفه. اللهمّ إلاّ أن يكون -مع تصاعد الإبادة- قد لُوحظ ازدياد حميّته للثورة، وجلاء انتمائه إليها، ونمو أمله بانتصارها؛ وهذا أيضًا -في ما أحسب- من نوع ولون القماش نفسه الذي لم يُخْفِه العظم منذ انطلاق الثورة.

أما عن موقف وموقع الطغيان وسلطته المستبدّة، فلا حاجة لتأكيد الثبات فيهما، مذ عَنْوَنَ حربَ إبادته للشعب السوري -فجر الثورة- على لسان رامي مخلوف من أن أمن إسرائيل واستقرارها من أمن سوريّة (الأسد بالطبع) واستقرارها، إلى يومنا الراهن.

اللهمّ إلاّ أن يكون على ملاحظة ازدياد توحّشه وفتكه وإبادته وإفنائه الثائرين وغير الثائرين من الناس أجمعين، بيد أن هذه -أيضًا وأيضًا- من نوع ولون و.. مصدر القماش نفسه الذي سُلّم للابن من بعد أبيه، ليقوم كلٌ منهما -على التتابع- بإفناء البلاد ووأد أهاليها.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]