هرباً من الحصار وبحثاً عن لقمة العيش.. عشرات العائلات تنزح من حوض اليرموك بريف درعا

24 ديسمبر، 2016

مع استمرار الحصار الخانق المفروض على قرى حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، وتفاقم الأمور المعيشية وازديادها صعوبة، غادرت عشرات العائلات تلك المناطق باتجاه مدن وقرى نوى وسحم وتسيل وجلين ودرعا، في رحلة البحث عن الأمن و الأمان ولقمة العيش، وذلك بعد أن تقطعت بها السبل بغية إيجاد ما يسد الرمق، نتيجة الاشتباكات القائمة في المنطقة، بين الجيش الحر من جهة، وبين “جيش خالد بن الوليد” المبايع لتنظيم “الدولة الإسلامية”، من جهة أخرى.

وقد نتج عن تلك الاشتباكات توقف للأعمال والأنشطة الحياتية وحركة البيع والشراء، لعدم دخول أي مواد استهلاكية أو مواد أخرى إلى المنطقة منذ نحو شهر.

وأشار مصدر من داخل قرى حوض اليرموك إلى أنه “على الرغم من المناشدات التي أطلقها الأهالي والمجالس المحلية هناك بضرورة إدخال الخبز والطحين إلى المنطقة، إلا أن الأمور مازالت على حالها،  فالخبز منذ بداية الحصار دخل مرة واحدة قبل عدة أيام”.

ولفت المصدر إلى أن الطريق يفتح بشكل جزئي، ولساعات محددة، أمام أهالي قرى حوض اليرموك، لتأمين احتياجاتهم بشكل فردي من سحم وتسيل، وذلك سيراً على الأقدام.  

وأضاف المصدر أنه “وأمام هذا الوضع، غادرت عشرات الأسر المنطقة بعد أن توقفت الأعمال، واستهلك الناس كل المؤن الشتوية”، منوهاً إلى أن ظروف المنطقة تزداد صعوبة مع مرور كل يوم، بسبب عدم وجود المواد الاستهلاكية والأدوية العلاجية والمشتقات النفطية، التي تسبب فقدانها وعدم توفرها، بتوقف المزارعين أيضاً، عن  زراعة وحراثة الأراضي الزراعية، للموسم الشتوي الحالي.

من جهته، أكد “أبو رائد” لموقع “اقتصاد”، وهو موظف متقاعد، أنه لم يعد يرغب بالبقاء في المنطقة، وغادرها إلى مدينة درعا، لافتاً إلى أنه استأجر منزلاً في المدينة، ويسكنه مع أسرته، بعد أن أصبحت الأمور في منطقة حوض اليرموك مكاناً صعباً للعيش الآمن.

وأضاف: “أنا موظف متقاعد وأموري سليمة، وأبنائي وبناتي في الجامعات، يعني نحن لسنا  مضطرين للبقاء هنا بعد أن وصلت الأمور إلى هذا الحد”.

فيما أكد “سليمان”، 39 عاماً، وهو بائع بسطة خضار، أنه غادر المنطقة مع أسرته إلى مدينة نوى، بعد أن فقد مصدر رزقه الوحيد في بيع الخضار والفواكه، لافتاً إلى أنه يعمل هناك بائع بسطة خضار أيضاً، لأنه لا يجيد أي عمل آخر.

وأضاف بحسرة: “يبدو أن مصيرنا سيبقى هكذا، تهجير ونزوح من مكان إلى آخر”، مشيراً إلى أنه عاد إلى ريف درعا مؤخراً، بعد أن قذفته السلطات الأردنية من الأردن، الذي لجأ إليه مع اشتداد المعارك قبل عامين، وذلك بعد أن ضبطته تلك السلطات يمارس مهنة خارج الأماكن المخصصة للاجئين السوريين.

فيما أكد “قاسم”، 27 عاماً، أنه انتقل مع عائلته إلى بلدة المزيريب بعد أن توقف نشاطه التجاري في مناطق حوض اليرموك، لافتاً إلى أنه كان يعمل هناك بتجارة المشتقات النفطية، وكان يحصل منها على دخل جيد، لكن مع ظروف الحصار، ومنع دخول هذه المواد إلى قرى حوض اليرموك، أوصدت الأبواب  في وجهه، كما قال، ما دفعه إلى النزوح إلى مكان آخر بحثاً عن لقمة عيشه.

وأضاف: “كان عندي سيارة زراعية، وضعت عليها صهريج كلفني مبالغ كبيرة، كل ذلك بهدف التجارة بالمازوت والبنزين، لكن توقف إدخال هذه المواد تسبب بقطع رزقي، وأنا هنا أقوم بتوزيع هذه المادة إلى عدة قرى، وأحصل على أرباح معقولة لقاء ذلك”، لافتاً إلى أنه يتنقل من أجل الحصول على تلك المواد، إلى ريف درعا الشرقي، ويحصل عليها من تجار محافظة السويداء.

من جهته، قال “أبو عامر”، 65 عاماً، “أنا مزارع أعمل في زراعة الأرض منذ أكثر من خمسين عاماً، لكن أعمالنا الزراعية في منطقة حوض اليرموك توقفت بشكل كامل منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وذلك بسبب عدم توفر الأدوية الزراعية والأسمدة، زاد عليها خلال العامين الماضيين الاشتباكات والحصار، ما دفعني أنا وأسرتي إلى النزوح إلى بلدة جلين، واستئجار بعض الأراضي، وزراعتها بالمحاصيل الحقلية والخضار، وذلك للحصول على مصدر رزق نستطيع العيش من خلاله”، لافتاً إلى أن أسرته مكونة من 9 أفراد، وتتخذ من العمل في الزراعة مهنة أساسية لها.

فيما أكد المهندس الزراعي علاء، 32 عاماً، أنه غادر المنطقة إلى ريف درعا الشرقي، بعد أن توقف النشاط الزراعي في قرى حوض اليرموك وتوقف محله الزراعي عن تأمين بعض المواد والبذور، لافتاً إلى أن مصادر رزق الناس توقفت في تلك المنطقة التي تشهد قتالاً دامياً منذ عامين، الأمر الذي أدى إلى تعطيل دورة الحياة الطبيعية فيها.

وأضاف: “إذا استمر هذا الوضع على حاله  في المنطقة، ستلجأ عائلات كثيرة إلى النزوح منها”، داعياً إلى ضرورة حل الوضع القائم بطرق سلمية، تؤدي إلى توقف حمام الدم بين أبناء المنطقة الواحدة, وأبناء الدين الواحد، حسب وصفه.

وتشهد قرى حوض اليرموك، التي تعتبر مركز نفوذ لـ”جيش خالد بن الوليد” المبايع لـ “تنظيم الدولة”، منذ أكثر من عامين، معارك واشتباكات، بين الجيش الحر من جهة، وبين “جيش خالد بن الوليد” من جهة أخرى، ما تسبب بإغلاق الطرق التي تربط منطقة حوض اليرموك بباقي المناطق في ريف درعا الغربي، وأدى إلى حصار خانق، فقدت خلاله المواد الأساسية، لاسيما الخبز والطحين والأدوية العلاجية، ومختلف المواد الضرورية الأخرى.

اقرأ أيضاً : أطفالها يأكلون العشب وجرحاها يتعرضون لعمليات دون تخدير.. قصص مروعة عن حصار النظام لمضايا​

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]